"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر :

ان يطلق رئيس مجلس النواب دعوته للحوار من النبطية، ليس بالامر المفاجئ، لا للاطراف السياسية التي اطلعت على خطوطها العريضة، ولا للمواطنين العاديين الذين درجوا على "شم" روائح الاحداث من التسريبات، رغم التوقيت المدروس الذي استوجب "ضربة معلم" بين مظاهرة نهاية المهلة للحكومة والتحرك العوني الموعود الجمعة المقبل ، ليجهض اقله الثاني عبر الاحراج والاخراج من الشارع .

اخراج لن يكون سهلا، اذ جاء الهجوم المضاد سريعا عليه، استباق الجمعة بتجمع لقطاع الشباب في التيار الوطني الحر الاربعاء، واتصالات من تحت الطاولة بين العونيين وحملة "طلعت ريحتكن" لم تنتج حتى الساعة اي نتيجة، سوى فتح ملف الناشط "اسعد ذبيان" قضائيا بتهمة تحقير الاديان كنتيجة للحملة العونية المركزة.

لكن هل ينفع "الحوار المجلسي الملغوم" الذي لا يشبه في بنوده اي من خرائط طريق دعوات الاطراف لحل المعضلات القائمة؟ بالتأكيد التجارب السابقة لا تشجع، وسط المخاوف من اي يعيد التاريخ نفسه، طاولة مستديرة في ساحة النجمة ، فراغ رئاسي، حرب اسرائيلية، قرارات مع وقف التنفيذ، ٧ ايار ٢٠٠٨ تحت غطاء تحرك مطلبي للاتحاد العمالي العام،" دوحة ١ "، قانون ١٩٦٠ معدل للانتخابات النيابية ،العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، مع تعديلات بسيطة، ليحل تشرين بدل ايار و"عمان١" او "شرم الشيخ١" بدل الدوحة، وجان قهوجي بدل ميشال سليمان، وقانون نسبي هجين.

سيناريو يتحدث عنه الكثيرون ، ذاهبين الى حدود الحديث عن تقاطع حول التحركات الشعبية بين واشنطن وطهران مرورا بدمشق، بتمويل من مسؤول لبناني كبير يتولى تمويل التحركات والحملة الاعلامية، فضلا عن ادارته في الوقت ذاته "للفوضى المضبوطة" من خلال استقدامه لعشرات الشبان المتلطين تحت عباءته، وهو صاحب باع طويل في هذا المجال بعد التجربة التي اكتسبها في منطقته.

واذا كان الكثيرون يعتبرون ان الرابع عشر من آذار قد حققت انجازا في فرضها وجهة نظرها في مسالة اولوية بحث بند الرئاسة الاولى، فان القراءة الموضوعية والواقعية تبين العكس، ذلك ان بند الرئاسة ينص على التشاور حولها دون اشتراط ضرورة التوصل الى حسم هذا البند قبل الانتقال لبحث البنود الاخرى، لتكون بذلك تلك القوى قد حققت مكسبا شكليا يتمثل في الحفاظ على حكومة مشلولة الى حين يحين موعد انفجارها .

اما ابعد من ذلك فان "الاستاذ" لم يكن ليتحرك لولا المواكبة الاقليمية والدولية المؤمنة له، لتمرير الوقت الضائع، مضيفا حوارا جماعيا "عالضيق" الى لائحة الطاولات الحوارية المنعقدة دوريا هنا وهناك، بحكم ما تفرضه وقائع الاحتقان في الشارع، دون التوصل الى اي نتيجة، حيث تتحدث المعلومات عن تحركات "منسقة" على عين التينة- عوكر - المختارة، دخلت في عمق التفاصيل والحلول الممكنة، وهو ما يفسر الاندفاعة الترحيبية السريعة للرئيس الحريري، وسط تريث باقي القوى الاساسية في فريقه السياسي، التي قررت تلبية الدعوة بموقف وراي واحد، مدفوعة برغبة سعودية، تقابلها اخرى ايرانية كبادرة حسن نية تجاه الرياض وواشنطن ارادتها طهران من بيروت، بعد الزيارة الناجحة لوزير خارجيتها الى بيروت، بعد النكسات المتتالية في اليمن، ومقاسمة روسيا لها الاوراق السورية، والغرق في الوحول العراقية، فضلا عن سحب البساط الفلسطيني من تحتها، لتبقى الورقة اللبنانية الاقوى والصالحة لمقايضة ابعد من الاقليم اللبناني.

عليه ماذا سيكون الوضع؟ دون عناء وتفكير، وبعد تخطي حرد البعض لعدم تمثيله في الحوار، حيث رست بورصة المشاركين كالتالي:الرؤساء نبيه بري، تمام سلام، فؤاد السنيورة، ميشال عون، نجيب ميقاتي، ميشال المر، والنواب محمد رعد، وليد جنبلاط، جورج عدوان، ايلي ماروني، سليمان فرنجية، طلال ارسلان، ميشال فرعون، جان اوغاسبيان، اغوب بقرادونيان، قاسم هاشم، اسعد حردان، محمد الصفدي على ان يكون نجم الحوار وليد بيك، لتنتهي الجلسات الدورية ببيانات مطاطة تحمل التأويل مقدمة مادة دسمة بين المرة والاخرى ، والاهم ليبقى الشارع في حدود الضبط الامني والسياسي ..... لتأتي كلمة السر التي ستفتح القاعة العامة امام "الارنب الابيض" الخارج من قبعة "ثعلب الساحة ".... كما حصل عام ٢٠٠٨ وقبلها في ١٩٩٨