ليبانون ديبايت - لارا الهاشم

على الرغم من الروائح المنبعثة من مراكز تجميع النفايات الا ان اللبنانيين ظنوا لفترة انهم ارتاحوا من هم النفايات وارتحاوا من تعيير الاخرين لهم بأنهم غير قادرين على جمع زبالتهم ورفعها من الطرقات.

طبعا لم يصدق اللبنانيون ان بات لهم دولة تتقن ادارة ملفاتها وازماتها وتعلم كيف تحمي مواطنيها من خطر الاوبئة والامراض او تفقه في تجنيب الاجيال القادمة مخاطر تسرّب النفايات الى مياهها الجوفية وانهرها ومياه شربها ومزروعاتها. لكن على ما يبدو فان المثل القائل: "بعيد عن العين بعيد عن القلب" هو اكثر ما ينطبق على المواطن اللبناني الذي اعتاد ان يعضّ على الجرح لان لا حولة له ولا قوة، حتى صارت اقصى طموحاته الا تصطدم سيارته بأكياس نفايات في وسط الطريق او الا يحوم الذباب حوله او الا تعيق النفايات مجاري الصرف الصحي والسواقي بعد ان صار المطر محتملا في اي لحظة، من اليوم فصاعدا.

لكن حتى هذا الطموح لن يتحقق في المدى القريب بحسب ما توحي به تطورات الملف بعد ان عادت مسألة نفايات المتن وكسروان وجزء من نفيات بيروت الى نقطة الصفر. الكتائب تعتصم امام مطمر برج حمود اعتراضا على استكمال الاعمال في المطمر. هنا يسأل عضو المكتب السياسي سيرج داغر في حديث لليبانون ديبايت " اذا لم تكن عكار مزبلة او لم تكن البقاع مزبلة، فهل كسروان والمتن مزبلة. ما الخطأ الذي اقترفناه برفض طمر النفايات غير المفروزة في البحر؟". فجاء رد الطاشناق باقفال ال "parking" او مركز تجمع النفايات الذي يستقبل حوالى ال 1500 طن من النفايات يوميا، ما دامت الاعمال في المطمر توقفت. فابناء برج حمود لا يريدون جبل نفايات ثان في منطقتهم، وبالتالي حمّل الحزب مسؤولية التداعيات لمن عطل اكمال تنفيذ الخطة المتفق عليها.

اما النتيجة فهي تكدس النفايات في الطرقات مجددا كما يقول رئيس تحرير موقع "green area" بسام القنطار الذي يتوقع المزيد من المأساة في الايام المقبلة. في هذا الاطار يعتبر عبر ليبانون ديبايت ان للكتائب الحق في الاعتراض سياسيا لكن المنطق يقول الا حلا بديلا اقله في المدى المنظور اذ اقصى ما تمكن الكتائب من التوصل اليه في ال 2015 هو معالجة 60% من النفايات وطمر 40%.

من جهتها تتفهم الكتائب موقف الطاشناق وترى ان في صمت الحكومة معادلة واضحة " اما ان تموتوا بالنفايات على الطرقات واما ان تموتوا بالنفايات في المطامر، لا حلا ثالثا". لا يحمّل داغر مسؤولية ما يحصل اليوم لا لوزير الزراعة اكرم شهيب الذي اعد خطة سابقا مكلفا من الحكومة، وانما للحكومة التي لم تحرّك ساكنا فيما اتحادات البلديات في كسروان والمتن بدأت بايجاد حلول سريعة. " فلماذا لا تلجأ الحكومة للحلول السريعة ومنها تمديد ساعات عمل معمل سوكومي ليفرز 700 طن في النهار عوضا عن 300 كما هي الحال اليوم". اما تعليقا على بيان سوكلين الذي اعلنت فيه توقفها عن جمع النفايات التي كانت تجمّع في مركز برج حمود، فيسأل حزب الكتائب "عن خلفيات هذا القرار السريع عوضا عن العودة الى تجميع النفايات مؤقتا في ارض الكرنتينا التي استخدمتها سوكلين لثمانية اشهر".

كل ذلك يصب في مكان واحد يقول داغر: "افشال كل المشاريع للعودة الى مركزية النفايات وتقاسم ارباحها كما حصل على مدى سنوات سابقة".

ما يطلبه الحزب اليوم من وزير الزراعة تطبيق خطته المبنية على لامركزية النفايات بحيث يصار الى الفرز من المصدر عبر معالجة كل منطقة لنفاياتها بعد انشاء معامل للفرز اما النفايات العضوية فيتم تسبيخها. عندها يبدأ البحث في كيفية معالجة وطمر ال 20% المتبقية من النفايات وهي ما يسمى بالعوادم التي لا تحتوي اصلا على مواد سامة.

وازاء هذا الواقع المتردي والتصعيد والتصعيد المقابل، يؤكد الطاشناق ان برج حمود قادرة على حل مشكلة نفاياتها فيما لن يقبل بادخال قشة من خارج المنطقة. من جهة اخرى يصمم الكتائب على موقفه في اقفال المطمر والمضي في اعتصامه مطالبا الحكومة بوقف خطة "سوء النية" كما يدعوها داغر. فيما شهيب الذي كلّف مجددا من قبل الحكومة بالتفاوض يستغرب موقف الكتائب المستجد في ظل تعذر الحلول البديلة.

ووسط كل هذه المعمعة والتراشق السياسي والى ان يتم ايجاد الحل السحري، تبقى النتيجة واحدة: النفايات عائدة بزخم الى الشوارع.