"ليبانون ديبايت"

لا يزال الجوّ السياسيِّ العام عابقاً بالغبارِ الكثيف الذي يُغطّي وجه قانونِ الانتخاباتِ دون أن يطمس أَعين من يحفر فيه مع اقتراب اشتباكِ المُهَل بين تلك التي رفعها الرئيس نبيه بري والأخرى المرتبطة بمهلةِ التسعين يوماً التي خفّضها بري إلى 18 نيسان كتاريخٍ أساسٍ فاصلٍ بين التمديدِ وإخراج القانونِ من القُمقُم. فمصير الانتخابات بات قائماً على ساعة بري الذي يسعى عبر هذا الكلام لدفعِ سلحفاةِ الحافرين في صخر القانون.

"موضوعُ النسبيّة وتعميم التفاؤل حولها ليس إلّا قنبلة دُخانيّة تُرمَى لأجلِ تسلّل الاتفاق على قانونٍ مختلطٍ مقبولٍ من الجميع يجدُ طريقه نحو التوافق على طاولةِ مجلس الوزراء". يأتي هذا الكلام الصادر من أوساط "ليبانون ديبايت" ليعيدنا إلى مرحلةِ الصفر والذوبان في "خلّاط القوانين" الذي يحمله الوزير جبران باسيل مازجاً بين السائل والمواد الصلبةِ في عمليةٍ كيميائيّةٍ معقدةٍ تزيدُ الضرر في المحرّك كما أسنان الآلة!

هذه خُلاصة الظّنِّ لدى أوساطٍ عالية الاطلاع على البازار الانتخابي، التي تسمحُ لنفسها بالادعاءِ خلو البحث من النسبيّة الكاملة وإنَّ ما يُجرَى تناوله ينطلق من تركيبة 69 نسـبيّ- 59 أكثريّ كاشفةً لـ"ليبانون ديبايت" أنَّ البحث من تحتِ الطاولة هو المُتقدِم في هذه الصيغة على ما عداه.

وتقولُ الأوساط أنَّ هذا الطّرح الذي نتحدث عنه يأتي من خارج صيغةِ الأرثودوكسي التي عبر كلّ الكتل تقريباً عن رفضهم لها، بل إنّها في محور البحث تحمل العديد من الصيغ الأخرى والحديث اليوم عن نوعيّة المعيار وكيفية تطبيقهِ في الدوائر، لتخلص أن "البحث الآن ليس في شكلِ الدوائر بمقدار ما هو في نوعيّة تركيب النظامين بطريقة مقبولة من الجميع لا تهمّش النسيج الوطني أو تسبب خللاً فيه".

ولا يبدو أن الخلط في هذه المرحلة قد خرج من ذهنِ الطقم السياسي الذي يبحث عن مدى مقاربةِ القانون لمصالحهِ وجاهداً في إيجاد أرضيّةٍ مشتركةٍ ضائعةٍ منذ بدء "الخلاط" بمشوار الألف ميل. صيغة النسبيّة على أساس لبنان دائرة واحدة، تقول الأوساط إنها ليست موضوعةً على طاولةِ البحث حالياً إلا في ثنائيّاتٍ لا تنعكس على الإطار المتّفق عليه في بحث القانون، كاشفةً أنَّ النسبيّة هذه تُبحَث في أوراق الصحف وصفحات المواقع الإخبارية أكثر مما تُبحث في الصالونات وهذا ينسحب أيضاً على صيغة الوزير مروان شربل (قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي) وتشير الأوساط إلى أنّه "ليس قيد البحث أبداً".

وعن صيغة الوزير باسيل الثالثة المخلوطة، فتجيب الأوساط أنّها "أساساً تجاوزت الرقم القياسي السابق المسجل في مدى الرفض من كتل التمثيل السياسي، حتى إن اللافت فيها رفضها من الذين بحثوها على الطاولة الرباعية المشتركة!" لكنّها وعلى ذمّة الأوساط "لم تصل إلى مرحلة السقوط بدليل جرعة التنفس الاصطناعي التي قدّمها حزب الله والتي أعادت البحث فيها إلى المربّع الأوّل.. لكن بعيداً عن الأضواء".

وعلى ما يظهر، فإن ما يجري تقديمه اليوم هو نمطٌ جديدٌ من النظام المختلط دخل، على ذمّة أوساط "ليبانون ديبايت"، حزب الله على خطه. لماذا هذه الصيغة؟ تجيب الأوساط أنها أقرب إلى "الصفقة السياسية" إِذ إنّها تُراعي هواجس الجميع دون استثناء، وهي المرجّحة اليوم كون لبنان كما هو معهود، لا يقرر فيه إلّا من بوابة التوافق الذي ينسحب على تركيب اتفاقات وقوانين غير موجودة على سائر المعمورة.. قانون الانتخابات ينطبق على هذا التوصيف أيضاً.