Beirut
16°
|
Homepage
تفاهمٌ لا "سوء تفاهم" في الجامعة اللبنانيّة
سحر مندور | المصدر: السفير | الخميس 08 كانون الأول 2016 - 5:46

العلاقة بين «حزب الله» و «حركة أمل» والجامعة اللبنانيّة لم يلدها الأمس مع أغنية لفيروز، ولا هي بنت صدفة أو استثناء. هي قصّة طويلة بدأت مع «محاصرة» الاختلاف في الجامعة (الفرع الأول) بعد اتفاق الطائف، كما جرت الحال مع المقاومة والاقتصاد. ومع الوقت، تثبّت حصار الأقوى، امتلك شرعية الأمر الواقع، وصار يخرج ببياناتٍ ترفض الخروج عن «اتفاقٍ» تمّ بين سلطةٍ وآخرين. وهي اتفاقاتٌ يعقدها صاحب السلطة مع «الاختلاف» بأشكاله: من ملابس وأقوال لا تروق لشباب «الحركة» في كلية الإعلام، إلى صوت فيروز لا يروق لشباب «الحزب» في باحة «الهندسة».

ما زال الوضع في «اللبنانيّة» يلتزم عناوين الطائف حول «التـفاهم» و«التسوية»، علماً أن الطائف أتى لينهي حرباً بين ميليشيات لا لينظّم حياةً جامعية. أما مضمونه فيستمر في فرض التسوية بأسلوبٍ يحدّد المسموح والممنوع، ثم يعطي «الآخر» شيئاً تحت هذا السقف. مثلاً: تسويةٌ تقضي بتنظيم الاحتفالات في القاعات بدلاً من الندب في الساحات، فصار الندب في القاعات بينما ألغيت حريّة الساحات. وهي طريقةٌ تقدّم «معادلة مريحة لتفادي المشاكل»، مثلما قال عميد كلية الهندسة.

المعادلات المريحة التي يرسيها «الحزب» تقوم على «الاتفاق»، نظراً لانعدام الحاجة للمواجهة في أراضٍ «سقطت عسكرياً». في المقابل، يتوجب على الجميع تفادي «الاستفزاز»، أيّ تفادي الاختلاف. ومن المفيد مراجعة تبدّل مفهوم «تفادي الاستفزاز» على مرّ السنوات لقراءة كيفية وصولنا إلى هذه الحال، ولم نصلها بالانتخاب الحرّ طبعاً: مؤخراً، صار الاستفزاز يعني أغانيَ وملابسَ وتعليقاتِ «فايسبوك»، بينما في التسعينيّات، أيام إرساء السلطة الواحدة في «اللبنانيّة»، كان الاستفزاز يتجلّى مثلاً في معرضٍ يضمّ كتباً للشهيدَين مهدي عامل وحسين مروة تنقد الخطاب وتفكّكه. حينها، تمّ تكسير معرض «اتحاد الشباب الديموقراطيّ»، وكان لأحزابٍ متعدّدة وجودٌ قويّ في «اللبنانيّة». وبعدما تمّت السيطرة على الاختلاف السياسيّ والتنظيميّ، صارت اليوم جهود «تفادي الاستفزاز» تستهدف المساحات الفرديّة والأكاديميّة.


اليوم، تُقدَّم لنا كلّ قضيةٍ ذات صلة كأنها معزولةٌ عن سياقٍ تمّ تطبيع وجوده والتأقلم معه. والتطبيع ليس مستتباً، إذ لم يتوقّف نقد الحال في «اللبنانية» عامةً، لكنه أُفرغ من قدرته التأثيرية. ولمّا يتخصص النقد بالسيطرة الحزبية عليها، تراه يُخرَس بأسلوبَين متكاملَين ومعتادَين: 1- تورية السلطة عبر تأكيد الأطر التشاورية، على طريقة «هناك أصلاً اتفاقٌ داخليّ» و «هو شأن ثقافيّ اجتماعيّ لا سياسة فيه»، و2- ترسيخ السلطة عبر إدانة نقدها، على طريقة «هذا استغلالٌ واستهدافٌ» و «إنما هي محاولاتٌ للنيل من..». أما مدير كلّ كليةٍ شهدت مواجهةً من هذا النوع فيتمسّك كالغريق بقشّة الكلمتَين السحريَّتَين: «سوء تفاهم». هو ليس سوء تفاهم، وإنما هو «تفاهم».

منذ 10سنوات تقريباً، ألغيت انتخابات المجالس الطلابية في «اللبنانية». ومنذ 9 أشهر تقريباً، ألغيت مبادرة لاستعادة الانتخابات. يقال إن طلاب «اللبنانية» سيأكلون بعضهم طائفياً وتعبوياً لو انتخبوا، كأنهم من عيّنة بشريّة مختلفة عن تلك التي تنتخب في «اليسوعية» و «الأميركية» و «اللبـنانية الأميركية» ســــنوياً، وبمشـــاركة «الحــركة» و «الحزب». إن الجامعة اللبنانية لا تضمّ طلاباً بثلاثة أنوف أو بيدٍ تتحوّل إلى أفعى، وإنما هي مرفقٌ عامّ. والمرفق العام لا يُترك لهواه، في دولة المحاصصة.

إن تقديم «التسييس» كأداة استغلال في «اللبنانيّة» هو ترسيخٌ للسلطة السياسيّة فيها وتأكيدٌ لتواجدها فوق النقاش. أما مساحة «التفاهم» الممكنة راهناً فتشبه ذاك «الاتفاق» الذي تمسّك به بيان «التعبئة التربوية» اليوم: قال بحصر الاحتفالات الجامعية في القاعات «لأن حرية الفرد تقف عند حدود حرية الآخرين»... بينما تُســـيّج أعلام «الحزب» و«الحركة» أسوار ساحتها العامة.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 9 الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"! 5 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 1
مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك! (فيديو) 10 عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 6 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 2
200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب ويكشف حقيقة جبران! 11 رواتب القطاع العام في خطر هذا الشهر! 7 صوت قوي "يوقظ" سكان الجديدة... ماذا حصل عند "ABDO"؟! (فيديو) 3
بعد إنتحار شاب... نائب يُثير موضوع ألعاب الميسر 12 الإثنين يوم مفصلي... هل يحمل البشرى؟! 8 أرسل صوراً لـ"القبة الحديدية"... هكذا خدعت طهران جندي إسرائيلي! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر