"ليبانون ديبايت"

اقتنع وزير الداخلية نهاد المشنوق باستحالةِ إجراءِ الانتخابات النيابية في ظل الواقع الراهن وتَمترَسَ الرئيس ميشال عون خلف رفضه إجراءها "تحت أيّ ظرف" على أساسِ قانون الستين. "لا انتخابات نيابية من دون قانون جديد، وهذا بات أمراً واقعاً"، قالها الوزير المشنوق منهياً بالتالي مفعول "دعوة الهيئات النّاخبة" التي لم تُدعَ أصلاً، فاتحاً الباب أمام بدء سريان مفعول انتهاء تاريخ صلاحيّة قانون السّتين قانونياً بعد أن انتهى سياسياً مفعول المحركات للبدء بالضغط نحو التمديد قائلاً: "إن هناك ثلاث وقائع جديدة تفرض نفسها أنه لا انتخابات نيابية إلا وفقاً لقانونٍ انتخابيٍّ جديد، تأجيل تقني، والنّسبيّةُ باتت أمراً حتميّاً في أي قانون جديد".

المشنوق الذي هو "الوالي" على موضوعِ الانتخابات، شدّد في تصريحٍ له أول من أمس خلال زيارته القصر الجمهوري على أنّه "لا فراغ تحت أيِّ ظرفٍ من الظروف" غامزاً هنا من قناةِ رئيس الجهورية الذي كان هز عصا الفراغ.. فما البديل إذاً؟

كلُّ الدّروبِ تُوصِلُ إلى حلٍّ من اثنين، إمّا تمديد وبالتالي تأجيل الانتخابات، وإما تمديد وبالتالي عقد قِرانِ الانتخابات. الأمرانِ مسلّمٌ بِهما على أنْ يبقى التكتيك. بالنسبة إلى الرئيس عون فالانتخابات على أساس قانونٍ جديد (مهما كان) في فترةٍ قصيرةٍ هو أهون من شرورِ التّمديد، لكنَّ تضارب مصالح الفرقاء يعرقل هذا التوجه.

وإزاء هذا التّعنّت الواضح فيما يخصّ عمليّة صَوْغٍ وحَبْكٍ للقوانين الغارقة في متاهةِ الأحجام، تفتح أوساط القصرِ الجمهوري الباب على مصراعيه خدمةً لاستنباطِ الحلولِ التي تُدغدغ مشاعر عودتها إلى هذه المِيزة بعد أن تركتها تتجاذب طويلاً على خطوطِ هجوم الأفرقاء السّياسيين. وتؤكّد الأوساط لـ"ليبانون ديبايت" أنَّ سقوط كل الصّيغ التي تمَّ طرحها سابقاً يقود إلى فرضِ النّسبيّة كضرورةٍ وحاجةٍ في قوانين الانتخاب، وليس أيّ نسبيّة؛ بل تلك التي تطبّق على صعيدِ الدّوائرِ الواسعةِ، ولبنان دائرة انتخابية واحدة؛ إِذْ إِنَّ حتميّة النّقاشِ باتت تنحصرُ فيها وحدها.

ويبدو انطلاقاً مما تقدّم أنَّ هناك حراكاً واسعاً يجري في قصر بعبدا بمعزلٍ عن الإعلام من أجلِ تعميد "بلاط القصر" حلاً وحيداً لمأساة الانتخاب بعد سقوط الجميع بفخِ الفوضى، وتضارب المصالح. وإزاء هذا الوضع تشير أوساطٌ قريبةٌ من بعبدا لـ"ليبانون ديبايت"، أنَّ هناك جو يذهب نحو خيار فتح المجال أمام القصر، كي يبتكر هو مشروع قانونه الانتخابي الخاصّ، على أن يجري تسويقه من أجل تأمين أوسع الأُطر من الموافقة عليه. القانون العتيد الذي لمْ تُسرّب أيّة معلومات حول الشّكل الذي سيكون به، تقول أوساط القصر الجمهوري لـ"ليبانون ديبايت" إنَّ تحضيره سيجري في بعبدا"، والمفترض أن يكون مختلفاً عن الأنماط السّابقة من مشاريعِ القوانينِ، دون أن تغفل عن إدراكه فرضيّة الاستفادة ممن سبق أنْ عَملوا على خطِّ إنتاج القوانين، في اِلتفاتةٍ إلى الوزراء مروان شربل وجبران باسيل على سبيل المثال، وغيرهم من الشخصيات التي ستكون عوناً للقصر.

وتبقى الأوساط على قدرٍ واسعٍ من التفاؤل كون رئيس الجمهورية له "آذان مسموعة" لدى جميع الأفرقاء السّياسيين، وكلمته محطّ احترامٍ كونه كفيل برعاية الدّستور، فبطبيعة الحال سيعمل فريقه على إنتاجِ قانونٍ يوائم جوهر وروح الدّستور، لتخلص أنَّ هذا الجو السّائد حالياً هو ناتجٌ عن التّقاربِ في وُجُهَاتِ النّظر بين الرئاساتِ الثلاث التي سيُعمَلُ على استثمارها في قانونٍ "جمهوريّ" متوَافق عليه، على أمل أن يُنتَج قبل فترة الـ90 يوماً (20 آذار - 20 حزيران)، في حال سُدّتِ الأبواب بوجه القوانين السّالفة.