ليبانون ديبايت – المحرر السياسي

يبدو أن الأبواب أوصدت بوجه "خلطة باسيل الثالثة" وتم اسقاطها بضربة الاحزاب القاضية ليعود البحث الى المربع الاول حتى ان اسقاطها جاء قبل انتهاء المهلة التي وضعها التيار للاحزاب للرد على اقتراح رئيسه مع الأسباب في مذكرة خطية وهي رسالة معبرة عن الجو العام لدى الاحزاب التي بلغت الرقم القياسي في رفض الاقتراحات المقدمة بساعات.

فعلياً رفض "خلطة باسيل" من قبل الافرقاء جاء قبل اعلانها بعد أن التمس وزير الخارجية من القوى الرئيسية عدم ترحيب في الطرح الجديد وهو ما كان سمعه في اللقاء الثلاثي الاخير الذي جمعه بوزير المال علي حسن خليل ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر، حيث ان الخليل طلب وقتاً لبحث الاقتراح ولم يكن يبدو عليه تقبل ما قدم أما نادر فرمى الكرة في ملعب لجنة تياره ولم يظهر انه متشجعاً للخلطة الجديدة، وهما بالتالي ابلغ تعبير عن الرفض، لكن رئيس التيار آثر السير حتى النهاية بهدف حشر الجميع في الزاوية!

"الحشر" هذا بات يجتاح بيوت كل الطبقة السياسية التي تصفق راحٍ على راح في العلن لكنها تضحك غبطةً في السر. في العلن تحاول اظهار نفسها بمظهر العاجزة عن انتاج اي قانون بسبب تضارب مصالح الجميع وعدم وجود ارضية مشتركة تستقطب التباينات اما في السر فهي سعيدةً كون الستين يقترب في زحفه من المهل القاتلة التي تفرض انتخاباً بما توفّر. اقتراب المهل من "الخط الاحمر" باتت تشكل حالة ضاغطة يقول عارفون ومطلعون على الجو السياسي العام ربما ينتج عنها صفقة أو ترتيب شبيه بالذي حصل قبيل انتخاب العماد ميشال عون وفرض على قوى التنازل والسير منعاً لإستمرار الفراغ.

هذا الواقع، يقول هؤلاء أنه ملائم اليوم لتوفير ارضية الصفقة كما حصل في السابق لكي ينهي المسألة دون اي احراج حيث ان الذرائع متوفرة والاسباب ايضاً ولا مصلحة لاحد من تحويل الحكومة الى "هيئة اشتراعية" لتحل بديلة عن مجلس النواب حيث ان دفع الوقت بهذا الاتجاه يعزز من فرص تحقق الصفقة ويجعل من سيرها سريعاً نحو الاقرار واقعياً.

ما هي هذه الصفقة؟ تلخّصها أوساط لـ"ليبانون ديبايت" بتنازل جديد يقدمه الرئيس سعد الحريري لمصلحة القبول بالنسبية كشرط للسير في قانون الانتخاب. على الضفة الثانية يجد الحريري في استقباله الرئيس ميشال عون ليأخذ بيده وتصبح الرئاستين مع هذا الطرح وكون الثنائية الشيعية من بوابة الرئاسة الثانية غير معترضة، تصبح اذاً الصفقة ثلاثية الابعاد ويصبح مرورها اسرع واسلس مجبراً كل القوى الاخرى على السير بها على رأسهم التيار الوطني الحر الذي يقول في خطابه الرسمي انه يفضل اما المختلط او الارثودوكسي مسقطاً النسبية الكاملة من جدول اعماله.

طبيعة هذه الصفقة وفق الاوساط تتلخص بتنازل الرئيس سعد الحريري عن مبدأ القانون المختلط، وقبوله بدعوة الرئيس عون الى اعتماد النسبية من خلال السير باقتراح واحد من ثلاثة خيارات هي: 5 محافظات، 13 دائرة قد تصل الى 15، او لبنان دائرة انتخابية واحدة)".

وتضيف الاوساط ان "المقايضة ق v تتم حول واحد من هذين الخيارين: الاول يتمثل باعتماد "قانون الرئيس نجيب ميقاتي" مقابل التمديد سنة لمجلس النواب، وهو مطلب "حريري"قديم جديد على ان تكون هذه السنة للتحضير تقنياً وتكون الانتخابات في حزيران 2018 كموعد نهائي، أما الخيار الثاني فيقضي باعتماد النسبيّة على اساس 5 او 7 دوائر (اي المحافظات التاريخية) كذلك مع تمديد عام واحد للمجلس".

وإذ تنفي الجهات القريبة من بعض الصالونات السياسية محور الحديث وترفض مبدأ المقايضة أو الصفقة لا بل تتلقفها بإستغراب، تجدد الاوساط تأكيدها أن هذا الطرح يجري الحديث به من تحت الطاولة، مصورةً ما يطرح من القوانين والاقتراحات والنماذج الانتخابية على انه "قنابل دخانية" تاتي خدمةً لتشتيت البحث السياسي ولاعاقة الرؤية امام ما يُحاك تحت الطاولة، وازاحة البوصلة عن ما يجري الاعداد له حتى ينجز الاتفاق نهائيّاً على "الصفقة"، قبل اعلان بنودها بشكل علني".