"ليبانون ديبايت"

"ان الانتخابات حاصلة في موعدها وفق قانون الستين، ولا مجال لإقرار القوى السياسية أي قانون آخر الآن"... قالها رئيس مجلس النواب نبيه بري "أمام زواره".

كانت عجلة المباحثات في صيغ قانون انتخاب جديد على موعدٍ مع حركةٍ مفصلية أوحت بها أجواء الأسبوع الماضي، قبيل عودة الوفد الرئاسي من السعودية وقطر. إلا أن ما نقلته صحيفة "الأخبار" أعاد خلط الأوراق، وشكل صدمة على صعيد الاتصالات واللقاءات المكوكية الأخيرة التي كادت أن تكرّس بدعة "الستين المعدل" قانوناً انتخابياً جديداً يتوافق ومصالح "ثلاثي الحكم الجديد" أي تياري المستقبل والوطني الحر وحزب القوات اللبنانية.

أن يصدر هكذا كلام عن الرئيس بري، هذا يعني "الكثير" حتماً، ولا يمكن أن تكون إشارة عابرة في مدار البحث عن قانون إنتخاب جديد. لا سيما وأنها كانت مسبوقة بسلسة تصاريح من عضو المجلس المركزي في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق، ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، توضح موقف حزب الله الرسمي من كل ما آلت إليه جولات البحث الأخيرة، وتصوب سهامها "النسبية" تجاه العهد الجديد الذي سيسقط في "شر اتفاقاته" في حال السير بقانون الستين وأخواته وأولاد عمومته من القونين المختلطة.

فلماذا هذا التصريح من بري وفي هذا الوقت؟، هل هي ورقة ضغط من رئيس المجلس تجاه التسريع في عجلة البحث عن قانون انتخاب، أم هي في إطار تأكيد المؤكد وتبريد هواجس زعيم الجبل من جديد، أم هي نابعة من قانون الأمر الواقع (الستين) الذي تتقاطع مصالح معظم الكتل السياسية والاتفاقات الأخيرة لتصب في خط إجراء الانتخابات النيابية على أساسه، أم أنه يصب في خانة رفض ما يحاول بعض الأفرقاء فعله من خلال زرك الثنائي الشيعي في زاوية القبول بستين "مشوه" لا يصب إلا في كفة التوازنات السياسية لـ"المستقبل، التيار الوطني الحر، والقوات".

تشير مصادر مواكبة لعين التينة لموقع "ليبانون ديبايت" بأن ما نُقل عن بري هو في سياق إشارة "سلبية" تجاه رئيس الجمهورية ميشال عون وعهده الذي رفع أساساً خطاب التغيير والذي لا يجوزأن يسقط هذا التغيير من قانون الإنتخاب.

وتضيف أن هناك "نظرة مريبة" من بري تعيد التلميح بأن التيار الوطني الحر سار أساساً بصفقة مع شريكه الجديد (المستقبل) من أجل عبور عون إلى بعبدا. التلميح هنا حول بنود ما إتفق عليه نادر الحريري وجبران باسيل من أن دعم عون يقابله تمرير "عوني" للستين، وعليه، لن يخرج التيار من نفق الإتفاق هذا.

إذاً ماذا يجري على الساحة؟
تخلص مصادر مواكبة لعين التينة في حديثها لـ"ليبانون ديبايت" أن ما يجري اليوم هم "تطميش عيون" من أجل تسيير إتفاق الستين بتقاطع مصالح مشتركة بين سائر الأقطاب لاسيما تحالف "ثلاثي الحكم" الذي يريد تدعيم عهده بمجلس نواب قوي، لا يؤتى به إلا من خلال "قانون أرعن" كـ"الستين".

وبالتالي هناك غمز باتجاه وكأن هذا التحالف الثلاثي يضاف إليه الاشتراكي مؤخراً، يحاول أن يفرض على الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) قانونًا مفصل على قياس توازنات وأحجام الأطراف المتحالفة. أمر لا يتقبله الثنائي الشيعي الذي رفع حزب الله الصوت بشكل واضح يوم أمس، وكأنه ينذر الرئيس عون لمغبة السير بالستين أو ما يشبهه، تنفيذا لورقة (باسيل- نادر الحريري)، ما سيعرض العهد الجديد لإنتكاسة في الوعود وسيضعه أمام تحمل تبعات السير بهذا قانون مشوّه، وهو الذي أقسم بالمجيء بـ"قانون انتخابي يؤمّن عدالة التمثيل، قبل موعد الانتخابات المقبلة"، وليس الثنائية الشيعية.

والظاهر أن في ثنايا تصريح عين التينة أيضاً تحديد موقف الثنائية الشيعية من الواقع الحالي في حال أختير السير بإنتخابات الأمر الواقع من قبل غالبية المكونات. بطبيعة الحال لن تكون هذه الثنائي عائقاً أمامهم لكنها لن تقبل المقايضة، وهي وإن خُيّرت بين الستين و"ابن عمه" المختلط (قانون أكثري – نسبي)، أي ما يعرف بالتأهيل على مستوى القضاء ومن ثم النسبية على مستوى المحافظة، فستختار بالتأكيد البقاء على الستين، ليس حباً به بل رفضاً للسير ببدعة المختلط المركبة وفق مصالح ثلاثي الحكم الجديد.