"ليبانون ديبايت"

لا يظهر أن التناغم بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر على مستوى القضايا السياسية ينسحب على الملف الإجتماعي - المحلي حيث أن التناحر لا زال سمة العلاقة بين الطرفين.

وعلى ما يبدو، فإن المعركة الإنتخابية في الدوائر ذات الثقل المسيحي في بيروت قد بدأت منذ الآن وحتى قبل معرفة مصير الإنتخابات من أساسها، حيث أن الحماوة هذه إنسحبت على المسألة الإجتماعية وإنعكست على العشاء الذي دعى إليه ليل أمس الثلاثاء، عضوا بلدية بيروت المحسوبين على القوات اللبنانية، راغب حدّاد وإيلي يحشوشي، اللذان خصصا هذا العشاء لبحث قضايا خدماتية إجتماعية متعلقة بأبناء المنطقة وسبل مساعدتهم على تحسين ظروف أبناء المناطق التي يمثلوها حياتياً وإنمائياً.

العشاء الذي دعيَ إليه مخاتير منطقتي الرميل والصيفي وحضره "صدفةً" محافظ بيروت الأستاذ زياد شبيب بصفة مستمع مقدماً بعض التوجيهات، سقط كالصفعة على وجوه العونيين الذي آلمتهم وليمة العشاء التي وللمرة الأولى تتم الدعوة إليها من قبل عضوين في البلدية.

حسابات بيدر السياسة تختلف عن حسابات الحقل الإجتماعي الخدماتي، حيث القواعد الشعبية ومصدر السلطة التي تقارن مستوى إنتشار الأحزاب من عدمها. من هذا الباب نظر التيّار الوطني الحر للدعوة على أساس أنها مسيّسة، مختزلاً وواضعاً إياه تحت خانة "دعوة لم شمل تصرف وتستثمر في الإنتخابات" بمعزل عن عنوانها العريض.

أوعز قياديو التيّار بالتحالف والتعاضد مع حليفهم حزب الطاشناق، على مخاتيرهما في الرميل والصيفي، عدم تلبية الدعوة إلى العشاء وهذا ما كان حيث فقد أثر هؤلاء داخل "الإجتماع الخدماتي" وإنعدم وجودهم كلياً.

ومع بدأ تسريب نوايا "حليف القوات" لناحية عدم المشاركة، فعلت الإتصالات الحزبية على مستوى رفيع بين قيادة القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر في بيروت بعد إلتماس نوايا الأخير الإيعاز بعدم الحضور، لكن تلك الإتصالات التي جرت مع مدير مكتب نائب رئيس التيّار السيد "ربيع معلولي" باءت بالفشل ولم تفلح مدخلةً العشاء في بازار السياسة مصرةً على الإيعاز للمخاتير عبر "هيئة بيروت" بـ"بعدم المشاركة" ما أوجد شرخاً واضحاً وفهم على أنهم "تباعد عن بنود ورقة إعلان النوايا الموقعة بين الجانبين في معراب.

من هنا، تطرح تساؤلات مضاف إليها علامات إستفهام عدة حول تزامن التصرف هذا مع ما يحكى إنتخابياً في ظل "ثنائية" يقال أنها ستدخل الإنتخابات موحدةً. هل ما شهدناه في العشاء هو علامة من علامات "عدم الكمال التحالفي" الذي سينعكس "تشطيباً" و "عدم إلتزام" على المستوى الصف الحزبي؟ هل فعلاً لم تعبد طريق القاعدة أمام التناغم والدخول الكامل في حلف إنتخابي بين خصمين لدودين؟ هل ما جرى هو إنعكاس لواقع عدم تقبل الآخر الذي ضرب فيه عرض الحائط لمصلحة تأمين "مصلحة ظرفية مصلحية" دون الإكتراث بأحوال طبقة تم برمجتها لأعوام على "مفاهيم عدائية"..؟