Beirut
16°
|
Homepage
"انقلاب في القوّات".. وقراءة سياسيّة جديدة
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الخميس 11 أيار 2017 - 3:22

ليبانون ديبايت – عبدالله قمح

ما سرّ تغيّر مزاج القوّات اللّبنانيّة الانتخابيّ ومعاكستها التيّار الوطنيّ الحرّ فجأة؟ هل الموضوع مرتبط فقط بملف الكهرباء، أم هناك ماء في فم معراب؟ سؤالان يقودان إلى إشارةٍ تدلّ على وجود تباينٍ في المواقف بين الحليفين الجديدين، وهذا التباين لا يمكن إخفاؤه أبداً كونه ارتبط بسلسلة تغييراتٍ فاقعة.

التغييرات بدأت حيّن قرّرت معراب إعادة صوغ قراءتها السياسيّة الداخلية انطلاقاً من التأزّم والركود الداخليين، واستخلصت أنَّ إعادة المياه إلى مجاريها محليّاً يحتاج دفعاً باتّجاه الحلول. وفي غمرة الأحداث المتشابكة أعطت جرعة دفع لحضورها السياسيّ من بوّابة قانون الانتخاب الذي تُرِكَت شؤون بحثه حكراً على رئيس التّيّار جبران باسيل، والذي ناب عن القوّات في اجتماعات الرباعيّة، وكلّفته الحديث باسمها كونه انطلق من حيثيةٍ مسيحيّة. وقع الخيار على النائب جورج عدوان لقيادة دفّة تغيّر مزاج معراب السياسيّ فاخْتِير مُمثلاً ومفاوضاً رسميّاً للقوّات في النقاشات الانتخابيّة المعروفة باسم "الرباعيّة". وسعت اللّجنة لتصبح "سداسيّةً" بضمه الى جانب غازي العريضي عن التقدميّ الاشتراكيّ.


بدا لافتاً الدور الذي ناله عدوان الذي يعرف كيف يعبر القطوعات وينسج العلاقات. تحوّل فجأةً اهتمام القوى السياسيّة الأخرى بالشأن المسيحي من باسيل "العلماني" إلى عدوان "الأصوليّ المسيحي" - (هكذا يقال في القوّات تاريخيّاً) - الذي أولاه الرئيس نبيه برّي ثقته في الطوف باقتراحه وتسويقه، هذه الثقة لم يصلها حتّى باسيل، إذْ ظهر أنَّ عدوان ليِّن طائفيّاً أكثر من رئيس التيّار! ظهر أّنَّ عدوان ومن خلفه القوّات يتمتّعان بديناميّةٍ أكثر من التعاطي بالشأن الانتخابي مقارنةً بالمتاريس التي رفعها باسيل، فتحوّلت القوّات من مشارك عادي في النقاشات إلى قطبٍ يقرّر، ما عزّز دورها وحرّره.

نادت القوّات دوماً بالقوانين المختلطة حصراً والتي شاركت في صوغها مع أقطاب أساسية بارزة. بعد إعلان "ورقة النوايا" وتوكيلها باسيل الحديث نيابةً عنها انتخابيّاً، جارت معراب رئيس التّيّار بكلّ طروحاته التي وللمفارقة، كانت دوماً تصل إلى طريقٍ مسدود وترتطم بالحائط، نتيجة عدم وجود كيمياء بينه وبين كثر من الأقطاب السياسيين بسبب خطابه الرنّان. وجدت القوات - ربما - أنَّ بقاء الأمور على حالها يُصعّب مهمّة إقرار قانونٍ انتخابيٍّ. كانت النيّة للقوّات أساساً من كلّ ذلك، رفع حضورها التمثيليّ النيابيّ في الكتلة لتصل إلى عددٍ جيّد من النواب.

