ليبانون ديبايت - نهلا ناصر الدين

"عندك بحرية يا ريّس... بس ما عندك دولة" تروي هذه الكلمات لنا حكاية صيّاد تاهت شباك صيده في وطن أكلت كبار أسماكه صغيراتها، وراح يبحث عن ثروة حيوية إستراتيجية علقت بين فكي سياسة الإهمال والحرمان الممنهج على طول الشاطئ اللبناني.

فلا تكاد تنتهي مأساة صيادي الأسماك في لبنان فصولاً، وآخرها قضية الصيادين في ساحل المتن الشمالي والكرنتينا (القديمة الجديدة) في مرفأ الصيادين في الدورة – برج حمود، ثاني أكبر مرفأ في لبنان بعد مرفأ طرابلس. والذي يستمر صيادوه بقطع الطريق على شاحنات متعهد مكب برج حمود، داني خوري، المحملة بالنفايات، لليوم الثاني على التوالي، إحتجاجاً على ردم البحر وتلويثه بالنفايات و قطع أرزاقهم.

يوضح نائب تعاونية صيادي الأسماك في ساحل المتن الشمالي والكرنتينا، وعضو مجلس نقابة صيادي الأسماك في بيروت وضواحيها، عبدو فرح، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت" أن الصيادين يستمرون بقطع الطريق على شاحنات المتعهد لأنها "تنقل النفايات من مطمر برج حمود لترميها في عرض البحر (في مكب الجديدة البوشرية) المستحدث على الشاطئ من دون "سنسول" حماية، يحول دون قتل ما تبقى من ثروة سمكية في المرفأ"، الذي بات موقعه الحالي ما بين مطمري برج حمود القديم والحديث، ما ضاعف معاناتهم وضرب أرزاقهم بعرض حائط المصالح الشخصية القابعة خلف إنشاء مطمر "الموت" في برج حمود.

الأمر الذي زاد من مأساوية المشهد، إذ يطمر المعنيون مصير 550 صياد، 550 عائلة، يعتاشون من 550 مركب و"فلوكا" في مرفأ الدورة – برج حمود، ويسرقون لقمة عيشهم المبللة بالشقاء، من أفواههم، ليرموا بها في عرض البحر. علماً أن عدد كبير من هؤلاء الصيادين يسكنون في أشباه بيوت بالقرب من مصدر رزقهم، الذي تتعمد الدولة اللبنانية خنقه بالنفايات.

ويؤكد فرح بأن إعتصامهم مفتوح، والطريق مقفل حتى إيجاد حل لهذه الكارثة التي تعبث بعيش 550 صياد، وتأمين الحماية للثروة السمكية في المرفأ، والملاحة البحرية التي أصبحت ترزح تحت خطر أكياس النفايات العشوائية المنتشرة في المياه، والتي لها أن تؤثر على حياة الصياد الباحث عن رزقه في عرض البحر. مشدداً على أن الإعتصام مستمر رغم كل الضغوط. فـ"لم نفتح الطريق إلا على جثثناً، ونفضل الموت السريع على أن نموت بحرب النفايات نحن وأرزاقنا على البطيء".