ليبانون ديبايت - المحرر السياسي

يترنّح البحث في القانون الانتخابي الجديد على أعتاب خَلَواتِ السّياسيين الثنائيّة، إذ تستمر دائرة الجمود في التكتل على نفسها بانتظار تفرّغ الأقطاب من ارتباطاتهم الخارجية التي ستوفّر عودةً لدوران محرك البحث. لكن وعلى الرغم من صخب القمّة العربيّة ووقع "السقطة" التي خرج منها العماد عون سليماً، ثمّة سقطات سياسيّة لا تشي بالخير أبداً على مستوى البلاد، خاصّةً تلك التي تؤشّر إلى الزيادة في حديّة التمترسِ خلف الطروحات الانتخابيّة الواحدة دون أيّ تقبّلٍ للتغيير أو التعديل!

وإذ يحتاج الأمر إلى "نقاشاتٍ جريئةٍ" و "معجزة" تُثمر عن تنازلاتٍ من هنا وهناك، لا يبدو أنَّ لدى البعض أيّ استعدادٍ للغوصِ أكثر في عمق المحيط الانتخابي، إذ إنَّ تفضيل الطروحات المفصّلة على المقاسات السياسيّة هو السائد حالياً. تيار المستقبل عبر الرئيس سعد الحريري يوفّر الشروط المثاليّة لبحثٍ معمَّقٍ في النسبيّة، لكن قطع الطريق عليه لا يأتي من أفراد كتلته النيابيّة، بل من شريكه في العهد التيار الوطني الحر، الذي لا يوجد على جدول أعماله غير بندِ القانون المُختلط في صيغة الوزير باسيل الثالثة التي يبدو أنّها تتعقّد يوماً بعد يوم، خاصّةً وأن أيّ من القوى لم يردَّ عليها بالإيجاب لغاية اللحظة.

وحده حزب الله حاول الخرق على هذا المستوى إذ تقدّم بورقة اقتراحاتٍ للوزير المعني باسيل. وعلى الرغم من التسريبات التي قالت إنَّ هناك بحثاً جديّاً حولها، برز تصريح أحد المقربين من الضاحية لـ"ليبانون ديبايت" الذي أعلن أنَّ "باسيل لا يظهر أنّه سيلبّي اقتراحات حزب الله عبر الورقة التي قدّمها الأخير منذ 10 أيّام" على الرغم من أنّ الأخير صرّح يوم أمس بأنّ حزب الله "اودعه قبولاً مبدئيّاً على إقتراحه شرط النظر في التعديلات". وإذ لا يبدو أنَّ هناك نيّةً لدى باسيل للبحث في تعديلاتٍ جوهريّةٍ، يقترب تيار المستقبل أكثر فأكثر من تبنّي موضوع النسبية ليتكاتف مع رئيس الجمهوريّة، حزب الله وحركة أمل بالإضافةِ إلى الأحزاب القومية واليساريّة في تبنّي هذا الطرح.

وعلم "ليبانون ديبايت" أنَّ اللّجنة التي شكّلها السيد نادر الحريري لبحث موضوع النسبيّة وانعكاسها على تيار المستقبل، خرجت بدراسة أوليّة تؤكّد فيها أنَّ "النسبيّة لا تؤثّر بشكلٍ سلبيٍّ على تمثيل التيار الأزرق" على عكسِ ما يُشاع. وبحسب "بوانتاج" المستقبل، فإن النسبية على الدائرة الواحدة يمكن أن تأتي بأكثر من 22 نائباً للمستقبل بصافي الأصوات من مجموع الحصّة السنيّة في حال ذهب التيار إلى الانتخابات بالشكل الذي يجب أن يذهب فيه، وفي حال اختار السير مع شخصيّاتٍ وقوى معروفة يمكنه أنْ ينال عدداً أكبر من الأصوات وبالتالي رفع عدد النواب، وهذا ما يُعيدنا إلى ما كان "ليبانون ديبايت" قد نشره عن أنَّ الحريري ينظر إلى مستوى تشكيله "تكتلاً سياسياً نيابياً" ومن ضمنهِ يكون له كتلة وازنة، أي وفق الصورة المعبّر عنها اليوم بتكتّل التغيير والإصلاح.

هذه الخُلاصة التي أماطت اللّثام عنها أوساط قريبة من "المستقبل" لـ"ليبانون ديبايت" تُعتبر محفزاً للرئيس سعد الحريري من أجل السير بالنسبيّة، في حين أن الأوساط رأت بأنها "الوسيلة الأنجح لإخراج الرئيس الحريري من عنق زجاجة المختلط المحصور بالتمثيل الطائفيّ نحو البعد الوطني" والسلم الذي سينزل به عن الشجرة، على أنَّ الباقي يبقى للبحث في تقنيّات القانون.

إلى ذلك، يؤكّد أكثر من مصدر تحدّث معهم "ليبانون ديبايت"، انقطاع التواصل المفيد على المستوى الانتخابي بين سائرِ القوى الممثلة، كاشفةً أنَّ "خطوةً معززةً سيُكشف النقابَ عنها عند عودة الوزير جبران باسيل والرئيس سعد الحريري من عمّان"، لكن تؤكد في المقام نفسه، أنَّ "الاتصالات بين الشخصيات المكلفة متابعة الشأن الانتخابي مستمرة دون الاجتماع".

وذكرت أنّه ومنذ أواخر الأسبوع الماضي، هدأت محركات البحث الانتخابي بانتظار انتهاء موسم القمّة العربيّة، إذ إن السواد الأعظم من السياسيين اللبنانيين يترقّب المواقف التي ستخرج عن مجلس القمّة بما خصّ لبنان للبناء عليها في العمل، فإذا ما كانت على مستوى الدعم للعهد السياسي، ستكون بطبيعةِ الحال ذات تأثيرٍ دافعٍ باتجاه الحلول، وإذا ما التمس سوداويّةً في مكان، فمعناه أنّنا مستمرون في التأخير والمماطلة.