"ليبانون ديبايت" – فادي عيد:

في الوقت الذي ينشغل فيه حزب الكتائب بقانون الإنتخاب العتيد، تبدو الساحة المسيحية وكأنها تدور خارج سياق سجال الإستحقاق الرئاسي، في ظل التكتّم الذي تمارسه القيادات الأساسية وحتى بكركي، وهو ما فسّرته مصادر مواكبة للحراك الأخير للكتائب باتجاه الرابية ومعراب، بأنه عملية مراجعة لكل ما سُجّل من تطوّرات خلال الأيام العشرة الماضية التي تلت لقاء الرئيس سعد الحريري مع النائب سليمان فرنجية في باريس، وذلك قبل الإلتزام بموقف مؤيّد أو متحفّظ للمبادرة التي اتفق عليها الرجلان للخروج من مأزق الشغور الرئاسي بعد 19 شهراً على التعطيل الذي انسحب على كل مؤسّسات الدولة، بحيث شارفت على الإنهيار.

وفي هذا الإطار، فإن التردّد هو العنوان الأبرز في مقاربة الطرح الرئاسي الجديد الذي خلط الأوراق، مؤذناً بخارطة تحالفات جديدة بدأت ملامحها تظهر على الساحة الداخلية، وهي ستنسف كل الإصطفافات السابقة التي شكّلت محور السلطة في السنوات الماضية. والأبرز في هذا المجال، صمت العماد ميشال عون والتكتّم حول مشاوراته الأخيرة مع قيادات مسيحية، خصوصاً حول كل ما يتم تداوله من طروحات ومواقف وتحوّلات نوعية في مسار الإستحقاق الرئاسي، وذلك من قبل كل الأطراف السياسية على حدّ سواء.

وبصرف النظر عن بعض المواقف الصادرة من قبل شخصيات في فريق الثامن من آذار، والتي دعت إلى عدم استباق الأمور في هذا الشأن، حتى أن النائب فرنجية قال أنه ينتظر إعلاناً رسمياً من "الفريق الآخر"، فإن الأقطاب الموارنة الآخرين يميلون إلى عدم التسرّع في إبداء الموقف النهائي إزاء الإستحقاق الرئاسي. والدافع وراء هذا التريّث هو انهيار جسر الثقة بين المرشّحين الرئاسيين، والخشية من أن تكون كلمة السرّ قد أتت من العواصم المعنية بالملف اللبناني، واستقرّت بالتالي على خيار ترشيح فرنجية للرئاسة كخطوة أساسية لإطلاق "سلّة التسوية" الشاملة التي دعا إليها السيد حسن نصرالله أخيراً، وكان سبقه إليها منذ أشهر الرئيس الحريري، وإنما نضجت ظروفها الإقليمية والدولية اليوم.