Beirut
16°
|
Homepage
مُهجَّر ومُستعمر
ثريا عاصي | المصدر: الديار | السبت 10 تشرين الأول 2015 - 5:57

لو كان لبنان ما يزال تحت سلطة المندوب السامي الفرنسي، لقلنا انّ هذه البلاد مستعمرة فرنسية. ما ينطبق على لبنان، ينطبق أيضاً على سوريا وعلى بلاد شمال افريقيا، على الجزائر بوجهٍ خاص.

لقد خاض الجزائريون نضالاً صعباً ومريراً من أجل انتزاع حريّتهم، وفرض احترام كرامتهم على المستعمر الفرنسي ! ما يجعلني في حيرة هو أنّ لبنانيين يحملون الجنسية الفرنسية، كانوا سينتفضون ويثورون، ربما، لو كان لبنان مستعمرة فرنسية. يبدو التناقض بوضوحٍ أكبر في موضوع الجزائر. كانت الهوية الوطنية هي المحور المركزي، من وجهة نظري، في صراع الجزائريين ضدّ المستعمر الاستيطاني.

مُجمل القول إنّنا نلاحظ منذ أن رحل المستعمر، حركة هجرة متصاعدة من البلاد التي كانت سابقاً مُستعمَرة، نحو حواضر الدول الاستعمارية، بتعبيرٍ آخر، تزايد طلب اللبنانيين على الجنسية الفرنسية (مثلاً)، رغم أنّ الدولة الفرنسية كانت تستعمر لبنان. أعتقد أنّ الأمر نفسه حدث بالنسبة للجزائريين أيضاً، ولآخرين.
يحسن التوضيح أنّي أتناول موضوع الهجرة الشرعية، وتحديداً أنا بصدد محاولة استكشاف أسبابها وإمكانية إرجاع بعض هذه الأسباب إلى نوعية الاستقلال الذي تأتّى عن النضال ضدّ المستعمر ! من البديهي أنّ إيفاء هذا الموضوع حقه يحتاج إلى تفاصيل لا يتّسع لها المجال هنا، لذا أقتضب فأقول :


ـ إنّ التسليم بأنّ الفئات التي تُمسك في الوقت الحاضر بالسلطة في البلاد التي كانت مُستعمَرة سابقاً، في لبنان على سبيل المثال، تختلف عن مثيلتها التي تسلّمت السلطة مباشرةً بعد رحيل المستعمر، بمعنى أنّ السلف كان أفضل من الخلف، التسليم بهذا لا يعفي من الاعتراف بأنّ الحكومات الحالية هي وليدة الظروف التي ساهمت في توفيرها حكومات الاستقلال الأولى. بكلام أكثر صراحةً ووضوحاً، يوجد في بلاد العرب منطق يجعل السلطة تؤول إلى الجنرالات، أو إلى أصحاب النفوذ الذين يتوكّلون أصلاً، بحماية أو بإطعام السلطة، وما أن يشتدّ ساعدهم يستولون عليها. ينبني عليه أنّ مسرى السلطة في بلاد العرب كان دائماً من سيىء إلى أسوأ، من سلطة وطنية يشوبها النقصان إلى سلطة من أجل السلطة، بل إلى الانحلال إلى سلطات متنازعة.

ـ أما لماذا احتاجت حكومات الاستقلال العربية الى حماية، فأغلب الظنّ أنّ مردّ ذلك إلى عدم التخلّق بأخلاق الأمة، وإلى ضعف تقليد احترام شرعية الدولة. هذا من ناحية، أما من ناحيةٍ ثانية، فإنّ هذه الحكومات واجهت حركات وأحزاباً سياسية وطنية، عبّرت عن طموحاتٍ بإنجاز الدولة الوطنية المستقلة، وعن رفض السياسات التي تتواصل مع تلك التي كان يطبِّقها المستعمر.

ـ نجم عنه أنّ حكومات الاستقلال تنكّرت باكراً للنخبة الوطنية التقدمية فضيّقت عليها، ومنعتها من الاتصال بالجماهير الشعبية بمختلف الوسائل والأساليب المعروفة، بدءاً من ترويج الإشاعات وانتهاءً بالاغتيال.

ـ كانت محصّلة ذلك أنّ المـشروع الوطني توقّف، وأنّ البلاد وقعت في أزمة راحت تتفاقم تدريجياً، فبدا التصادم بين النخبة الوطنية التــقدمية من جهة، وبين السلطة القمعية من جهةٍ ثانية، حتمياً. ولكن سرعان ما تبين أنّ الثورة ممنـوعة، وأنّ المانع هو المستعمر القديم. أي اتّضح أنّ السلطة الوطنية تحتمي بظلِّ المستعمر.
ـ نتج من ذلك نوع من الطلاق بين الناس وبين النخبة، دفع هذه الأخيرة إلى الاغتراب، وأحياناً كثيرة إلى الضياع والاضطراب العقلي.
ـ هكذا أُفرغت البلاد من الرأي والفكر، فلم تبقَ إلا سلطة الدولة التي بلغت أدنى درجات الوعي بحقيقة الوطن، من جهة، ورجل الدين وهو يمثّل سلطةً أكل الزمان عليها وشرب، من جهةٍ ثانية. من الطبيعي أن يشجّع ويدعم المستعمرون المواجهة بين هاتين السلطتين، فيحتقبوا أموال آل سعود أثناء حرب، أسموها ثورة، غايتها إعادة الناس إلى عصر الحجر.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
منصوري يكشف سبب تأخر المصارف بتطبيق القانون 166 9 بعد الإعتداء على محامية وتحرُّك القضاء... إليكم ما فعله الزوج! (فيديو) 5 بعد تغريدة أشعلت المملكة السعودية... وهاب "مُحاصر" بالشائعات! 1
كمينٌ مُركّب لحزب الله... إسرائيل تستخدم ساتر دخاني لسحب الخسائر! 10 إنخفاضٌ في أسعار المحروقات! 6 بلبلة في صفوف قوة الـرضوان والسيّد يتدخل شخصيًا... يا ويلكن ويا سواد ليلكن! 2
إهتمام قطري بآل الحريري 11 "إلغاء تعميم الـ 20 مليون ليرة"... بيان من "الضمان" 7 الساعات القادمة حاسمة... تحرّكات "مفاجئة" تلوح في الأفق! 3
جلسة التمديد تفضح علاقة باسيل بأعضاء كتلته… نائب يتحول إلى ساعي بريد 12 الحلبي يعدّل عطلة عيد الفصح الأرثوذكسي 8 إلى القوات وحلفائها… حان وقت الإستقالة 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر