"ليبانون ديبايت"- أمين ابو يحيى:

في غمرة الأغاني التقليدية التي تغزو مسامعنا يوميا عن الحب والغرام والإنتقام والغدر والخيانة والشوق، يأتيك صوت هبة طوجي وألحان أسامة الرحباني ليشكلا حالة مختلفة تكاد تشبه موسيقى من كوكب مختلف.

تتميز كل أعمال النجمة هبة طوجي مع رفيق دربها المهني منذ عشر سنوات أسامة الرحباني بالتميز عن كل ما هو سائد سواء بالكلام أو اللحن أو الأداء الفني والمزج بين العربي والغربي بطريقة تشبه تنقل نحلة من زهرة لزهرة بخفة ورشاقة.

العمل الجديد " هبة طوجي 30 " هو إستكمال لمسيرة طوجي الفنية مع الرحباني. ثلاثون أغنية تنوعت بين الوطني والحب والفراق والعتاب بشكل لا يشبه اي موجة سائدة. حتى في الحب والعتاب تتمايز هبة طوجي كلاماً ولحناً وأداء يضج حيوية وتجدد. في الحب غنت هبة " خلي الوقت يحكي" فكانت عصفورة سعيدة تدخل البهجة على مسامعنا. في الفراق غنت " وحدي لحالي " فتعاطفنا معها وشعرنا بالوحدة كما غنت هي. في الوطن غنت " بغنيلك يا وطني " أغنية تستحق أن تكون نشيد وطني لبناني رسمي لشدة محاكاتها لواقع بلدنا المأزوم سياسياً وإقتصادياً . ومن بين الأغنيات المميزة " طير وعلي" التي ذكرتني بأفلام ديزني وبسندريلا وجميلة والوحش لما فيها من جمل موسيقية تليق بهذه الأفلام العالمية لو تمت ترجمة كلمات الأغنية. وفي أغنية " يلا نرقص " دفعتنا هبة طوجي إلى الرقص في كل مرة كنا نستمع لهذه الإغنية التي تضج سعادة وفرح. في الحب المستحيل غنت " انت حبيبي وبتضلك حبيبي " فإقتربت من واقع إنساني ولم تتحدث عن حتمية النهايات السعيدة التي تطبع أغاني عن الحب.

مفاجأة الألبوم الجديد أغنية " إيلان " المهداة لروح الطفل السوري اللاجىء إيلان الذي وجد ميتاً على الشاطىء ، كلام الأغنية يستحق أن يتحول إلى مسلسل درامي فالأغنية تتدرج في دراميتها لنصل إلى أسباب الأزمة السورية وأزمة العالم العربي بشكل عام لأن إيلان يمثل في النهاية كل أطفال العالم العربي الضائعين في بحر الأزمات حيث لا شاطىء أمان ولا مستقبل مضمون.

كل أغنية في هذا الألبوم مشغولة بدقة لتكون قصة قائمة بذاتها، تستطيع هبة بصوتها أن تدخلنا بصوتها في كل أغنية إلى عالم جديد من العوالم الإنسانية والحالات المتقلبة للبشر، ويستطيع اسامة الرحباني ان يجرنا إلى مكامن ضعفنا الإنساني ويتحدث بجرأة عن مشاكلنا بكلام سهل لكنه ممتنع، فكنا أمام عمل غنائي لا يشبه إلا هبة وأسامة لما فيه من نضج متواصل كما في كل تعاون حصل بينهما.

سألت أسامة الرحباني في إتصال هاتفي عن سر الرقم 30 في الألبوم الجديد فقدم أكثر من سبب من بينها ان هبة ستحتفل بعيدها الثلاثين نهاية هذا العام. وفي 30 من هذا الشهر سيتم توقيع الألبوم في بيروت ولأن الرقم 30 هو رقم جميل يرمز للحيوية والنجاح والإبداع. كما أن هناك أغنيات تم تسجيلها قبل سنتين ويجب الإفراج عنها حالياً.

يقل اسامة ل ليبانون ديبايت : " هذه السنة ستكون حافلة بالكثير من النشاطات مع هبة في لبنان والعالم العربي، سنكون في مهرجان جونية من خلال المسرحية العالمية أحدب نوتردام في 8 و 9 و 10 و 11 تموز 2017 ، وفي 5 آب سنكون في مهرجان الأرز الدولي لمناسبة مرور 10 سنوات على بدء التعاون مع هبة ، وفي 12 آب سنكون في مهرجان زحلة أيضاً ".
هبة طوجي نجحت من خلال هذا الألبوم في أن تكرس نفسها نجمة غناء مختلفة، عالمية في أدائها ومساحة صوتها، نقلتنا من خلال أغنياتها إلى عوالم الحب والوطن والحنين، حيث كل أغنية قصة تستحق ان تتحول إلى فيلم سينمائي لكثرة الصور التي نرسمها في أذهاننا عند الإستماع إليها.

كما تمكن اسامة بجدارة من الحفاظ على مستوى من الموسيقى لا يحيد عنه ولا يشبه السائد ولا يقترب من الألحان التركية التي تطبع العديد من الأغنيات الحالية. أسامة يتفرد بخط فيه الكثير من العالمية التي نلاحظها عند الإستماع إلى الجمل الموسيقية المستخدمة في أغنيات الألبوم.