Beirut
16°
|
Homepage
14 شباط 2005: استمرار اللعبة وعجز اللاعبين
انطون الخوري حرب | المصدر: ليبانون ديبايت | الاربعاء 15 شباط 2017 - 11:35

"ليبانون ديبايت" - انطون الخوري حرب:

في مثل ليلة امس من العام 2005، بث راديو "بي بي سي" عند منتصف الليل، تقريراً سياسياً للزميل عبد الوهاب بدرخان، جاء فيه:

"يبدو من السياق السابق واللاحق لعملية الاغتيال، انها من اهم تداعيات قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1559، وسيكون من مفاعيلها رفع الصوت السنّي في وجه النظام السوري مدعوما من الاعلام والديبلوماسية العربيين والدوليين، مما سيؤدي الى انضواء الطوائف الثلاث، المسيحية والدروز والسنّة، في حركة واحدة مطالبة بتنفيذ القرار الدولي وخروج القوات السورية من لبنان. لكن هذه المطالبة ستكون متباينة ، فباستثناء العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر، سيلتزم المعارضون سقف اتفاق الطائف الذي لا يدعو الى انسحاب سوري كامل، بل الى اعادة تمركز قواتهم العسكرية في البقاع. لكن الارادة الاميركية الفرنسية اقوى من ارادة اللاعبين اللبنانيين. وكعهدها ستكون الغلبة لها. اما المشهد الداخلي فيبدو جامداً الى حد الانفجار، ذلك ان الشيعة يشعرون بانهم محاصرين من سائر الطوائف المدعومة دوليا، على انقاض التوازن القسري الذي كانت تفرضه الادارة السورية على اللبنانيين.


لن يكون هناك اي مخرج من الوضع المتأزّم سوى اعادة التوازن الى اللعبة الداخلية على قاعدة تثبيت مواقع اللاعبين عبر الانتخابات النيابية اذا ما جرت في موعدها المحدد، وان لم يكن بدفع سوري كامل، فبدفع من حلفاء سوريا ضمن ما يعرف بالخط القومي، كما من الحلفاء المنقلبين عيها كالنائب وليد جنبلاط. ولا تؤشّر المعطيات الحالية الى امكانية توافق الاطراف على قانون انتخابي جديد، حيث ان المعترضين المحتملين للقانون الحالي ليسوا ذوي تأثير كبير على اللعبة الداخلية ولا يملكون الادوات اللازمة لعرقلة الاعتماد على هذا القانون الذي كان الرئيس الحريري مع جنبلاط والسوريين ممثلين باللواء جميل السيد، قد نسجوا خيوطه وتقسيماته منذ انتخابات العام 2000، ويعتبر بنظرهم القانون الامثل لتثبيت قواعد اللعبة ومنع المتسللين الجدد الى ساحتها.

في الخلاصة يمكن القول ان الارادة السورية مستمرة عبر اللاعبين اللبنانيين حتى لو انسحب الجيش السوري بالكامل، لان هذه الارادة كانت تجمع بين التناقضات الطائفية والمذهبية وترسم عبرها المشهد السياسي العام ومعه وضع البلد الامني والاقتصادي والسياسي برمته. وقد يكون وليد جنبلاط المبادر الاول لكسر حلقة التوتر المتصاعد بين الطائفة الشيعية وسائر الطوائف، والا انزلق لبنان الى حرب اهلية مستجدة، جارفة معها موقع الدروز المؤثر في المعادلة الداخلية، مع فارق جوهري هو ان جنبلاط لن يكون هذه المرة متسلحاً بالدعم السوري المعهود منذ حرب الجبل الشهيرة وحتى الامس القريب."

في تلك الليلة، وبعد سماعي لهذا التقرير، دوّنت محتواه وارسلته الى العماد عون في باريس فاتاني منه التعليق التالي:
"لا شك انهم يريدون الابقاء على قواعد اللعبة فالشباب لا يريدون ان يتغير شيئ من هذه القواعد التي ارساها السوريون، سوى خروج جيشهم من لبنان، لكن السوريين سيخرجون بالكامل قبل الانتخابات وسأعود لنقلب الطاولة على الجميع".

لقد حصل بعد تلك الليلة كل ما توقعه الزميل بدرخان، فوليد جنبلاط ترك "ساحة الحرية" مع انصاره متوجها الى الضاحية، مطمئناً قادة الطائفة الشيعية، ومبدداً لهم هاجس العزل والحصار، فتشكّل الحلف الرباعي الذي ابقى على التأثير المسيحي خارج دائرة القرار، بالتلازم مع انقسام مسيحي حول قانون الانتخابات الذي عُرِفَ بقانون غازي كنعان، فسارت به القوات اللبنانية ومكونات "قرنة شهوان" في حين عارضه التيار الوطني الحر والبطريركية المارونية. اما لجهة الانسحابات العسكرية السورية، فلقد تمسّك السياديون الجدد بالانسحاب الجزئي الى منطقة البقاع بحسب نص الطائف. كما عاد العماد عون من فرنسا وخاض الانتخابات مستفيداً من النقمة المسيحية العارمة على المعارضة المسيحية التي خذلت المسيحيين في القانون الانتخابي، فنال عون التأييد المسيحي الكاسح في صناديق الاقتراع رغم تعثره بالحصول على الاكثرية النيابية المسيحية.

اليوم وبعد مضي اثنتا عشر سنة على هذا التقرير، تعود التعقيدات اياها لتلف مجمل الحركة السياسية المتمحورة بشكل شبه كامل حول التوصل الى قانون انتخابي جديد يرضي الجميع. ولكن يبدو هذا الامر مستحيلاً في ظل المخاوف والهواجس المتبادلة بين اركان الحكم، الذين يرى كل واحد منهم في الآخر تهديداً بالغائه السياسي من الوجود.

وفي غياب التوافق على اعتماد المعايير الديموقراطية الصحيحة في التمثيل النيابي، تتناقض مصالح ارباب الطوائف مع بعضها البعض ولا تجد مخرجاً من هذا التناقض الا في السعي الى التوافق، وما دامت الرغبة بالتوافق محكومة بصراع البقاء للمحافظة على "الزعامة"، فان التنازلات تكون متوقعة، لكن الاسثناء عندنا انه عندما لا تعود الثقافة الديمقراطية مبنية على الارقام التي تحدد الاحجام، فان زعماء الطوائف يستظلون الميثاقية لتثبيت حضورهم في مؤسسات الدولة الدستورية. ويحاولون كل بطريقته، تحصيل احجام اكبر من احجامهم عبر السطو على احجام الغير. وهذه النزعة هي السمة الملازمة لكل المجتمعات السياسية الصغيرة والمتخلفة، والتي لا تعرف الاستقرار الذاتي الا بفرضه عبر قوة خارجية كبرى. وحيث تثبت الطبقة السياسية يوميا عدم اهليتها لممارسة الحكم باستقلالية، فان التدخلات الخارجية تبقى الامل الوحيد للبنانيين بتثبيت استقرار استحال تثبيته بارادة من يسمون انفسهم قادة تاريخيين.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
كليب "يُرجح" ما قد تبلغه فرنسا لِميقاتي اليوم! 9 حافي القدمين... نائب سابق يتعرّض لسرقة "من نوع آخر"! (فيديو) 5 بالفيديو: إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في برج حمود 1
واشنطن تكشف دورها في "الضربة الإسرائيلية" على ايران 10 "النكزة الأخيرة"... منشورٌ "ناريّ" للسيّد! 6 حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي" 2
بشأن تعديل قيمة رسوم المعاملات... بيانٌ من الأمن العام! 11 بشار بطل عمليّة نصب كبيرة في طرابلس! (صور) 7 مستجدات فصل بو صعب من التيار! 3
"التيار معجون عجن بالغش"... جعجع يستنكر! (فيديو) 12 عصابة "خطرة" تنشط في طرابلس... بطلتها إمرأة! 8 سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر