"ليبانون ديبايت" - زياد أنطوان الشويري:

ثمّة قلق غير تَقليدي يجتاح المناخ السياسي في لبنان على وَقع التأزّم الراهِن في ملفّ قانون الإنتِخاب.

لاءات ثلاث لرئيس الجمهورية حدّدت أطر الحَل الجذري أو الأزمة المتجذّرَة القادِمَة على شَكل غَمامَة غير محمودَة النتائِج: لا للتمديد، لا للستين ولا للفراغ!
في مقابِل ذلك يبدو أن الرئاسة الثانية، وفي محاولَة لِتفادي الفَراغ لا تستثني خيار التمديد أو حتّى مسايَرَة مَن يرّوجون للقانون النافذ...قانون الستين.

البلد مأزوم وشكل الغَمامَة التي تسيطرعلى حَوض بلدِنا صعبَة التوقّع لكنّها حَتماً ليسَت غَمامَة صَيف عابرَة وستترك بصماتِها على حياتنا الوطنية عموماً وعلى عَهد الرئيس خصوصاً، في ظلّ تَهالُك مهلَة الثلاثين يوماً التي توشكُ أن تلامِسَ الخامِس عَشَر من أيار المقبل دونَ عَوارِض إيجابيّة توحي بولادَة المَولود الذي طالَ إنتظاره.

المسيحيون مأزومون...كلّما استحالوا قوّة نافِذَة وفاعِلَة تمرّسوا في التآكل وفي تَشكيل أحلاف نابذَة لأقليات فيما بينهم. تصدُّع المسيحيين سياسياً فيما بينهم هو العطب الذي يعطّل رأب الصدع بينهم وبين المكونات الأخرى في الوطن.

عندما كانت الجبهة اللبنانية على قيد الحياة كانت تضمّ تحالف عدة أحزاب وشخصيات سُمِّيَت يَومذاك يمينية أي سنة 1976 في بداية الحرب الأهلية اللبنانية وتمحورَت فلسفتها الوجوديّة حول مواجهة الحركة الوطنية اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية. وقد ترأس الجبهة الرئيس الأسبق كميل شمعون زعيم حزب الوطنيين الأحرار،وضمّت الكتائِب والأحرار والرئيس سليمان فرنجيه وحرّاس الأرز وحزب التنظيم ثمّ توسّع البيكار لِضمّ شَخصيات مستقلّة أمثال سَعيد عَقل وشارل مالِك والعديد من الشخصيات الروحية والزمنيّة.

لَم تتخَلخَل مَداميك الجبهة اللبنانية إلا بعد خروج الرئيس سليمان فرنجيّه منها ولسنا في معرَض الغوص في الأسباب والظروف وتَفاصيل النتائِج لأن القاصي والداني يعرِفها.
التاريخ لا يعيد نفسه إنما يعيد الأمثولَة في عصور مختلفة وهذا ما يمكن تعلّمه:المسيحيون لا تقوى شوكَتهم إلا بِضمّ كل اطياف موزاييكهم الداخلي وخروج أي فَصيل منهم هو إضعاف قدرتهم على التفاوض وعلى تَحصيل حقوقهم الوطنية.

هل تعلّم المسيحيون الأمثولَة؟ لستُ في مَوقع المُجيب بل المتسائِل وهذه نَماذِج عن علامات إستِفهام عَديدَة أختصرها بقلّة قليلَة: لَماذا كانَت النسبيَّة خياراً للمسيحيين قبل أن تَستَحيل كابوساً؟ ما الذي يَحول دونَ توّحد المسيحيين في إطارٍ سياسي شبيه بالجبهة اللبنانيّة بمسمّى سِلمي مختَلِف يضمّ كافة الأطياف والشخصيات المستقلة؟ ما هي الحسابات السياسيّة الخاصّة بكل فَصيل مَسيحي؟ ما هو مصير المستقلين في الموزاييك المَسيحي؟ ما الذي يَمنعَ أحزاب مسيحية ذات إديولوجيّة واحِدَة من الإتفاق؟كيف يستطيع المسيحيون والحالَة هذه محاوَرَة ومجاورَة الشريك الآخَر في الوَطَن؟

أخصّائيو التواصل والحِوار سيحتاجون إلى وَقتِ طَويل قبل الإجابَة عن هذه الأسئِلَة ولعلّهم سيعانونَ الأمرّين من أجل عدم تَخَطّي عَتَبَة الخامِس عَشَر من أيار المقبِل موعِد دخول البلاد في عَصرٍ يُخشَى فيه عَدَم جَدوى الأسئِلَة...والأجوبَة!