ليبانون ديبايت - بقلم مريم سليمان، من مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت

لا يكتمل إطار الحياة البشريّة إلا بتنوّع مكوّنات الأرض، التي معاً تؤمّن الرفاه المطلوب للأجيال الحالية والمستقبليّة. ويُعتبر التنوّع البيولوجي، أي التنوّع الذي يتراوح بين التركيب الجيني للنباتات والحيوانات وصولاً إلى التنوّع الثقافي، أمراً أساسياً لحماية النظم التي تحفظ هذه الحياة وتساهم في جعلها أكثر استدامةً. ولعلّ أكثر أجزاء هذا التنوّع أهميّة وحيويّة هي الغابات كونها تغطي 30 بالمائة من مسطّح الأرض، ومِنها يتوفّر الأمن الغذائي، وعبرَها نُكافح التغيّر المناخي. علاوةً على ذلك، تبقى الغابات منذ التاريخ الملاذ لكثيرين من الكتّاب، والرسامين، والهواة، ومحبي الطبيعة بروائعها وخضارِها.

تنسحب الأهميّة التي تكتسبها الغابات في استمرارية الوجود الكوني على مستويات مختلفة، مما يعرّضها إلى الخطر بنسبٍ أكثر من باقي المكوّنات الحياتيّة. فهي تأوي ما يزيد عن 80 بالمائة من أنواع الحيوانات والنباتات والحشرات الأرضيّة، فيما يوجد حوالي 80 ألف نوع من الأشجار لا نعرف حتى اليوم ماهيتها وكيفية استخدامها. المُحزن في هذا الموضوع هو ما تُشير إليه الدراسات عن أن 13 مليون هكتارٍ من الغابات يُفقد سنوياً مما يُفضي إلى تصحّر 3.6 مليار هكتار مؤثراً بـ1.5 مليار شخصٍ عالمياً، أي أيضاً حوالي 74 بالمائة من التي يستفيد منها الفقراء. وللغابات دورٌ مهمّ في الحفاظ على جودة المياه، حيث تشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى أن كل دولار ينفق على الإدارة المستدامة للغابات يمكن أن يساعد في ادخار بين سبعة دولارات ونصف إلى مئتي دولار من تكاليف معالجة المياه. هذا وتوفّر النباتات الموجودة في الغابات ما يزيد عن 80 بالمائة من متطلبات النظام الغذائي البشري، وتقدّم خمسة أنواع من الحبوب الغذائية أي نسبة 60 بالمائة من مدخول الطاقة الغذائي. ونظراً للفوائد الجمّة المُكتسبة من الغابات، خصصت الأمم المتحدة الهدف الخامس عشر من أهداف التنمية المستدامة، والتي أطلقت في أيلول من العام الفائت، للإحاطة بجوانب "حماية النظم الإيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، ووقف فقدان التنوع البيولوجي". وأشارت إلى أنه من أجل تحقيق هذا الهدف يجب بدايةً العمل على ضمان حفظ وترميم النظم الإيكولوجية البرّية، والنظم الإيكولوجية للمياه العذبة الداخلية وخدماتها، ولاسيّما الغابات والأراضي الرطبة والجبال والأراضي الجافة، وضمان استخدامها على نحو مستدام، وذلك وفقاً للالتزامات بموجب الاتفاقات الدولية. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري بذل الجهود اللازمة من أجل تعزيز الإدارة المستدامة لجميع أنواع الغابات، ووقف إزالتها، وترميم المتدهور منها، وتحقيق زيادة كبيرة في نسبة زرع الغابات وبالتالي مكافحة التصحر. ولعلّ الأجدى على الصعيد الوطني في هذا الإطار هو إدماج قيم النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي في عمليات التخطيط المحلي، والعمليات الإنمائية، واستراتيجيات الحد من الفقر، والنشاطات البيئيّة المختلفة.

يُعدّ الحفاظ على الثروة الطبيعية من المستلزمات المشتركة بين كافة دول العالم، النامية والأقل نمواً على حدّ سواء، وأيضاً من الأولويات الوطنيّة التي لا خلافات جوهريّة حولها. لذلك، المطلوب هو واحدٌ شاملٌ: وقف فقدان التنوّع البيولوجي لأن ذلك يعني الاستثمار في الشعوب وحياتهم ورفاهيتهم. فلنجدّد التزامنا جَماعياً بهذه الرسالة الجوهريّة تحقيقاً للتنمية المستدامة، ولغدٍ أكثر سلاسةٍ.

لمزيد من التفاصيل حول خطة التنمية المستدامة يمكن زيارة الموقع التالي: http://bit.ly/1LJYCX4
ولآخر الأخبار والمستجدّات المتعلّقة بالخطة، يُرجى متابعة موقع مركز الأمم المتحدة للإعلام: http://bit.ly/20np831