ليبانون ديبايت

عمّدَ حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة مخلصاً للعقوبات الأميركيّة على حزب الله (قانون رقم 2297/2015) بنسختهِ الجديدة (2017)، على أن يقود "الحاكم" وفداً من الوزراء والنوّاب مطعّم تقنياً ويذهب بهم إلى واشنطن. كان قد سبق زيارة سلامة إلى قصر بعبدا زيارة يقوم بها حاليّاً رئيس مجلس الإدارة ومدير عامّ بنك الاعتماد، السّيد جوزيف طربيه، إلى الولايات المتّحدة، تندرج ضمن السّياق نفسه.

سلامة يأخذ الموضوع بتروٍ الآن منتظراً رياح الخريف التي ستحملُ معها أوراق الحِزمة المعدّلة والتي يحتاج إقرارها إلى بحثٍ مستفيضٍ في الكونغرس. وفي حين أنَّ ما سُرِبَ من معلوماتٍ حول الحزمة لا يغدو أكثر من 5%، لكنّه أدّى إلى تنشيط الاتّصالات من وزارة المالية إلى العدل فالمصرف المركزيّ وصولاً حتّى دوائر القصر الجمهوريّ، وبينها داخل اللّجنة التقنيّة التي تداعت لدرءِ الأسوأ.

وبحسب ما توّفر لـ"ليبانون ديبايت" ان نحو 100 شخصيّة من حزب الله والبيئة الشيعيّة مضافة على 90 أخرى ضمّت إلى قائمة العقوبات عام 2016، مشكلة من رجالات الأعمال والتّجار والسّياسيين ورجال الدّين حتّى، وربما يكون الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصرالله من ضمنهم! العقوبات التي ستستهدف نصرالله - إنْ حصلت - تأتي تحت خانة "التّرهيب المعنويّ" لكن ثمّة ترهيباً يمسّ الأصول قد يواجه تجّار شيعة معروفين في الوسط المحلّي.

وبالإضافة إلى الشّخصيّات، هناك قائمة المدارس الإسلاميّة المدعومة أو القريبة من نهج حزب الله ستشملها العقوبات إضافةً إلى إحدى الجامعات حديثّة النّشء المدعومة من الحزب، لكن الأبرز عقوبات شَمِلَت مؤسّسات اجتماعيّة وخيريّة تنشط في معونة الفقراء والمُحتاجين، وهذه يردها الدّعم من خلال حساباتٍ بنكيّةٍ - مصرفيّة كتبرعات. وعلم "ليبانون ديبايت" أنَّ جزء من تلك المؤسّسات كان قد أوقف حساباته البنكيّة قبل فترةٍ خشيّةَ الوقوع بفخِّ العقوبات الأميركيّة في النّسخة الماضية وجزء آخر ما زال مفعِّلاً تلك الحسابات الجارية التي يبدو أنَّ الخطوة الحاليّة ستُنهي أمورها، ما يُهدّد بعواقبَ وخيمة على تلك المُؤسّسات.

وإضافة إلى الاجتماعيّة، هناك "جهاد البناء" المعنيّة بشؤون التطوير التي كانت قد وُضِعَت على القائمة السّابقة، وفي الإعلام، شملت التحديثات الجديدة كلّ أفرع "المجموعة اللبنانيّة للإعلام"، لكنّ الأشدّ إيلاماً ما سرّب لليبانون ديبايت عن استهداف مؤسّساتٍ صحافيّةٍ "قريبة من حزب الله" بوصفها "ناطقةً غير رسمية باسمه" أو "تخدم مشروعه" أو "تروّج له".

وإنَّ ما يُسرّب في بيروت يؤكّد أنَّ المكتب الخاصّ بمراقبة الأصول الأجنبيّة في وزارة الخزانة الأميركية (OFAC) أصدر المراسيم التطبيقيّة للقانونينِ الجديدين المُزمَع بحثهما بكثافةٍ في الكونغرس بدءاً من شهر أيّار القادم، تؤكّد معطيات "ليبانون ديبايت" أنَّ الرئيس سعد الحريري أخذ على عاقته تتبّع مجريات حزمة العقوبات الجديدة وخطّ الخطوة الأولى من خلال مناقشتها مع وفدٍ من الكونغرس الذي زار بيروت قبل أيّام، على أنْ تستتبِع الخطوة بزيارة - يعدّ لها - إلى واشنطن ربّما يترأس خلالها الوفد الرسميّ والاقتصاديّ الذي سيستطلع في العاصمة الأميركيّة شكل العقوبات.

وفي سياق مرتبط، شكّل على عجل، لجنة مُصغّرة ضمّت كلّ من النوّاب "باسم الشّاب، ياسين جابر، وآلان عون" وتوجّهت فوراً إلى واشنطن للمشاركة في اجتماع الربيع الخاصّ بصندوق النّقد والبنك الدوليين، لتأتي الزيارة على شكل عمليّة استطلاعٍ أوليّة للموقف الأميركيّ، إذ أجرت انطلاقاً من خلفيتها البرلمانيّة لقاءاتٍ عدّة مع نوّابٍ في الكونغرس.

هذا ويرفض حزب الله التّطرّق إلى موضوع حزمة العقوبات لا من قريبٍ ولا من بعيد، لكن دوائره يبدو عليها الاهتمام في بحث الخطوط العريضة داخل الغرف الداخليّة ومحاولة نسج رؤيةٍ لكيفيّة مواجهة النسخة التي لا يخفي مطّلعون مصرفيّون بأنّها "قاسية" ويمكن أن يؤدي إلى هبوطٍ حادٍّ في مؤشّر السّوق المحليّة.