خاص "ليبانون ديبايت" - ميشال نصر:

اصبح من شبه المؤكد ان الايام القادمة ،وحتى مساء الاربعاء ،لن تحمل معها اي جديد على صعيد التحركات الميدانية ارتباطا بزيارة وزير الخارجية الايرانية الذي يصل الى بيروت بعد ظهر اليوم على ان يبدأ لقاءاته غدا ،وسط اجماع الاطراف السياسية على الاصرار الايراني بان تجري الزيارة بعيدا عن اي تشنجات في الشارع.

فطهران التي تحاول الظهور بصورة جديدة بعد ابرام صفقتها مع الغرب ،تبدو بحسب المعطيات الظاهرة اقل اهتماما بالتفاصيل الداخلية للملفات،من اليمن مرورا بسوريا وصولا الى لبنان،رغم الاهمية المطلقة التي توليها لبيروت ودمشق لارتباطهما المباشر بالصراع مع اسرائيل،في مقابل تركيزها على الجوانب الاستراتيجية،حيث يخطئ الكثيرون في قراءتهم لذلك الواقع باعتباره تراجعا او تنازلا وتسليما في بعض الملفات للارادة السعودية،وهو ما يجافي عمليا الواقع في معركة جمع الاوراق التي يمارسها الطرفان استعدادا للجلوس الى الطاولة،برعاية اميركية هذه المرة.

تحت هذه العناوين ترى مصادر مقربة من السفارة الايرانية لموقع "ليبانون ديبايت"، ان الوزير ظريف وخلافا لكل التوقعات لن يبحث في بيروت ملف رئاسة الجمهورية، اولا لان شيئا لم يتغير منذ زيارة وزير الخارجية الفرنسية لطهران وبالتالي فان موقف الجمهورية الاسلامية على هذا الصعيد لا يزال على حاله لجهة تشديدها على "لبنانية الاستحقاق" وعدم استعجالها في الوقت الحاضر على الضغط على حلفائها لحل هذا الملف، وثانيا لان الموضوع الرئاسي متروك للمفاوضات السعودية - الايرانية التي لم يحن وقتها ،رغم ان الملف اللبناني ليس في اولوية اجندة اي لقاء قد يعقد بين الطرفين حاليا. ومن جهة الثانية بالتأكيد لا ترتبط الزيارة بشرح الاتفاق النووي الموقع مع الغرب على اعتبار ان ذلك حصل خلال جولة سابقة.اذا ماذا يريد الضيف الايراني؟

تجيب المصادر ان الهدف الاول للزيارة هو التأكيد على ضرورة الحفاظ على الاستقرار السياسي الذي ارسته المعادلة الاقليمية - الدولية التي رعت تشكيل الحكومة السلامية بتوازناتها الحالية ،وهي الرسالة التي يحملها لقوى الثامن من آذار ، وارتباطا بذلك فانه سيتطرق الى ملف اساسي يتعلق بالتسويات التي يجري العمل عليها اقليميا والتي ستنطلق من سوريا على ما يبدو ،داعيا الاطراف اللبنانية الى حسن قراءة الاحداث والتطورات، اما في التفاصيل الدقيقة فانه سيبحث مع المعنيين كيفية استفادة طهران من الخبرة المصرفية اللبنانية ،مبديا استعداد الجمهورية الاسلامية للاستثمار في اكثر من قطاع وتقديم الدعم في بعض المجالات كقطاعي الكهرباء والنفايات.

على الجهة المقابلة تقف قوى الرابع عشر من آذار التي اشارت اوساطها الى انها تترقب الزيارة لمعاينة الموقف الايراني عن قرب ، معتبرة ان طهران تحاول ابقاء الباب مفتوحا "نصف فتحة" امام المبادرة الفرنسية ،لرغبتها في الانفتاح على اوروبا بداية وواشنطن في مرحلة لاحقة ما سيسهل الطريق امامها لتسوية اوضاعها مع المملكة العربية السعودية،معتبرة ان الوزير الايراني سينصح من هذا المنطلق حزب الله ومن خلفه العماد عون بضرورة الحفاظ على الحكومة واستمرار عملها، انطلاقا من بوادر بدأت تظهر عن توجه ايراني جديد في مقاربة الوضع اللبناني من خلال نقل الملف اللبناني الى عهدة الخارجية بعدما كان في عهدة الحرس الثوري، وهو ما ستبيّنه نوعية اللقاءات التي سيعقدها في بيروت.

واذا كانت ايا من الجهات اللبنانية لم تجزم في خصوص الشخصيات التي حددت لها مواعيد مع الوزير الايراني ،خارج اطار اقطاب الثامن من آذار، فان مصادر السفارة الايرانية لم تستبعد حصول لقاءات مع بعض اطراف الرابع عشر من آذار في اطار محاولات انفتاح ايران وشرح موقفها، في الحملة الدبلوماسية التي تخوضها،خاصة ان هذه القوى يمكن ان تلعب دورا بناء على صعيد تقريب وجهات النظر بين الجمهورية والمملكة.

درجت العادة ان تتولى بشكل اساسي حماية الشخصيات الايرانية خلال زياراتها البيروتية مديرية المخابرات في الجيش اللبناني من خلال تأمين فوج المكافحة مواكبة الوفود وحماية الاماكن التي ستزورها ،في موقف ذات دلالة رمزية لجهة استبعاد قوى الامن الداخلي بما تمثله ، في عملية تقاسم الاجهزة بين الدول . امر يستمر سار المفعول على ما يبدو خلال هذه الزيارة ايضا ،بانتظار تبدل الاحوال وربما .... التحالفات.