ترامب والتأهيلي وسرّ إنعطافة عون!

ليبانون ديبايت

2017 -

أيار -

ليبانون ديبايت

رغم الكلام "الستيني" الدقيق الذي اعلن عنه الرئيس ميشال عون امس الاول، لكن ثمة من يحاول رمي التأويلات عليه وتبريره بسياقات متعددة كالقول مثلاً ان الغاية منه، دفع عملية التفاوض قدماً او تحفيزها، لكن اين هو هذا التفاوض كي يتم دفعه وتحفيزه؟

اعلان

لا زالت عملية النزاع الانتخابي مستمرة. لم يسجل لغاية الان اي خرق يحرك دائرة الجمود التي يبدو انها ستطول ومرشحة للتمدّد بعد موقف رئيس الجمهورية وما تبعه من تعليقات. وبدل ان يكون كلام الرئيس "محفزاً للدفع" كما تقول مصادر التيار الوطني الحرّ، تجمّد النقاش الانتخابي عن آخر عتبة وصل اليها دون اي تغيير. توقف الاتصالات او جمودها قبل ايام من جلسة 29 ايّار، ينم اما عن نية بتمرير هذه الايام بهدوء حتى يصار الى فتح عقد تشريعي جديد يفعل المحركات، واما ان الجميع ارتضوا بالواقعة، وبدأ كل منهم يحسب على آلته الحاسبة ارقام الربح والخسارة، بين النسبية او الستين، ولا ثالث لهما.

حساب الارقام غير محصور في جهة حزبية او سياسية واحدة، فالطلبات المقدمة الى مؤسسات الاحصاءات واستطلاعات الرأي للحصول على ارقام حول شعبية هذا الحزب او ذك في هذه المنطقة او تلك، تدل على اهتمام الجميع بمعرفة وتحليل حظوظه الانتخابية، ولكي يعرف اين توجد مكامن الخلل واين يجب تصليحها وشدها، قبل الذهاب الى عملية الاقتراع وخوض غمارها في اقرب موعد، والذي يبدو انه في شهر ايلول القادم، وفق ما اكد العليم بخبايا الطبقة السياسية، وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي قال: "في حال عدم الاتفاق على قانون فالانتخابات بايلول على قانون الستين".

جميع المفارق تقود الى نفس الدرب، اي الستين، الذي يبدو انه يسيّل لعاب بعض التحالفات الناشئة للظفر باكبر عدد من المقاعد، وهو بالتالي الواقع الذي فرض تضييع الوقت وتمييع البحث والمناقشات من اجل الوصول الى مرحلة الستين التي لا يتحمل مسؤوليتها الرئيس بقدر ما يتحملها كل الطقم السياسي دون استثناء.

بعضهم قرأ في خطوة بعبدا على انها اتت لتدارك ظرفٍ اقليمي صعب بدأ يتمظهر من زيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، والجو الذي ارساه، الذي يحتاج الى ترتيبٍ للبيت الداخلي كي لا ندخل قطوع اعادة تكوين المنطقة ونحن في فراغٍ حاد بالسلطة التشريعية التي هي عمود المؤسسات في البلد، فتدارك السياسيون الاسوأ وارتضوا بالستين، وان الرئيس عون في ما اقدم عليه، لم ينطق الّا بلسانهم وما يختلج صدورهم، امر لا تبدي مصادر سياسية معارضة عليه، والتي تؤكد لـ"ليبانون ديبايت" ان ترتيب البيت الداخلي في هذه المرحلة اولوية نظراً للتحديات، وعماد هذا الترتيب هو انتخابات، التي تدفع الدبلوماسيات الغربية من اجل اجراءها وفق اي قانون.

مصادر سياسية مواكبة اخرى تقرأ في خطوة عون على انها اتت كخدمة للتيار الوطني الحر ومشروعه السياسي الحالي القائم على تصحيح التمثيل المسيحي. رفع التيّار يافطة المختلط ومن ثم التأهيلي اللذان ينتجان" للثنائية" اكثر من 50 مقعداً مسيحياً بصافي الاصوات. اسقطت تلك الاقتراحات بسبب المعارضة الواضحة، وبعد الكثير من الشد والجزم، لم تبقَ سوى النسبية على اللائحة، تلك التي نبذها التيّار بحكم الواقع السياسي الجديد الذي لم يكن متوفراً يوم اختار السير فيها ببكركي. فبات الخيار واحد من اثنين، اما النسبية التي لا تعطي للمسيحيين ما يصبون اليه، واما الستين الذي يوفر لهم اكثر من 46 نائباً في حال سير الثنائية المسيحية مجتمعةً، ما سيعطي تقريباً نفس النتيجة المتوخاة من المختلط او التأهيلي.. فهل كان خيار بعبدا التعويض للتيار عن اخفاقات القانون واسقاط الاقتراحات؟

ربما نعم وربما لا، لكن الاكيد ان خيار الستين يصب بمصلحة تحالف القوات - التيار ومعهم تيار المستقبل الذي سيعيد تكوين حالته السنية عبر كتلة وازنة في حال حصول الانتخابات على اساس القانون النافذ بايلول. بعضٌ آخر يقول ان التيار وفي حال الذهاب الى الستين، لا يحتاج الى القوات اللبنانية التي يرصد تراجعها السياسي والانتخابي انطلاقاً من نتائج استطلاعات الراي الاخيرة المتراكمة، فيمكن عندئذٍ ان يخوض التيار المعركة بلوائح مغلقة ويعيد - ربما - انتاج تسونامي من نوع آخر! هكذا يردّد البعض.

في الخلاصة، الستين ليس هو بمؤذٍ للثنائية المسيحية ابداً وإن رفعت سقف معاداته وشيطنته، وليس مؤذٍ لبلاد تعيش على فوهة بركان المنطقة، التي يحتاج هذا الظرف لتنازلات وعض على الجراح تداركاً للاسوأ.