"ليبانون ديبايت" - المحرر السياسي

بعد انتظار اللبنانيين ٢٠ عاما للحصول على حقوقهم، والعمل الذي بدأ مع حكومة نجيب ميقاتي لاقرار سلسلة الرتب والرواتب المغيبة منذ العام ١٩٩٨، واستكمل مع حكومات سلام والحريري، وبعدما اقرت اغلبية مواد التمويل والاجراءات الضرائبية بمشاركة مختلف الكتل النيابية، في الهيئة العامة للمجلس في جلسة ١٤ ايار ٢٠١٤، ومع عودة النقاشات في السلسة في الهيئة العامة في الايام الاخيرة، برزت معارضة خفية داخل الغرف السوداء، ظاهرها السلسلة، من خلال ايراداتها، وحقيقتها استهداف العهد، فعملت على تضخيم المواضيع وتحوير الحقائق، وتحويل الصغائر الى قضايا كبيرة بلا اي موضوعية في المعطيات والمقاربات والارقام.

وفي الواقع، لم يكن هدف من يقفون خلف الحملة تمويل السلسلة، بل ضربها وتحميلها للعهد، والعمل على استهداف الثنائي المسيحي.

ولهذه الغاية، عقدت اجتماعات وجرت اتصالات شملت النائب سامي الجميل والاشتراكي وعددا من المعارضين للعهد، مع ممثلين عن الشركات والمصارف الرافضة للضرائب التي تطالها، لوضع خطة ممنهجة، بتمويل من رجل اعمال لبناني وجهات خارجية، قائمة على دس الاكاذيب والاشاعات، واطلاق الشعارات التحريضية، ومنها ما تم تناقله عن لائحة ضرائب تبين انها مزورة بالكامل ولا تمت الى الحقيقة بصلة.

ولتأمين نجاح هذه الحملة، دفعت الاموال، وجرى الربط مع مؤسسات اعلامية ودعائية لتضخيم المواضيع واجتزائها وحرفها عن الهدف الاساس ، الذي هو تمويل السلسلة لاعطاء الحقوق ل٢٥٠ الف عائلة، من عسكر واداريين ومعلمين.

اما الغاية الفعلية، فمنع العهد من اي انجاز اصلاحي في كل الملفات، لاسيما ما هو مطروح اليوم، من قانون الانتخاب والموازنة والسلسلة والاصلاحات، وذلك قبل اشهر من الانتخابات النيابية.

لهذه الغاية، تكافل المتضررون من الاصلاح وتضامنوا للانقضاض على اي مسعى من هذا النوع، ولو كانت عرقلتهم هذه ، تأتي على حساب اللبنانيين وحقوقهم.

وضمن هذا السياق، تختلف غايات المشاركين في الحملة. اذ يتحرك النائب وليد جنبلاط بهدف الانتقام من العهد وعرقلة اقرار قانون انتخاب جديد، لانه يرغب بالحفاظ على مكتسبات حصل عليها في عهد الوصاية، ولو كان ذلك على حساب حقوق المسيحيين.

اما الجميل، الذي اظهرت كل استطلاعات الرأي تراجع تأييد الناس لخياراته، فيفجر حقده على العهد والثنائي المسيحي والحكومة التي بقي خارجها، ويمارس ازدواجية، وينقلب على ما وافق عليه سابقا ممثلوه، ان في الهيئة العامة، ام في اللجان التي ترأسها النائب جورج عدوان، او التي ترأسها قبله النائب ابراهيم كنعان.

ومع هؤلاء، تبرز مجموعة الشركات ورجال الاعمال، التي تمول وتدعم هذه الحملة، وتهدف الى فرملة الاصلاح ومنع المجلس النيابي من اقرار الضرائب التي تطالها.

وفي هذا السياق، قسمت الادوار السياسية والدعائية، وكانت الحركة التمييعية والتحريضية في المجلس النيابي، وما رافقها من تحركات مشبوهة وممولة في الشارع، في محاولة لخربطة الاوضاع ومحاولة ضرب الاستقرار، لاسيما بعد المواقف المبدئية والاستراتيجية للرئيس ميشال عون التي اكدت الثوابت التي انطلق منها، والقائمة على المحافظة على العيش المشترك ووحدة لبنان وسيادته. وهي مواقف لم ترضي جهات خارجية، فعمدت الى اطلاق وتوجيه الحركة الاعتراضية.

فانطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي حملة تجييشية للناس، ممولة من السفارات، بمواضيع ليس لها علاقة بالواقع، وذلك، بالحديث عن زيادة الرسوم على الخبز والمازوت والبنزين والكهرباء وخطوط الهاتف وسواها من الامور المرتبطة بيوميات اللبنانيين، لتقليبهم على من يريد السلسلة بالفعل.

وتقول المصادر ان مبالغ طائلة رصدت لتحضير الحملة وتأمين استمرارها، واتكل من يقف وراء هذه الحملة، على غياب التضامن الاجتماعي بين اللبنانيين، واللعب على منطق " ان اللبناني مع جيبته عندما يخير بين ما له وما سيدفعه وما سيقدم لسواه"، ولو كان هو نفسه الذي لطالما رفع شعار دعم الجيش والوقوف الى جانبه، الا انه لا يسهم في تمويله وتجهيزه واستعادة حقوقه على سبيل المثال.

هذه هي الحقيقة اذا، ولو نجحت الحملة في التعمية على الحقائق، فلن تتأخر الامور قبل ان تنفضح ...هذا اذا لم تبدأ مفضوحة اصلا.