بعد اتّفاق "إعلان النوايا" وإعلان باسيل أنّه سيتحالف مع القوّات لـ"تصحيح التمثيل المسيحيّ"، وجدت معراب ضالّتها في عدوّها السابق اللّدود، فجارته في طروحاته الانتخابيّة عساها تنال المُبتَغَى بكتلةٍ مسيحيّةٍ وازنة تقسّم على اثنين بين الفريقين، لكن الأيّام كانت تمر دون حصول أيّ خرقٍ لا بل إنَّ الذي كان يظهر من بين خيوط النقاش، يؤكّد أنَّ الأمور آخذة نحو التأزيم أكثر كلّما تمترسَ باسيل خلف طروحاته الطائفيّة، وبالتالي يصبح رهان القوّات مسيحيّاً ذاهباً أدراج الرياح، وكسب المقاعد قد ينهار أمام تعنّت الفرقاء إزاء الطروحات الباسيليّة.

أخذت القوّات خيارها بالتغيير أوّلاً على مستوى تمثيلها الانتخابيّ وتوكيل شخصٍ براغماتي لشَغلِ الموقع، وهكذا كان. دينامية عدوان، حاكة قراءة قواتية جديدة لقانونِ الانتخاب نابعة من تيقّنها باستحالة تحقّق المطالب الباسيليّة، وكون فكرة الكتلة النيابيّة الوازنة تدغدغ مشاعرها، اختارت العودة إلى خيار القانون النسبيّ على 15 دائرة الذي توافق عليه القادة المسيحيين في بكركي عام 2015 ومن ضمنهم القوّات، الذي يحقق لها ما يقارب الـ15 نائباً. سارت على هذا الطريق عبر مبدأ "أفضل الممكن الراهن" وكي لا تفرّط بكلِّ شيء.

بالتالي تكون القوّات قد سدّدت هدفين بمرمى التّيار وباسيل. الأوّل تمثّل بتقديم عدوان مفاوضاً عن القوّات وإعطائه الضوء الأخضر للذهاب بعيداً في الطروحات الانتخابيّة التي تبحث، حتّى إذا ما كانت تعاكس خيارات الحليف - التّيّار -، أمّا الخرق الثاني فيكمن بتحوّل موقف "القوّات" من "المختلط" إلى "النسبيّة" على أساس عشرة أو خمسة عشرة دائرة، وهو ما كان حتّى التفكير به مستحيلاً قبل أيّامٍ قليلةٍ ماضية.

مصادر متابعة تخلص بالقول إنَّ الذي أوصل الأمور إلى هذه الحال، هو تعمّد باسيل وحزبه السياسيّ ممارسة الفوقيّة في العلاقة مع حلفائه، الأمر الذي ظهر بشكلٍ واضحٍ في ملفّ الكهرباء وعدم تقبّل وزير الطاقة سيزار أبي خليل ملاحظات وزراء "القوّات"، او سماعها حتّى! وهي أمور لا تمرّ عليها معراب أبداً حتّى وإنْ أبقت سقف الخطاب مع الرابية متوازناً ولا يتجاوز الخطوط الحمر.

خروج القوات عن "المختلط" و "التأهيليّ" و "المزاج الباسيليّ" يعتبر انتكاسة كبيرة للتّيّار الذي راهن عن المظلّة المسيحيّة المفتوحة والتي يبدو أنّها بدأت تُغلق عليه.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
كليب "يُرجح" ما قد تبلغه فرنسا لِميقاتي اليوم! 9 حافي القدمين... نائب سابق يتعرّض لسرقة "من نوع آخر"! (فيديو) 5 بالفيديو: إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في برج حمود 1
واشنطن تكشف دورها في "الضربة الإسرائيلية" على ايران 10 "النكزة الأخيرة"... منشورٌ "ناريّ" للسيّد! 6 حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي" 2
بشأن تعديل قيمة رسوم المعاملات... بيانٌ من الأمن العام! 11 بشار بطل عمليّة نصب كبيرة في طرابلس! (صور) 7 مستجدات فصل بو صعب من التيار! 3
"التيار معجون عجن بالغش"... جعجع يستنكر! (فيديو) 12 عصابة "خطرة" تنشط في طرابلس... بطلتها إمرأة! 8 سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر