"ليبانون ديبايت"

ما سرّ اندفاعة القوّات اللّبنانيّة صوب انتقاد خطة بواخر الكهرباء علماً أنَّ وزرائها لم يبدوا اعتراضاً على توكيل الحكومة لوزارة الطّاقة القيام بمهام استقدام بواخر جديدة؟ سر الانقلاب "القوّاتي" يقودنا إلى "شعبيّات" يسطع نورها هنا وهناك، بعد مراكمة معراب لخسائر بالجملة منذ دخولها شريكاً في الحكم، ما يؤدي إلى فهم أنَّ القوّات تسعى لاسترداد الخسائر بمحاكاتٍ شعبيّة.

وتُلخّص مصادر سياسيّة متابعة لـ"ليبانون ديبايت" الاعتراض على مشروع استجرار البواخر بشقين:
- الأوّل في معارضة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، للملف على اعتبار أنّه ملتبّس وفيه الكثير من الهدر

- الثاني تقوده الكتائب ويرتكز على وجود مخالفاتٍ تقنيّةٍ في صلب دفتر شروط مناقصة البواخر

في الشّقّ الثاني مربض الفرس، إذ يشكّل النقطة المحوريّة بالنسبة للقوات. وفي هذا الإطار، تلمح المصادر أنّ "الكتائب" كانت المُبَادِرَة إلى رفضِ مناقصةِ الكهرباء واستقدام البواخر، وشنّت الحملة من منطلقاتٍ تقنيّةٍ بحته واضحة وصريحة، أهمّها تلميحها إلى وجود اتّفاق مسبق مع الشّركة المؤجّرة قبل عام في تركيا، إضافةً إلى الكلفة المُرتفعة للإيجار بالمقارنة مع دولٍ أخرى، ومشاكل غيرها متعلّقة بمبدأ استئجار البواخر، والشّبهات التي تطال الملف ككلّ، بينما وعلى المقلب الآخر كانت "القوّات" غارقة في الموافقة على دفتر الشروط على طاولة مجلس الوزراء قبل أنْ تعارضه.

سرّ تبديل الموقف، حسب قراءة المصادر، يدخل من باب المزايدات على مطالب الكتائب، بعد أنْ أدركت معراب أنَّ صمتها عن الصفقة يزيد من مراكمة الخسائر المعرضة للتخمة يوماً بعد آخر، في المقابل ترصد معراب ارتفاعاً في مستوى التأثير الشعبيِّ للكتائب في القضايا الحياتيّة، وصل حدّ دغدغة مشاعر القاعدة القوّاتيّة نفسها، فانبرت للحدِّ من اندفاعة الكتائب نحوها ونحو القضايا الاجتماعية، وعدلت عن الموافقة، بالمجاهرة في المعارضة.

وأكّدت المصادر أنّ "الهدف الأساس من خلف معارضة "القوّات" القويّة لخطّة الكهرباء "شعبويّة" بامتياز، وتأتي من نيّة قطع الطريق على الكتائب في الاستفادة الشعبيّة وتجييرها لمصلحة القوّات، التي قامت بطمس كلِّ معالم سكوتها السابق عن خطّة الكهرباء و"استنساخ" الخطاب الكتائبي كما هو بنية زيادة الرصيد الشعبيّ، وتفريع خطاب الكتائب من مصادر قوّته.

ورصدت المصادر ازدواجيّةٍ في المعايير عند "القوّات"، على اعتبار أنَّ الحزب يعدّ ركناً أساساً من أركان الحكم والعهد الجديد، وموجوداً بقوّة داخل الحكومة التي يحوز نيابة رئاستها، الأمر الذي يطرح علامات استفهامٍ كثيرة حول المسائل التي يعارضها، والتي يُعتَبَر شريكاً فيها، انطلاقاً من شراكته مع العهد وقربه من رئيس الحكومة وانسجامه الكلّيّ مع التّيّار الوطنيّ الحرّ.