ليبانون ديبايت - المحرّر السياسي

لا يبدو أن مؤتمر وزراء القوّات اللبنانيّة مرّ على خير، فالظاهر ان رياحه العاتية باتت تنتجُ اموجاً برتقاليّة تلاطم سفن معراب الراسيّة على مرفأ بواخر الكهرباء التي ودون شك كهربت العلاقة بين الحليفين مصعوقةً بدرجة عالية من الميغاويطاط مع تخوّف ملحوظ من بلوغ الاشتباك مراسي قانون الانتخابات المتلاعب به برياح شديدة السرعة تميله كل ساعة على جهة.

الصفعة التي تلقاها "العونيّون" رُد عليها برميات "برتقالية" من النوع الثقيل ظهرت في تصريح عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب الآن عون الذي اخذ على عاتقه الضغط على الزناد مطالباً القوّات بـ"إعادة النظر بسلوكها" معتبراً انه (السلوك) "يضرّ بالعلاقة مع التيّار" قائلاً أن "النقاشات والاختلاف بوجهات النظر مشروعة لكن التعبير بهذا الشكل هو خاطئ، وقد وضع حزب القوات اللبنانيّة نفسه في قلب حملة تشنّ على التيّار الوطنيّ الحرّ وهذا الاداء لا يخدم العلاقة".

الموقف الذي هو اشبه بـ"هزّ عصا" واكبه آخر تقنيّ تكفّل به النائب إبراهيم كنعان الذي شدّد بعد انتهاء اجتماع لجنة المال والموازنة على أنّ "خطة الكهرباء مقرّة منذ العام وقد وافق عليها مجلس الوزراء وكلّف وزير الطاقة سيزار ابي خليل باستدراج العروض والقيام بالاجراءات اللّازمة"، لكن الموقف الأكثر من لافت، قاده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يبدو انه بات يجنح اكثر فأكثر نحو ان يكون طرفاً. وبعد ان عبّر عن انحيازه الى جانب التيّار الوطنيّ الحرّ بمسألة قانون التأهيل الطائفي، كرّس هذا الانحياز بموقف من قصر بعبدا أعلن فيه "تصميمه على الاستمرار في مكافحة الفساد ووقف الارتكابات والصفقات المشبوهة وانه "لن تثنيه عن هذا الخيار اي محاولات او ضغوط تمارس لعرقلة مسيرة الاصلاح التي بدأها العهد"، والغمز ووجهته في هذا المقام واضحين لجهة المقصود منه.

الجوّ "المكهرب" هذا، انعكس على القاعدة الشعبيّة البرتقاليّة حيث شنّ ناشطون في اليومين الماضيين حملة استهدفت القوّات اللبنانية وعلى وجه الخصوص نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصّحة غسّان حاصباني من بوّابة مشكلته الماليّة العالقة مع شركة الاتصالات السّعودية STC دون ان تخفي بين ظلالها توجيه اتهامات بالفساد.

انتخابياً تترقّب الاوساط السياسيّة بيان تأجيل جلسة 15 ايّار المتوقّع ان يصدر عن مكتب المجلس في السّاعات القادمة. يتزامن ذلك مع تخوّف من انعكاس تكهرب البواخر على هذا الملف مع اتّساع دائرة الاعتراض على الصفقة، لكن مصادر قريبة من جوّ الاتصالات، تكشف لـ"ليبانون ديبايت" ان هناك سعياً حثيثاً للفصل بين الملفّين، كاشفةً في السياق، ان التنسيق العوني- القواتي بما خصّ قانون الانتخابات هو "ضمن سقف مرتفع" متحدثة عن لقاء حصل بين النائب جورج عدوان (المكلف تسويق قانون الرئيس نبيه بري) والوزير جبران باسيل جرى فيه طرح الصّيغة.

ولا يظهر ان رئيس التيار غارقٌ في عشق صيغة برّي بل على العكس تماماً هو أقرب الى الرفض الكلي لها من الموافقة عليها. يأتي ذلك مع ارتفاع النقاش والاتصالات على خط بيت الوسط - عين التينه لململة ذيول المواقف الماضية والبناء على الجديد منها المتعلق بالدعم الذي اعلنه السيد نادر الحريري لاقتراح قانون الرئيس برّي النسبيّ.

ويظهر ان تيار المستقبل، قد اعاد كرّة تبديل المواقف، اذ ابلغ رئيس التيار الوطني الحر ان بيت الوسط بات يفضّل اقتراح الرئيس بري النسبي (مع بحث في شكل الدوائر)، وبالتالي يكون قد وجّه صفعة جديدة للاقتراح التأهيلي الذي يرفض لغاية الان التيار الوطني الحر اسقاطه، وهو بحسب اوساط "ليبانون ديبايت"، "لا يرى سواه" وهذا قد عبّر عنه النائب الآن عون بشكل واضح يوم امس إذ قال "لم يسحب شيئ من التداول بعد والأمور على حالها والمشاريع المطروحة على الطاولة ما زالت مطروحة ومن ضمنها التأهيلي، والذي وافق عليه الكثير من الأفرقاء" مكرراً رفض الستين والتمديد بوصفهما "غير مقبولين" مع التشديد ان "الفراغ لا نريده" ونأمل ان تتحرك المواقف اكثر مع اقتراب انتهاء المهلة.

وعلى الرغم من كل الايجابيات التي سرت في الايام الماضية، لكن اتصالات الـ48 ساعة الماضية التي بدأت على خط تسويق اقتراح برّي، لا يبدو انها لامست المطلوب ابداً، والتسريبات تشير الى ان "الجمود عاد مجدداً" وهو ما يدفع بإتجاه تقريب موعد عقد اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بحث قانون الانتخاب حيث علم "ليبانون ديبايت" ان هناك توجه لالتئامها في اليومين المقبلين، بغية البحث عن مخارج تقود الى ما بعد جلسة 15 ايار. وفي ظل هذا الجو الملبّد بالغيوم، إختار زعيم اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، دخول فترة الصوم على مائدة الانتخابات، معلناً أنه و "من اجل الوصول الى قانون انتخابي توافقي سألتزم بالصمت الاعلامي في هذه الاجواء من الحروب الباردة. على كل الرفاق الالتزام"، وهذا تقاطع مع قرار وقف التراشق الإنتخابي الذي إتخذ على رعلى المستويات، ووصف بأنه هدنة تثبيت مواقف تسبق وتمهد للإتفاق.

لكن صوم جنبلاط على ما تقول مصادر "لن يقدم او يؤخر كونه اشار وقال بما يريد وتحقق له ذلك" اما على الجهة التي يجب فعلاً ان تصوم حالياً عن الكلام والافعال، هي تلك التي تضع العراقيل والعصي في الدواليب في ظل تشبثها برأيها دون تقدم او تراجع.