زياد أنطوان الشويري - سياسي لبناني

لست من أولئك الذين يرشقون النظام الطائفي اللبناني بسهام علمانيّةٍ طوباوية، لا لسبب إلا لأننا بطبيعة تشكّلنا كعائلات روحية، وجدنا توليفة تتيح لنا العيش معاً وتقاسم السلطة في بلدٍ موزاييكه كان من المفترض أن يكون نقمة فإذا به نسمة حرية.

كل إرهاصاتنا الوطنية، كل استحقاقاتنا فيها نكهة الطوائف وديانة الحِصص وطقوس الستة والستة مكرر.

توزيع السلطات على الطوائف المؤسِسَة يكاد يشبه إفخارستيا الذبيحة الإلهية عندنا نحن المسيحيين، هناك، في كواليس الاحتفالية حيث تكون العدّة والهندامُ... بدونها لا يدخل المؤمنون بيت الله.

لست من دعاة العلمانية الطوباوية وإن حثنا الطائف على إلغاء الطائفية السياسية على مراحل، ولست أيضاً من دعاة فصل الدين عن الدولة بمبضع جراح يفصل رأساً عن جسده، ولست أخيراً مع قانون انتخاب يستنسخ ديمقراطية الاقتراع عن أنظمة مغرقة في العلمانية منذ مئات السنوات في أوروبا .

كان من المفترض أن يرافق الحراك حول شكل القانون العتيد الكثير من البركة وذلك بالرغم من مفردات كمثل "الهواجس" و " المخاوف" و" صحة التمثيل" التي تعتريه تارة من هنا وتارة من هناك ،ولكن تبين أن الحراك اصطدم بمصالح وحسابات الربح والخسارة التي تعكس طموحات رموز القوى السياسية.

بين النسبية الكاملة التي يروّج لها البعض والتي كنّا من أوائل الذين نادوا بها منذ العام ٢٠٠٢، وبين القانون المختلط ستجد القوى السياسية حتماً موالفتها وعبورها نحو استدامة حضورها في النسيج اللبناني.

شكل الدوائر سيتبع حتماً، فهو كما أسلفت إفخارستيا "الذبيحة اللبنانية" التي سيدخل المؤمنون جنتها قريباً.

الإصلاح من بوابة قانون الإنتخاب وحده كمن يريد أن يقطع شجرة لأن غصناً يابساً واحداً يعتريها.

الشجرة اللبنانية ما زالت مثمرة والعمل على الأغصان لا يجب أن يدفع بحطّابي الإصلاح الى قطع عنق الشجرة.

الطوائف قادرة على إنتاج أفضل ما لديها وقادرة على ترشيح النخبة من أبنائها والتوازن في الحفاظ على موزاييك لبنان يجب أن يكون مسارنا ومصيرنا الوطني.

بغض النظر عن أي تأجيل تقني للاستحقاق الانتخابي سيكون للبنان مجلس نيابي جديد، على ألا يتحول تمديداً للمجلس الحالي وورشة تشريعية متجددة لان المعجزة اللبنانية باستيلاد نسغها ونسلها المتجدد ستدخل كعادتها مدار التأزم قبل ان تتفادى انفجارها بانفراجها.