"ليبانون ديبايت"

العدّ العكسيّ لـ"المواجهة النيابيّة" التي ينتظرها اللّبنانيّون في شهر حزيران بدأ، وسط مؤشّراتٍ أكيدةٍ أنَّ الاستحقاق النّيابي سيسلك طريقه نحو التّمديد الذي وإن اختلفت تسمياته يبقى واقعاً سيّئاً سيحمل انعكاساتٍ سلبيّةٍ كثيرةٍ على الوضعِ السّياسيِّ اللّبنانيّ.

في السّابق، قام المجلس النيابيّ بالتّمديدِ لنفسه مرّتين، لأسبابٍ وحُجَجٍ سياسيّةٍ وأمنيّةٍ كثيرة، وإذا نظرنا بتمعّنٍ إلى ما حصل، نجد أنَّ المجلس قام عمليّاً بالتجديدِ لنفسه، نظراً لتساوي مدّة التمديدِ مع ولاية المجلس الفعليّة. وهنا تكمن الخطورة التي تضرب في مرتبةٍ أولى النّظام الدّيمقراطي الذي يتغنّى به لبنان.

ونقلت أوساطٌ دبلوماسيّة لموقع "ليبانون ديبايت"، أنَّ "الوقت الذي دخل مرحلة العدّ التنازليّ، يخرقه بين حينٍ وآخر، "منبّه" دولي أوروبي، وخصوصاً فرنسيّ - بريطانيّ، لحثٍّ الأطراف اللّبنانية على حلِّ "النزاع البرلماني" الدّائر، وإنقاذ الاستحقاق النيابي من الفراغ".

وأشارت الأوساط نفسها إلى أنَّ "التحذير الأوروبي حضر في كلِّ اجتماعات الوفودِ الأوروبيّة التي زارت مؤخّراً لبنان، وجالت على رئيس الجمهورية ورئيسي الحكومة ومجلس النواب، والمواقع السياسيّة المؤثّرة، أو عبر سفراء الدول المذكورة في لبنان، إذ نقلت رسائل جديّة تتضمّن، ضرورة إيجاد مخرجٍ للاستحقاق النيابي، أيّاً تكن الأشكال والحلول حتّى لو تتطلّب الأمر البقاء على قانون الستين، فالمهمّ هو عدم وقوع السلطة التشريعيّة في الفراغ، على اعتبار أنّها صلة الوصل الأساسيّة والأهمّ بين لبنان والدول، لناحية العلاقات والقرارات، والدّور الذي أعطاها إياها الدستور اللبناني عندما جعلها مصدر السلطات في الحياة السياسيّة اللبنانيّة".

وأكّدت أنّه "انطلاقاً من الدّور المؤثّر الذي يلعبه مجلس النواب اللّبناني، فإن الدول الأوروبيّة، ترى أنَّ الفراغ، سيؤدّي حتماً إلى قطع العلاقات والتعاون السّياسي اللبناني الأوروبيّ"، مشيرةً إلى أنَّ "هذه النبرة العالية، ساهمت في الموقف الأخير الذي صدر عن رئيس المجلس النيابي نبيه برّي الذي أكّد أنَّ الوقت لا يزال يسمح بالاتفاق على قانونٍ انتخابيٍّ جديدٍ، على الرغم من أنَّ المُهل الدستوريّة "طارت"، معتبرةً أنَّ "الرئيس برّي قد يقوم في الأسابيع القليلةِ القادمة بخطوةٍ ملموسةٍ للدفعِ باتجاهِ إقرار قانونٍ جديدٍ، وصفت بالإنقاذيّة، للحَيلولة دون الوقوع في الفراغ، خصوصاً وأنَّ برّي هو أب السّلطة التشريعيّة، و"القاضي" الأبرز في مسكِ وإدارةِ الجلسات، وإيجاد المخارج والحلول التي دائماً ما تُنقذ لبنان من الدخول في المجهول، نظراً لخبرته الطويلة وحنكته وقدرته المشهود لها في ضبط الأمور قبل انفلاتها".

ورأت الأوساط أنَّ "الحلّ الذي ينقسم بين التمديد التقني لفترةٍ تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر، أو الإسراع في إقرار قانونٍ انتخابيٍّ جديدٍ، وما يتطلّبه من تأجيلٍ تفنيٍّ بسيط، بات أمراً مؤكداً، مع انعدام أيّ حظوظٍ لإجراءِ الانتخاباتِ النيابيّةِ في موعدها المحدّدِ، وهنا تكمن الدّعوات الأوروبيّة في الضغط باتجاه إيجاد كلِّ البدائل التي تطيح بالفراغ".

وشدّدت على أنَّ "البابا فرنسيس ليس بعيداً أيضاً من هذه "التحذيرات"، وقد أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال لقائهما في حاضرة الفاتيكان، قلقهُ من الفراغ في مجلس النّواب، ودعوته إلى إقرار قانونٍ انتخابيٍّ جديدٍ تُجرى على أساسه الانتخابات، وإنقاذ البلد من خطر الانهيار، ولا سيّما أنّه يشكّل النموذج الأمثل في العيش الواحد، مبدياً قلقهُ على المسيحيين المهدّدين في المنطقة، وضرورة السّعي دائماً إلى حمايتهم".

وتأتي هذه التحذيرات أيضاً بحسب الأوساط، نتيجة "دخولِ المنطقة ككلّ بتسوياتٍ كثيرةٍ، ما يحتّم على لبنان البقاء في حالِ الاستقرار التي يعيش، من دون أنْ ننسى النازحين السوريين وتزايد أعدادهم، ما يجعل من الدول الأوروبية حريصة أكثر على استقرار لبنان وعمل مؤسساته".