خاص "ليبانون ديبايت" - ميشال نصر :

بعيدا عن الاتفاقات والتسويات الظرفية التي توصلت اليها اجتماعات السراي العلنية ولقاءات الموفدين السرية ، بيّنت الايام الماضية ما كان خافيا . فانفجار الازمة الحكومية كشف المستور من جبل جليد التقاسم والمحاصصة القائمة على كل المستويات بعيدا عن جدلية الانقسام الآذاري بين ٨ و١٤ ، حيث اخترقت المصالح المشتركة الاصطفافات لصالح تحالفات جمعت الاضداد على حساب المبادئ والاهم السلم الاهلي الهشّ.

فقوى الامر الواقع العاملة على خط "المقاولات السياسية" من التعيينات مرورا بالصلاحيات وصولا الى النفايات ، كادت تسقط مظلة التفاهم الاقليمي والدولي التي ترعى الاستقرار الداخلي ، مع تحول مشكلة النفايات الى معضلة امنية ، اسقطت الخطوط الحمر ، ما دفع بمدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم الى التحرك جامعا في منزله ممثلين عن "حزب الله" والاشتراكي في محاولة لاحتواء تداعيات استمرار الاحتجاجات واقفال طريق الجنوب الرئيسي الممنوع بتكليف شرعي ، رغم تأكيد "الجنبلاطيين " ان ما تشهده برجا عاصمة التحركات ناتج عن خلافات داخل اهل البيت الموزعين بين "المستقبل" ، الجماعة الاسلامية" التي اطلقت شرارة التحركات قبل ان تفقد زمام المبادرة والسيطرة ، و"الشيوعي"، ومع دخول قوى سياسية على الخط مستفيدة من الفرصة لمعاقبة جمهور خصم باسلوب غير مباشر .

أيّا يكن فان الواقع يشير الى ان ما تشهده الساحة الداخلية ليس بعيدا عن شدّ الحبال الاقليمي الذي دخلت حلبته النفايات . ولكن كيف؟ يردد احد الاقطاب الدروز في مجالسه الخاصة ان الصراع القائم هو عملية ضغط سياسي من قبل "المستقبل" على النائب وليد جنبلاط مرتبطة بتصفية حسابات سابقة من جهة ، ليست السعودية ببعيدة عنها ، وباعادة انتشار للتيار وشدّ لعصبه في منطقة استراتيجية هي اقليم الخروب استعدادا لاي استحقاقات قادمة انتخابية كانت ام في الشارع من جهة اخرى . في مقابل استغلال واضح لبيك المختارة في اطار استراتيجيته لتحصيل المكاسب والارباح الخاصة مستفيدا من اللحظة الحالية الدقيقة ، والتي اجاد توقيت معركته على عقاربها ، محوّلا الوظيفة السياسية لمطمر الناعمة الى السلاح الافعل في معركته ضد التيار الازرق آملا في ابتزازه وتحصيل ما امكن تحصيله في اكثر من ملف .

وتروي الشخصية الدرزية في حديث لموقع "ليبانون ديبايت"، انه بعيدا عن القطب المخفية والسيناريوهات المحضرة للتمديد لشركتي "سوكلين" و"سوكومي" ، ثمة مستورا في مكان آخر يتمثل في محاولة النائب جنبلاط ادخال حفيد رياض الصلح "الشيعي" رياض الاسعد ، على خط النفايات ، تعويضا له عن الخسائر التي لحقت به في ملف الكهرباء، والتي تجاوزت الثلاث ملايين دولار، والدعاوى المرفوعة ضده من قبل "دباس " امام المحاكم ، علما ان مصالح تجارية تربط بين الاسعد وتيمور جنبلاط . امر لم يرق للرئيس السابق فؤاد السنيورة، بحسب المصدر، الذي اعتبر منطقة اقليم الخروب ارضا محرمة الا على جهاد العرب . هكذا اختلط حابل النفايات بوابل المذهبية لتشتعل فتنة جديدة سنية - درزية ، بيروتية - شوفية.

ويتابع المصدر ان الاشتراكي نجح في وضع لغم في دفتر الشروط ، يوم اشتعلت معركة خلافة "سوكلين" ، التي اضرت بمصالح كل من "سليمان بيك" و" الاستاذ نبيه" المستفيدان الاساسيان من الشركة الام، ما حال دون تقدم الشركات لمناقصتي بيروت وجبل لبنان بسبب الشروط التعجيزية وفي مقدمتها "حزورة" المطامر. هكذا كانت التمديدات الواحدة تلو الاخرى لمطمر الناعمة ، تزامنا مع دفع ملايين الدولارات وجملة توظيفات ، بعد "طنة ورنة" وكلمة سر تصل في اللحظة المناسبة .

كلمة سر يبدو انها بدأت تتبلور هذه المرة من جديد مع تحضير النائب جنبلاط القواعد المعترضة على امكان اعادة فتح مطمر الناعمة لاشهر معدودة مقابل شروط ، يقول المصدر لموقع "ليبانون ديبايت"، ان اولها هذه المرة مضاعفة المبلغ ليصل الى ٣٥ مليون ، على ان يدفع قسم منه للبلديات المعترضة، في انتظار ايجاد التسويات وتوزيع الحصص، لاعادة احياء المشروع الاساسي القائم على اربعة مطامر : سبلين ، الكوستا برافا، الحوض الرابع، بصاليم ، تتقاسم مغانمها القوى الفاعلة في تلك المناطق ، ومعامل للفرز والتوضيب.

فهل "تنفرج" في بيروت و"تنفلج "في الشوف ؟ وماذا تخفي "صفقة" السراي المسائية تحت الطاولة؟ وهل تسلك النفايات طريقها الى المطامر السرية؟ ومن هم اصحاب الدراجات النارية الذين هاجموا وسط المدينة بالنفايات واستكملوا اجتياحهم وصولا الى منزل رئيس الحكومة دون ان تحرك القوى الامنية ساكنا ؟ ومن هي الجهة التي تقف وراء تحركهم؟ وما هي الرسائل التي ابلغها "حزب الله" للمعنيين؟

الواضح ان المعالجات دائما ما تنتهي بقالب جبنة موزع بين السياسيين والمتعهدين حصصا بحسب الاحجام . من هنا وجب التوقف امام ما اعلنه الشيخ سامي الجميل عن صفقات بالملايين وسياسيين منتفعين ... من كل الاطراف .... باستثناء الكتائب عن حق .....