"ليبانون ديبايت"

"ما دامت هناك أرضاً تحتلها إسرائيل التي تطمع أيضا بالثروات الطبيعية اللبنانية، وما دام الجيش اللبناني لا يتمتع بالقوة الكافية لمواجهة إسرائيل، فنحن نشعر بضرورة وجود سلاح حزب الله لأنه مكمّل لعمل الجيش ولا يتعارض معه، بدليل عدم وجود مقاومة مسلحة في الحياة الداخلية". قالها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عندما سُئل عن "مستقبل سلاح حزب الله في لبنان" في حديثه لمحطة "CBC" الفضائية المصرية. بوضوحٍ تام أرّق نوم حلفاء التسوية الرئاسية.

فلا زالت أصداء تصريح عون الأخير عن سلاح حزب الله تتردّد بصمت في أروقة الجلسات والاتصالات غير المعلنة ما بين أقطاب كانت جزءاً من التسوية التي جاءت بالعماد عون رئيساً للجمهورية، وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية وتيار المستقبل.

في الشكل، إتفق الطرفان على التكتم المدروس عن الموضوع، وعدم الردّ بشكل صريح، على تصريح الرئيس، وبالتالي عدم خلق أي حالة توتر بينهما وبين الرئيس. وبينما حاول الأول تغطية صمته بثوب السواد، وظرف العزاء القائم في معراب على أثر وفاة والدة رئيس حزب القوات سمير جعجع، حاول الثاني كبح جماح صقوره الزرق عن التصريح في العلن، وعدم "تكبير القضية" لعدم ضرب صورة رئيس الحكومة سعد الحريري أكثر في عيون قاعدته الشعبية التي ما توقفت عن لومه كونه "أوصل عون إلى بعبدا بعد أن تبنى ترشيحه للرئاسة".

إلا أن مصادر التيار الأزرق ضاق بها الصمت عن هذا التصريح، وآثرت الردّ غمزاً من تحت الطاولة، لإيصال الرسائل المبطنة لبعبدا أو أقلها "التنفيس" في مكان ما. وفي هذا الإطار، تنقل مصادر تيار المستقبل في حديثها لموقع "ليبانون ديبايت" إمتعاضها الكبير من تصريح عون الأخير، في موضوع يُعتبر "حساس" بالنسبة للتيار. وتقول "كان الأجدى بالرئيس عون أن يستعمل العبارات الدبلوماسية في معرض حديثه عن سلاح حزب الله". مؤكدةً على أن الرئيس الحريري بدأ يراكم الخسائر التي لها علاقة بتسوية بعبدا، والتي كان جزءاً لا يتجزأ منها لا بل أنها تستشعر "خذلاناً وتورّطاً في مكان".

فما هي هذه الخسائر؟ تشير المصادر نفسها بأن أولى خسائر الحريري التي تنضوي تحت مظلة التسوية الرئاسية، هي رفض عون السير بقانون يتماشى مع هواجس المستقبليين، الذين يعانون ما يعانونه من صراعات داخلية وأزمات مالية لها أن تؤثر على خظوظهم التمثيلية في الإنتخابات النيابية المقبلة. "وعندما رأى رئيس الجمهورية حرص رئيس الحكومة ووزير الداخلية نهاد المشنوق على السير بقانون شبيه بالستين، يصب في مصلحة المستقبل ويتعارض مع تطلعات العهد الجديد الإصلاحية، لوّح عون الذي يتمتع بشعور من فائض القوة بالفراغ".

أما الصفعة الثانية التي وجهها الرئيس الأول للرئيس الثالث، والتي تصفها المصادر بـ"الأقوى"، فكانت في تصريح عون الأخير عن سلاح حزب الله، ما إعتبره الحريري "ضربة ثانية للتسوية التي قامت على مراعاة خصوصية الشركاء السياسيين". وتوضح المصادر "كان بإمكان عون إيجاد مخرج أو التفافة دبلوماسية حول موضوع سلاح حزب الله، عبر إستخدام عبارات ملطفة وعدم استخدام التعميم والديمومة والجزم".

وتبرر المصادر عدم صدور موقف صريح من الرئيس الحريري تجاه تصريح الرئيس عون، بأن "الحريري ليس بوارد الدخول في أي توتر مع رئيس الجمهورية، كونه يتقاسم معه السلطة، وكونه جاء رئيساً للحكومة في نفس التسوية التي جاء فيها عون رئيساً للجمهورية. ولا بوادر ولا نية للعودة لعهد الخصومة التي كانت في عهد الرئيس رفيق الحريري والرئيس الأسبق إميل لحود".

ولذلك، يتحاشى تيار المستقبل الرد رسمياً على عون، إلا أنه وكما تؤكد المصادر "قد أوصل رسائله لعون عبر قنوات خاصة". فهل سيرد الأخير جميل الحريري بالمثل في مواقف أخرى، أم أن خلفيته العسكرية ستمنعه عن المواربة عن مبادئ جمعته بحليفه الاستراتيجي حزب الله قبل أن تجمعه أخرى بتيار المستقبل والقوات اللبنانية؟