"ليبانون ديبايت" - فادي عيد :

قرأنا في صالون سياسي أمس، افتتاحية موقع حزب الكتائب اللبنانية الإلكتروني، بعنوان "أعيدوا حساباتكم...عادت الكتائب!"، ليُجمع الحاضرون من نواب وإعلاميين من 14 آذار أو في فلكها، أن الإفتتاحية تلك تنضح بمزيج من النرجسية السياسية والإدعاء، وتنمّ عن عِقَد مستحكمة وأحقاد، سعى كاتبها إلى إمرارها بالحد الأدنى، فإذ بالمضمون المَرَضي يطغى على الشكل، ويعكس إصراراً على نقض التاريخ وطمس حقائق لا تلغيها مزايدات.

قال نائب حالي شارك في "ورشة الإستماع إلى الإفتتاحية المذكورة، "إن إطلاق حملة على من رفض الإنخراط في الحوار واتهامه بالرهان على موقع المراقب وعلى الفذلكات الإعلامية بهدف التشهير بالكتائب وقيادتها، ما هو إلا في إطار الهلوسة والسذاجة في قراءة المواقف"؛ ليتابع قيادي وإعلامي بارز من 14 آذار، ويدور في فلك القوات التي يتّهمها كاتب افتتاحية الكتائب بذلك، ويقول "إن من رفض المشاركة في الحوار، لم يرفض لمجرد التلذّذ بالمراقبة وتسجيل النقاط، بل إنه اتخذ هذا الموقف ليقينه بأن لا فائدة من الجدل البيزنطي والإستعراضات السخيفة واصطناع البطولات الوهمية في التصدّي للخصوم، لأن الوقائع أثبتت التوقّعات بأن الحوار مضيعة للوقت ولا يقدّم أو يؤخّر.

ليضيف نائب سابق شارك في صناعة زمن "قرنة شهوان"، إن ما يستدعي الإستغراب والتهكّم، هو ادعاء كاتب "الكتائب" أن الهدف من عدم الخوض في الحوار هو التشهير بالكتائب وقيادتها ضمناً. وكأن المسألة تنحصر بالكتائب والإلتهاء بالسجال معها والتسلّي بهاجس الأحجام، علماً أن المشكلة ليست مع الكتائب، بل هي أكبر من ذلك بكثير، أضاف النائب السابق، والقوات اللبنانية المقصودة بالنص الزاخر بالعِقَد لم تتوقّف يوماً عند هذا المنطق، فالأمر يتعلّق بالخلاف مع أكثر من فريق ومن خارج 14 آذار حول قضايا استراتيجية تتناول بقاء الدولة وعدم السماح باضمحلالها ورفض التمادي في تعطيل الإستحقاق الرئاسي. ليستغرب أحد البحّاثة من غير المسيحيين والمشارك في قهوة اللقاء تلك، "إني أعتقد أن الإصرار على استحضار زمن الحرب وقتال الإخوة ونبش ماضٍ طوى صفحته المعنيون به، يشكّل جريمة موصوفة بحدّ ذاتها، وكأن المطلوب أن يبقى الخلاف وأن تبقى الجراح مفتوحة، كي يَسعد حزب الكتائب في طبعته الجديدة وهو يبحث عن مكان ودور بين الكبار.

هنا تدخّل صاحب الدعوة وهو نائب ووزير سابق كان قريباً من "التيار الوطني الحرّ"، ليفصّل القول بقساوة غير معهودة، حاسماً أن أسلوب المضي في إطلاق التهم بقصر النظر وبالخيانة والإستفزاز والفرح باجتياح المناطق المسيحية في حينه، هو محاولة يائسة لإعمال السكين في الجرح، مقابل إظهار الرئيس أمين الجميل وفريقه وكأن لا علاقة له بما آل إليه وضع المسيحيين نتيجة سياساته الخرقاء، وإدمانه على الهزائم والزحف نحو دمشق لاستجداء التجديد أو التمديد، وترك البلاد في حالة انقسام وفوضى. وأضاف الوزير نفسه، إن الحقيقة تقتضي القول إن أمين الجميل هو من أتى بسمير جعجع وبميشال عون، ولولاه لما كانت قوات وتيار، وهو في الأصل لا علاقة له بتضحيات الكتائب وشهاداتها، لأنه كان دائماً يتصرّف بانتهازية كالفروع التي تنبت حول الجذع، ومَن سواه من دمّر الإنتصار التاريخي بوصول بشير الجميل إلى رئاسة الجمهورية، فبدلاً من تحويل استشهاده إلى فعل قوة وإيمان لتحقيق الحلم، عمل على نقضه وتحويله تدريجاً إلى أنقاض، وخير دليل ما قاله نجل بشير النائب نديم الجميل مهاجماً عمّه مباشرةً وفي ذكرى والده انه لو كان بشير حيّاً لما انهارت الدولة ولما استشرى الفساد. وهنا تدخّل احد الاعلاميين الممعن في التدخين واضفاء جوّ من سحر الدخان على الجلسة ليختم، ما من احد يلغي الكتائب بقدرالكتائب الحالية، وبأسلوب بدائي بشبه رغبة ذاك الضفدع بأن يبلغ حجم الثور فراح يبلع الماء حتى انتفخ وانفجر.