هل ما زال الوضع اللبناني في خطر نتيجة تعاظم وتوسّع العمليات الإرهابية في العالم؟ وما طبيعة علاقة لبنان مع الدول في مجال مكافحته؟

تؤكد مصادر ديبلوماسية انّ لبنان ليس في منأى، أو في مأمن عن أعمال إرهابية متوقعة في أي مكان وزمان. وهذا الأمر لا ينطبق فقط على لبنان، إنّما على العالم كله الذي لم يعد في مأمن عنها، ما يستوجب جهداً دولياً وفاعلاً وإرادة سياسية، تجلّت أساساً في اجتماعات فيينا، وهذا يكمن بالتنسيق المشترك العسكري الأمني المخابراتي والذي يتم العمل عليه لاستئصال الإرهاب في عمليات محدّدة برضا كل الدول الفاعلة. وهناك ضرورة لمحاربة الإرهاب والتطرّف. وكل الدول توافق على أنّ الإرهاب لا ينتمي إلى دين أو طرف ويجب أن يتم اقتلاعه من اماكن انتشاره ومنع تمدّده، واجتثاثه من جذوره.

الحادث الروسي التركي خلق نوعاً من تحويل الجهد الدولي إلى معالجته، لكيلا يؤثر سلباً على مكافحة الإرهاب. بعد الدفع المشترك الروسي الفرنسي لمعالجته.

في لبنان يجب الحذر والتنبّه من أعمال إرهابية. وللمواطن دور كبير من دون أن يكون مخبراً، فيتم تقديم المعلومة للعناصر الأمنية التي تقدّر اهمية الموضوع، وبالتالي آن الأوان أن يساهم المواطن في التنبّه للأمن. هناك دول كبيرة ومن بينها فرنسا تحفّز المواطنين على دور تنبيهي وتحذيري إذا رأى أحد ما أي تحركات مشبوهة.

وأفادت المصادر ان لبنان يتعاون مع الدول في مكافحة الإرهاب بشكل لا يمسّ سيادته واستقراره الداخلي. وهو منخرط في عملية مكافحة الإرهاب بكامل إرادته، والجيش والقوى الأمنية مستنفرة في هذا المجال. والتعاون دائم لا سيما مع الأميركيين والأوروبيين، وهو يتجاوب مع أية طلبات حول ذلك، ضمن اطار القوانين اللبنانية، وحاجات لبنان وقدرته على المساعدة ضمن اطار الجهود الدولية، لا سيما التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، ولبنان عضو في التحالف. انه تنسيق تقني وعلى مستوى الخبراء ووزارة الخارجية تلعب دوراً مهماً في هذا المجال.

لبنان يطلب دعم الدول في مواجهة الإرهاب الذي بات منتشراً حول العالم. ولبنان دائماً يتمسك بالتعريف الصادر عن جامعة الدول العربية، بالنسبة إلى الإرهاب، والذي يستثني المقاومة. ما يبعد «حزب الله» و»حماس» عن التعريف بالإرهاب وتصنيفه. ولبنان يحترم القرارات الدولية الخاصة بالإرهاب الصادرة عن مجلس الأمن الدولي ويلتزم بها. هناك جهود فرنسية روسية قوية لتنسيق الإجراءات في مواجهة الإرهاب. الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زار موسكو، بعد زيارته واشنطن. هناك عمل فرنسي روسي جدّي لاستصدار قرار جديد عن مجلس الأمن الدولي يعرّف ويصنّف المنظمات الإرهابية. هذا أولاً بغية تحديد مَن سيعدّ غير إرهابي من المعارضة السورية ومَن سيعدّ إرهابياً. وهذا أيضاً له انعكاساته على معالجة الإرهاب ككل. كما يهدف القرار المنتظر إلى التوصل إلى مفاهيم مشتركة حول مفهوم الإرهاب، وتنسيق العمليات العسكرية لمواجهته. أي ان هناك تنسيقاً بين الدول كلها التي باتت حليفة لا سيما في تبادل المعلومات والعمليات المشتركة. بسبب الرئيس السوري بشار الأسد حصل انقسام دولي، لكن بسبب مكافحة الإرهاب جرى توحيد المجتمع الدولي.

وتشير المصادر الى أنّ هناك فارقاً بين الإرهاب والمقاومة، أي بين الإرهاب و»حزب الله» بالنسبة إلى لبنان. لكن هذا الفارق لا ينطبق على نظرة الولايات المتحدة والغرب عموماً للموضوع. «حزب الله» اعترض على قرار مجلس الشيوخ الأميركي حول اعتباره إرهابياً. وعلى الرغم من اولوية التحرك الغربي لمواجهة «داعش» فإنّ الدولة العظمى لم تنس موقفها التقليدي من «حزب الله».

الفارق بين «داعش» و»حزب الله» هو أنّ مكافحة التنظيم ودولته تنص عليها قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي، إنّما ليس هناك أي قرار دولي عن مجلس الأمن يعتبر الحزب إرهابياً، أو يصنّفه كذلك. هناك قرارات احادية أميركية وأوروبية تتهم الحزب بالإرهاب. روسيا لا توافق الغرب على ذلك فهي تعتبره حزباً سياسياً ممثلاً في الحكومة والبرلمان. في حين ان «داعش» مصنّف منظمة إرهابية من كل العالم ومن مجلس الأمن. وواشنطن يمكنها العمل على جبهات عدة في الوقت نفسه من خلال كل هذه التصنيفات.

وتؤكد المصادر ان الاتفاق النووي لم يغيّر نظرة واشنطن إلى «حزب الله»، ولبنان اطلع على قرار مجلس الشيوخ، وهو في انتظار التواصل مع الإدارة الأميركية، مع انه يحترم الحرية والدستور داخل الولايات المتحدة. هناك أمور ملزمة وأخرى غير ملزمة للإدارة، وبالتالي قد لا تنفذ للإدارة توصيات مجلس الشيوخ، حيث ان موقفه شيء وموقف الإدارة شيء آخر. إنها سياسة أميركية تصرّ عليها واشنطن. وهذا الموضوع يحتاج إلى علاج على المدى البعيد، والولايات المتحدة دولة صديقة للبنان الذي يحتاج إلى التواصل معها.