Beirut
16°
|
Homepage
من بشير الى ستريدا.. الانقلاب الناعم
المصدر: ليبانون ديبايت | الاثنين 13 آذار 2017 - 8:43

"ليبانون ديبايت"

لم تكن القوات اللبنانية مشابهة لغيرها لا في زمن الحرب ولا في زمن السلم، فالجناح العسكري الذي قُدّر له أن يتشكل من أربعة أحزاب (الكتائب، الاحرار، التنظيم وحراس الارز) بغية تشكيل إطار مسلح واحد للجبهة اللبنانية التي كانت تخوض الحرب بوجه "الحركة الوطنية"، كانت "الجبهة" واحزابها أول من جرى أكلهم من قبل الابناء فاعلنت وفاتها قبل وضع الحرب لاوزارها.

القوات اللبنانية، عن اي قوات لبنانية نتحدث بعد أن غدت أكثر من قوات؟! تغيّرت القوات وتبدلت بين أعوام 1982 - 1986 و 1986 - 1990 و 1994 - 2000 - 2005، فالقوات القديمة لم تعد موجودة اليوم، وما هو قائم اليوم هو عبارة عن تشكيل اختير له ان يكون رافعة لمصالح على حساب من قاتل. ما بين تلك الاعوام اختارت أن تأكل نفسها وتتآكل من الداخل عبر مراحل حتى وصلت اليوم إلى حالة مختلفة كلياً عن السابق مشابهة أكثر للمنطق السياسي السائد في الطبقة القائمة بالبلاد لترث حالة الاحزاب المسيحية "الاقطاعية" السابقة!


مرّت القوات في حقبات تاريخية عدة أسست للحالة الموجودة اليوم. مطلعون على الحزب الذي أسسته الجبهة اللبنانية يرون اضمحلالاً لتلك التركيبة التي نشأت "القوات" على اساسها لصالح وجوه جديدة لم تعاصر "الزمن الذهبي"، وإن عاصرته فلم يكن لها أي وجود او بصمة فيه. ويكشف قياديون سابقون في القوات اللبنانية إلتقاهم "ليبانون ديبايت" عن مراحل حساسة مرّت بتاريخ حزبهم حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم. يكشف هؤلاء كيف تمت الإطاحة بالقياديين الاساسيين لصالح المستجدّين، وكيف إستغلت قيادة معراب القدامى وأخذت ما تريده منهم ثم تخلت عنهم ولفظتهم خارجاً!

التغيّر بدأ يطرأ على القوات اللبنانية منذ زمن حرب الإلغاء يوم قام قائدها آنذاك الدكتور سمير جعجع بالاطاحة بوجوه الجبهة اللبنانية من مجلس قيادتها بغية أخذ هامش من الإستقلالية. أسّس جعجع بصفته القائد مجلس قيادي ضم رؤساء الاجهزة في الحزب، منهياً تركيبة الاربعة احزاب التي تشكلت منها القوات لتخطو الخطوة الاولى نحو التحول إلى حزب قائم بحد ذاته. كان من أبرز وجوه تلك المرحلة قياديين كـ"فؤاد مالك، حنا عتيق، روبير فرح، ريشار جريصاتي، غسان توما، بيار الضاهر.. وغيرهم" عينوا في المجلس القيادي الذي إستمر حتى عام 1994 تاريخ دخول "الحكيم" السجن وبعده بمراحل متفاوتة".

في تلك المرحلة، تشتت القوات وبدأت ملاحقتها، ففر القياديين إلى الخارج وتمركز غالبيتهم في الولايات المتحدة الأميركية، وبات لبنان خالياً منهم. شُكل في الخارج مكتب سياسي لمتابعة شؤون القوات اللبنانية تمثل فيه رؤساء مكاتب إستراليا، بريطانيا، اميركا وفرنسا، وترأسه يومها القيادي روبير فرح، بينما إندثر النشاط القواتي في لبنان منذ عام 1994 حتى 2000 وربط فقط بنشاط مصلحة الطلاب التي كانت إطاراً سياسياً غير رسمي ودون أن يكون لها أي موقف إعلامي خشية الملاحقة بل إقتصر الأمر على النشاط الطلابي وإعداد الاعتصامات والتحركات الشعبية.

يقول العارفون بشؤون القوات أن تلك المرحلة إتسمت بالحظر حيث كانت القيادات في الخارج و "الحكيم" في السجن، ولم يقوَ أحد على البوح بإنتسابه للقوات، ومن كان مجاهراً او معروفاً بعلاقته كان مصيره التوقيف المتكرر. بقي هذا الواقع المأزوم فترة من الزمن حتى إقتحمت عقيلة الدكتور سمير جعجع، ستريدا، المشهد وبفضل البعد العائلي الذي كانت تتمتع به تمكنت من دخول قلب نشطاء الحزب بسرعة، وربط فيها العمل الرسمي كونها كانت متحررة من أي إنتماء كونها "زوجة قائد القوات".

يكشف أحد القياديين السابقين في حزب القوات أن تلك الفترة الصعبة كانت ضاغطة على الحزب، الذي كان بحكم المشلول، حيث ذهب قياديون فيه إلى محاولة "مهادنة السلطة" والإنخراط بالحقل السياسي اللبناني.

ساد هرج ومرج يومها داخل الحزب الضائع في زواريب إستباحة الاجهزة الأمنية، فنشأت حركة "فؤاد مالك" التي دعت إلى "المهادنة". يقول القيادي أن "حركة فؤاد مالك التي شقت القوات لم تأتِ من بنات أفكار مالك بل هي نتاج حركة قام بها سمير جعجع من سجنه"، يضيف متحدثاً عن وقائع تكشف للمرة الأولى أن "القيادي القواتي ريشار جريصاتي زار الحكيم في سجنه وجلس معه لساعات حيث طلب منه جعجع التواصل مع المندوب السوري في الامم المتحدة حينها فيصل المقداد من أجل عقد تسوية تخرجه من السجن حيث كلف القيادي روبير فرح الموجود في الولايات المتحدة التواصل معه. يقول القيادي ان القيادة السورية وبعد 15 يوماً من التواصل معها طلبت تغييراً جذرياً في خطاب القوات السياسي لكي تبدأ الصفقة، وإنطلاقاً من ما يجول في خاطر جعجع أطلق فؤاد مالك العنان لحركته التي لم يُكتب لها النجاح بفضل معارضة ستريدا والطلاب لها على الرغم من انها ضمت غالبية أفراد المكتب السياسي في الخارج وحشد من القواتيين في لبنان لكن من وقف بوجهه هي مصلحة القوات بالتكاتف مع ستريدا جعجع التي لم تكن على علم بما كان يخطط له الحكيم.

بعد بدء حركة مالك حاولت ستريدا جعجع صدها من خلال البدء بهجوم نحوها لم تكن عبارات التخوين خارجه، فبدأت الأزمة في تلك الفترة داخل الصف الواحد وحصل الشرخ القيادي بين من هو "خائن" و "شريف" حسب معيار "ستريدا". يقول العارفون أن السيدة جعجع توجهت إلى وزارة الدفاع حيث كان الحكيم مسجون وإجتمعت فيه لساعات بعد إدراكها برضاه عن الحركة، كاشفةً أمامه أنها إتخذت قرار بالخروج من المشهد والسفر إلى لندن وهو ما رفضه الحكم متمسكاً به، فكان المخرج بإسقاط رهانه على طلب المهادنة مقابل الإطاحة بفؤاد مالك، وحركته وتثبيت ستريدا في الواجهة بعد ان إشترطت طرد كل من سار مع فؤاد مالك، وهذا كان.

