ليبانون ديبايت - المحرر السياسي

تقتربُ الدّوائرُ السّياسية من تطويبِ قانونِ الحشرة "السّتين" حلاً ببركة المصلحة التي يسير خلفها القادة الذين ما برحوا يتخلّون عن "القانون المشوّه" حتّى يعودون إليه بذرائع واهية، وبتعدّد أسبابهم، أثبتوا حجّتهم على "السّتين" ونيّتهم عليه المُضمرة في بواطن النفوس التي لا ترسم سوى العُقد في دربِ الحلول والصدق في اتّخاذه وصيّاً انتخابيّاً إلى ما شاء الله.

وإذ لم يعد يغدو كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي هباءً منثوراً، يبدو أنَّ قوى سياسيّة وازنة بدأت تبني عليه في تبنّي "السّتين" كون الراعي أزال من أمامهم حواجز عدّة حرّرتهم ضمنها من أعباء التبنّي، على الرّغم من أنّ دوائر بكركي قالت إنَّ الرّاعي تناول اقتراح السّتين من باب الهرطقة، لكن الهرطقة السّياسيّة لا تشفع في مثلِ هذه المواقف التي تُسْتَغَل في إطلاق أيدي شهوات النفوس. وحده رئيس اللّقاء الدّيمقراطيّ النائب وليد جنبلاط يمتلك الجرأة في البوح عمّا يختلج صدره والذي سيكشفه اليوم خلال مؤتمرٍ صحفيٍّ. قرأ جنبلاط في فنجان الراعي وكلّ التّطوّرات السياسيّة الحاصلة ليخلصَ إلى أنَّ الجميع يريد خشبة الخلاص وينتظرون من لديه الجرأة للتقدّم إلى وسط السّاحة حاملاً "السّتين" في يده.

استدرك جنبلاط، فأخذ المبادرة وجوجل الأفكار فأتى بقانون 25/2008 - الدّوحة ووضعه على بلاطةِ المَشْرَحة مجرياً عليه تعديلاتٍ تقنيّةٍ غير جذريّة مبقياً على موادّه الـ117 كما هي مجرياً هندسةً على شكلِ الدّوائر. وبحسب معلومات "ليبانون ديبايت" فإنَّ القانون المُشكّل من 26 دائرة ينتخب فيها على أساس النّظام الأكثريّ، سيجري تقليصها إلى ما بين 18 - 21 دائرة، وهي مُستمَدّة من الاقتراحات "المختلطة" التي أودعها جنبلاط لدى الرئيس نبيه برّي سابقاً.

وفي ظلِّ عدم الإمكانيّة للحصول على تسريباتٍ أكثر، تقول مراجع متابعة وقريبة من المختارة لليبانون ديبايت، إنَّ "المخطوطة" الجديدة ستجعل من بعبدا - عاليه دائرة واحدة منضمّ إليها الشّوف لتصبحَ فئة درزيّة خالصة. كذلك اشتمل الضّم على بعض أقضية الشّمال خاصةً تلك المسيحيّة فأنتج جنبلاط قانوناً معدّلاً على السّتين على أنْ يُجرَى تعميمه على الصالونات السياسيّة من خلال بوّابة تسويقٍ يقوم بها - على الأرجح - الوزيرين السابقين وائل أبو فاعور وغازي العريضي.

وفي حين تقول أوساط سياسيّة لـ"ليبانون ديبايت" إنَّ جنبلاط ربّما يكون قد وفّر مخرج الحشرة التي زرك السياسيين أنفسهم بها، أشارت أنَّ إمكانيّة إبصار قانون "جنبلاط" النّور وأخذه على محمل الجدّ موجودة، وربّما يحصل نتيجة أنَّ هناك جوّ يميل قبل جلسة 15 أيّار إلى "السّتين" بصفته حلّاً بديلاً عن الفراغ، لكنَّ هذه الأوساط لم تُسقِط من بالها معارضة الرئيس ميشال عون للسّتين ككل والتي كرّرها في لاءاتٍ ثلاث "لا للتمديد، لا للفراغ، لا للسّتين".

وعلى الرّغم من أنَّ الأوساط تعتبر طرح "السّتين معدّلاً" يفتح الباب أمام أزمة، لكنّها وفي الوقتِ نفسه تُبدي اعتقاداً بأنّها "لن تكون أشدّ وطأةً من تلك المعنونة في الفراغ أو التّمديد". جانحةً بهذا الرأي صوب أنَّ الجميع تمتّرس إمّا خلف النّسبيّة أو خلف المُختلط وليس هناك من نُقطة ارتكازٍ وسطى تجمع الاثنتين، وربّما "نسخة جنبلاط" تُوفّر المَخرج الذي يرتكز بين الاثنتين.

وتوازياً مع الطرح الجنبلاطيّ العتيد، فعّل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي محرّكاته الانتخابيّة صوب إنتاج قانونٍ، تقول أوساطه إنّه "مبنيٌّ على النّسبيّة الكاملة". وبعد أن كشف "ليبانون ديبايت" أمس أنَّ الاقتراح الجديد يقومُ على دمجِ أفكارٍ بين بري وقانون الشيخ نعيم قاسم، أكّدت أوساط "عين التينة" ذلك مضيفةً أنَّ "بري أفرغ ما في جعبته من الصيغ المختلطة وهو يرتكز حاليّاً على النّسبيّ" ويقوم بـ"جوجلة أفكارٍ يناقشها مع زواره من السّياسيّين المُمثِلين عن الأقطاب وهو يجد حتّى السّاعة قبولاً من حيث المبدأ لطرحهِ على أنْ تكون النهايات في الخواتيم".

وبينما الجميع يجهد في ربع السّاعة الأخيرة من محاولة إيجاد حلٍّ انتخابيٍّ قبل مُهلة 15 أيّار، عاد تيّار المستقبل للتقلّب في الخيارات الانتخابيّة، إذ أبلغ السّيد نادر الحريريّ المَراجِع المُختصة أنَّ المستقبل يوافق على الصيغة التأهيليّة المعدّلة من قبل الوزير جبران باسيل "من حيث المبدأ" وهو ما فتح شهيّة رئيس التّيار الوطنيّ الحرّ لإعادة التّمترس خلفها بعد رمق الحياة الذي نالته. وبات يُجاهِرُ باسيل لدى الأوساط بأنّه يحوز على ثقة المستقبل وحزب الله في هذه الصيغة لكنّه يفتقد إلى ركنٍ أساسٍ هو القوّات اللّبنانيّة التي وعلى الرغم من كلِّ الاتّصالات الجارية معها ما زالت ترفض الصيغة من أساسها إلّا من بوّابة ما قدّمت من ملاحظات.