رأت أوساط سياسية في فريق 14 آذار تتابع تدرّج حراك "التيار الوطني الحر" في الشارع، ان بعد الخيبة التي مني بها رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون اثر التجربتين السابقتين لحزبه في الميدان، حيث لم يفق اعداد المشاركين العشرات في المرة الاولى امام السراي الحكومي، والمئات في المرة الثانية في وسط بيروت، فان الجنرال آثر توجيه الدعوة الى التحرك الثالث قبل اسبوع من موعده المحدد، خلال مؤتمر صحافي يوم الجمعة الماضي، لعلّ "الثالثة تكون ثابتة"، فبدأت منذ أسبوع التحضيرات اللوجستية والشعبية لتأمين أوسع مشاركة ممكنة في التظاهرة التي حدد موعدها في الخامسة والنصف عصر اليوم في ساحة الشهداء، تحت عنوان "وحدها الانتخابات بتنظف"، فالمرحلة الحالية تتطلب اظهار حجم "التيار" على الارض، ذلك ان حجم التجاوب مع الدعوة "العونية"، سيشكل استفتاء شعبيا على المطالب التي ينادي بها الجنرال وأولها الانتخابات الرئاسية من الشعب، او اجراء انتخابات نيابية سريعا وفق القانون النسبي، على ان ينتخب المجلس المنبثق عنها رئيس الجمهورية.

وتقول الاوساط ان العماد عون يولي التحرك العتيد أهمية قصوى، بدليل انه اجتمع شخصيا خلال الاسبوع الفائت مع القيمين على تنظيمه أكثر من مرة، كما أطلق قبيل ساعات منه نداء الى اللبنانيين "للتصويت بالاقدام" اليوم ورفع الصوت للمطالبة بالتمثيل الصحيح وبالحقوق وبالرئيس القوي، كما ستكون له كلمة تتوج التظاهرة اليوم، ترددت معلومات انه قد يلقيها شخصيا من ساحة الشهداء. وتوضح ان "اصرار عون على الحشد اليوم، أسبابه عديدة، أولها اظهار حجمه الشعبي الفعلي بعد المشاركة الهزيلة التي طبعت تحركاته السابقة، ثانيا، تعزيز موقعه التفاوضي الى طاولة الحوار التي تلتئم في 9 أيلول المقبل، والتي ستبحث الانتخابات الرئاسية، والحشد الشعبي اليوم اذا كان مقنعا، فسيثبّت عون كمرشح قوي على الساحة المسيحية. ثالثا، هو التحرك الاول للتيار البرتقالي بعد تسلم وزير الخارجية جبران باسيل رئاسته، بالتزكية. وسيسعى عون وباسيل من خلاله الى التأكيد للرأي العام "العوني" واللبناني، ان "التيار" لا يزال واحدا موحدا ومتماسكا، ولم تزعزعه الاصوات التي انتقدت من داخل "البيت" التسوية الرئاسية التي سمحت بوصول باسيل الى سدة رئاسته وأشرف عليها عون شخصيا. رابعا، تأتي التظاهرة اليوم بعد جملة تحركات للمجتمع المدني في الشارع، نجحت في حشد ما حشدته من جموع ممتعضة من أداء السلطة في ملف النفايات وغيره، فاقت أعدادها الآلاف، ما يشكل تحديا لـ"الوطني الحر" اليوم، فليس من مصلحة الاخير بعد رفضه تعميم تهمة الفساد ومحاولته دعوة اللبنانيين الى الانضمام اليه لان شعاراتهما الاصلاحية نفسها، الظهور بحشد خجول مقارنة بحجم الوفود التي نزلت الى الشارع في الايام السابقة، موجهة سهامها الى الفئات المشاركة في السلطة كلها، ومنها "التيار الوطني الحر".

واذ تسلّم الاوساط سلفا بان "حجم الاقبال على التظاهرة، ولو بدا كبحر برتقالي، فانه لن يغيّر في المشهد السياسي قيد أنملة، ولن يبدّل في الستاتيكو المتحكم بالواقع المحلي سياسيا"، سألت "هل يشكل مقدمة لتصلّب عوني اضافي في ملف الانتخابات الرئاسية ومسألة آلية عمل مجلس الوزراء، عشية الحوار المرتقب، ما ينسف أهداف عقده، ويزيد الواقع تأزما خاصة مع تفاقم الازمات البيئية والاجتماعية؟ أم أن عون قد يستخدمه لتكريس موقعه القوي مسيحيا، فيذهب منه نحو تنازل لا يقدمه الا الاقوياء، فتنجز الانتخابات الرئاسية، انقاذا للجمهورية"؟