شكلت بعد هذه الحالة السيدة جعجع قيادة من المقربين، تألفت من شخصيات كـ"فريد حبيب، ادي ابي اللمع، ايلي كيروز وغيرهم" تعاونهم مصلحة الطلاب التي عملت على "تطهيرها" من الذين ساروا أو أيدوا طروحات "فؤاد مالك" ليحصل الإنقلاب الثاني في القوات بعد الأول الذي جرى عام 1986 وأطاح بـ"ايلي حبيقة" تحت اسم "الانتفاضة".

بقيت هذه القيادة قائمة حتى خروج سمير جعجع من السجن عام 2005. يومها يقول عارفون أن "مجموعة ستريدا" كان قد إشتد عودها خاصةً بعد طرد كل القواتيين القدامى وضم وجوه جديدة إليها" وباتت بالنسبة إلى الجيل الجديد الذي نمى على فكرة "مظلومية الحكيم" بعد دخوله إلى السجن بمثابة "القوات التاريخية" لكن في الحقيقة فإن وجوه القوات من الذين ناضلوا وغيرهم رميوا في الخارج.

في تلك الفترة، وبدل أن يقوم الدكتور سمير جعجع بإعادة اللحمة إلى القوات، كان أول قرار إتخذه "عبر الهاتف" أثناء وجوده في فرنسا الطلب من المكتب السياسي في الخارج الذي قاد القوات منذ عام 1994 "حل نفسه" علماً أن النظام الداخلي الذي كان موجوداً، ينص على انه وفي حال خروج جعجع من السجن يصار إلى عقد مؤتمر تاسيسي ينتج عنه إنتقال للسلطة إلى قيادة منتخبة وهذا لم يحصل، حيث أن الحكيم قرّر السير بالمجموعة التي اختارتها "ستريدا" ليحصل هنا الانقلاب الثالث الذي اطاح واخرج كل القياديين المعروفين من القوات.

القوات اليوم وفق عارفين، مشكّلة من نخبة شخصيات لم يكن لها اي وجود زمن القوات اللبنانية، ولم تقدم التضحيات او تظهر في اي اطار مسؤول، بل ان القيادة اليوم هو عبارة عن "مستجدين" في حزب القوات من الذين لم يشاركوا في صناعة تاريخها أبداً. وعلى عكس الاحزاب الاخرى التي خاضت تجربة الحرب ولم تمارس الكيدية والانتقام من القيادات التي عاصرتها في تلك الحقبة بل جعلت منهم وزراء ونواب ومسؤولين على مستوى رفيع، آثرت القوات الاطاحة بكل هؤلاء وتخوينهم ورميهم في الخارج، لا بل طُلب منهم عدم العودة إلى لبنان ولا يزال البعض يملك ملفات قضائية، وكل ذلك صُبّ لمصلحة وجوه جديدة لم تخض التجارب وتنجبل بغبار معارك القوات ابداً في مشهد يراد منه حصر الحزب بشخص واحد وجعله "إقطاع خاص" مبني على اسطورة "البطل الخارق"!
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
واشنطن تكشف دورها في "الضربة الإسرائيلية" على ايران 9 بشار بطل عمليّة نصب كبيرة في طرابلس! (صور) 5 حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي" 1
بشأن تعديل قيمة رسوم المعاملات... بيانٌ من الأمن العام! 10 عصابة "خطرة" تنشط في طرابلس... بطلتها إمرأة! 6 مستجدات فصل بو صعب من التيار! 2
تقريرٌ يكشف مصادر تمويل حزب الله 11 حافي القدمين... نائب سابق يتعرّض لسرقة "من نوع آخر"! (فيديو) 7 سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 3
"التيار معجون عجن بالغش"... جعجع يستنكر! (فيديو) 12 كليب "يُرجح" ما قد تبلغه فرنسا لِميقاتي اليوم! 8 "النكزة الأخيرة"... منشورٌ "ناريّ" للسيّد! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر