ليبانون ديبايت – عبدالله قمح

تتقلب المنطقة على فراش واقع جديد يؤرقها بكوابيس سياسات الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب الذي يصفه كثر بـ"المجنون". حفلات الجنون هذه بطبيعة الحال يعتبر لبنان ملاذًاً آمناً لها حيث فيه سياسيون يرقصون على قرع الطبول كيف ما كانت أو من كان قارعها واضعين أنفسهم ضمن معادلات الإصطفاف الإقليمي.

لا شك بأن المنطقة تتغير على وقع سياسات الرئيس الأميركي الجديد خاصة تجاه إيران والتي تحتم تغيراً جذرياً عن المنحى السابق الذي كان معتمداً من قبل سلفه باراك أوباما الذي كان يفضل المهادنة على النزاع، لكن زمن أوباما إنتهى حيث تفرض الوقائع الجديدة سياسات جديدة يحاول لاعبون إقليميون إيجاد موطئ قدم لهم فيها.

لا يمكن تفسير زيارة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان إلى بيروت قبل فترة إلا من بوابة إعادة "ركلجة" سياسات المملكة في المنطقة، والتي يجب حكماً أن تتماهى مع سياسات الإدارة الأميركية الجديدة، كذلك لا يمكن وضع زيارات الساسة الأميركيين، عسكريين كانوا أم سياسيين، إلا في بوتقة سعي واشنطن إلى الترجمة العملانية للواقع السياسي الجديد في لبنان والإضاءة على سياساتها واستطلاع الموقف اللبناني الذي يتميز بتأثيرات دائرة نفوذ متعدّدة الأقطاب، بين إيراني وسعودي وأوروبي أيضاً!

ثمة من غمز في الداخل اللبناني إثر زيارة السبهان مطلع الشهر الجاري إلى إهتمامه بفريق 14 آذار القديم لاسيما الأمانة العامة الغير فعالة، رابطاً ذلك بوجود محاولة سعودية لإعادة لملمة هؤلاء وجمعهم وإستنهاضهم، تعزّز هذا الإعتقاد مع زيارة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي روبرت كوركر جونيور إلى بيروت الذي تقصد فريق إعداد زيارته التابع للسفارة الأميركية أن يكون موجوداً في اللقاء الذي جمعه بالرئيس سعد الحريري يوم أول من أمس، منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد إلى جانب النائب باسم الشاب.

حضور "سعيد" البالغ حمل عدة تساؤلات متضمنة إستفسارات عن الدور الجديد الذي ربما يحضر له سعيّد أو يمكن أن يلعبه، توازياً، أعيد التذكير بسيناريو زيارة السبهان التي شكلت فيها أمانة الرابع عشر من آذار نقطة محورية، لتخلص الأوساط إلى الإعتقاد أن جمع فريق الرابع عشر من آذار أو ما تبقى منه قبيل الإنتخابات النيابية مرده إلى إعادة تشكيل تلك الحالة كقوة سياسية على الساحة، في ضوء المتغيرات الإقليمية لاسيما على السورية منها وتوسع نفوذ إيران التي تسعى إدارة واشنطن الجديدة إلى تقويضه، والذي يترجم على أنه من مفاعيل الأزمة السورية.

لكن مهلاً، فإن ظهور هذه الحالة عام 2005 جاء كرد فعل على ولادة الثامن من آذار، أي أن وجود الرابع عشر من آذار كتيار سياسي جامع إرتبط بوجود الثامن من آذار كتكتل سياسي واسع، وعليه يجب أن يحتم اليوم إعادة تنشيط الحالة مجدداً بأن يكون بوجهها طرف نقيض لتبني السياسات على ردود الفعل والتناقضات التي ستعتاش عليها البرغماتية الأميركية، وبالتالي فإن القراءة تصل حد إعتبار أن إعادة ظهور الرابع عشر من آذار يحتم بالتالي إعادة تكتل وتوحد قوى الثامن من آذار التي تقرأ جيداً في الظرف الإقليمي، وكونها النقيض لسياسات المحور الاخر، لهو من الجوهري أن تعيد تنشيط نفسها كون الطرف الثاني يعيد بلورة توجهاته وحركته!

من هنا، يردّد معنيون، أن زيارة السبهان كذلك المسؤولين الأميركيين إلى بيروت وتعمد إجراء لقاءات علنية مع قادة قوى الرابع عشر من آذار، مردها إلى نية بإستعادة الإشتباك القديم بين الكتلتين على الساحة اللبنانية، المستمد من ظرف الصراع الأميركي الإيراني المستجد وفي ضوء إنسداد أفق الحل الإنتخابي لبنانياً، وإرتفاع السخونة بين المحاور التي نشأت هذه القوى على أساسها في الإقليم، من أجل إستنهاض حالة ترجمة للواقع الإقليمي المأزوم ذاته، ولكي يعود على ما يبدو لبنان ساحة لتبادل الرسائل!!!