"ليبانون ديبايت"

يُصدر الأمين العام للأمم المتحدّة، تقريراً مرّة كلّ ستّة أشهر، يتناول فيه مدى احترام لبنان لتطبيق القرار رقم ١٥٥٩ الذي صدر في الثاني من أيلول ٢٠٠٤. وبعد أنْ انسحب الجيش السّوري من لبنان عام ٢٠٠٥، بقيَ السّلاح هو الشقّ الذي يهمّ الأمم المتّحدة في القرار.

التقرير هو بمثابة تقييمٍ عامّ لمدى تنفيذ القرار ١٥٥٩، ويتناول الأحداث الأمنيّة، والتطوّرات التي شهدها لبنان على مدى الشهور السّتة الماضية، و "التجاوزات" التي حصلت، كما يتضمّن توصيات إلى الحكومة اللّبنانيّة، ودعوات إلى المجتمع الدوليّ لدعم الجيش اللّبناني، وغيرها من النقاط والوقائع التي تّدرج بدقّة وتفصيل في القرار.

وفي هذا السّياق، كشفت مصادر ديبلوماسيّة موثوقة لـ"ليبانون ديبايت"، عن بعض النقاط التي ستشير اليها النسخة الجديدة من التقرير المتوقّع صدوره عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في الفترة القريبة، إذ سيتطرّق حتماً إلى الاشتباكات الأخيرة التي وقعت في مخيّم عين الحلوة الأمر الذي يتناقض مع مضمون القرار ١٥٥٩، لجهة مطالبته نزع السّلاح الفلسطيني من لبنان، كذلك الجولة الإعلاميّة التي قام بها حزب الله على الحدود الجنوبية بوصفها "مظهراً من مظاهر الاستفزاز المحمي من السلاح".

وأشارت المصادر إلى أنَّ "التقرير سيتناول مسألة حلّ الميليشيات من جديد لكن في سقفٍ أعلى كونه سينطلق من دور حزب الله في سوريا المُتعارض مع إرادة الدّولة اللّبنانيّة متقاطعاً مع الدفع لإخراجه من المشهد السوري في ضوء التطوّرات الجديدة المتمثلة بإنشاء المناطق الاربعة الآمنة"، معتبرةً أنَّ "الرسالة التي يعمل التقرير على إيصالها تأتي في إطار اعتبار أنَّ حزب اللّه بات يشكّل خطراً ليس فقط على لبنان إنما على المنطقة بأكملها، من هنا ضرورة وضع حدّ لتوسّعه وإنخراطه في المعارك".

ورأت المصادر أنَّ "التقرير يتضمّن شقّين أساسيين، الشقّ الأوّل يتماهى مع السّياسة الأميركيّة التي وضعها الرئيس دونالد ترامب، وخصوصاً تجاه العقوبات الماليّة الأخيرة ضد حزب اللّه، ليعطي هذا الملف صبغة ودفعاً سياسيين يخدمان مسار الضغط على حزب الله، من خلال إعطاء ترامب مظلّة دوليّة من بوّابة القرار ١٥٥٩ وما يحمله من بنود. أمّا الشقّ الثّاني، فيهدف إلى تعزيز الضغط على حزب اللّه لإخراجه من سوريا والحدّ من نفوذه في لبنان، وإعادة تذكير الحكومة بأنَّ السّلاح غير الشّرعي يقوّض سلطتها ويتعارض مع القرارين ١٥٥٩ و ١٧٠١".

وتأتي هذه الخطوة، لإعادة توجيه البوصلة الداخليّة إلى حزب اللّه، في إطار الحرب متعدّدة الأوجه التي تُمارس ضدّه، وتحديداً بعد الحالة الوطنيّة القائمة في الفترة الأخيرة، لحشره في الزاوية الطائفيّة وتشديد الخِناق عليه.

مصادر معنيّة في بيروت، اعتبرت أنّ "تقرير الأمين العام للامم المتحدة هذا يأتي تزامناً مع الدفع الدوليّ باتّجاه حلّ الملف الانتخابي، وحثّ الأطراف السّياسيّة على إتمام الاستحقاق النيابيّ، في خطوة للتأثير على موقع حزب اللّه وتحالفاته الانتخابيّة، من خلال إعادة القرار ١٥٥٩ إلى الواجهة، وكأنّه بات مجرّد أداة موسميّة تستخدم لممارسة الضغوطات على الحزب عند كلّ استحقاق تحت عنوان ضرورة التزام لبنان بالقرارات الدوليّة".

وختمت بأنَّ التوقيت الذي سيصدر فيه التقرير يمكن التوقّف عنده ويأتي توازياً مع الإشتباك الاقليمي الواضح وانسجاماً مع تغيير مزاج الإدارة الأميركيّة، لتخلص بالقول إنَّ "١٥٥٩ بات أداة للضغط ورفع وتيرة الاشتباك أكثر من كونه قراراً خدماتياً، والحقيقة انه يخدم مصالح من أوجده ويأتي دوماً عند تقاطعات تقيسها واشنطن وفق مؤشرها".