لبنان يبدو كأنه كان ولم يكن في القمة العربية - الاسلامية - الاميركية في الرياض. وليس الخلاف بعد المشاركة في القمة أو أقله تباين الآراء حول اعلان الرياض مفاجأة لأحد. فنحن جزء من الصراع الجيوسياسي الدائر في المنطقة، وان كنا نتبنى رسميا شعار الابتعاد عن الازمات المشتعلة من حولنا كبديل من شعار النأي بالنفس عن صراع المحاور الاقليمية. ونحن، بطبائع الأمور، منقسمون في المواقف من الصراعات، وبعضنا منخرط في معاركها، وان كنا نتحاور ونتجاور في المواقع حول طاولة السلطة. حتى خلافاتنا في الملفات المحلية، فان كثيرين يرونها مفتوحة على الخلافات الاقليمية.

وليس في البند المتعلق بالشأن اللبناني والذي جاء في نهاية البيان المشترك الاميركي - السعودي ما لم نقرأه في القراءات الدولية والتقارير الدولية التي يقدمها الامين العام للامم المتحدة الى مجلس الامن حول تنفيذ القرارين ١٥٥٩ و١٧٠١. من اهمية دعم الدولة اللبنانية لبسط سيادتها على جميع اراضيها ونزع سلاح التنظيمات الارهابية مثل حزب الله الى جعل كافة الأسلحة تحت الاشراف الشرعي للجيش اللبناني. ومن الصعب او المبكر توصيف هذا بانه امر عمليات، وان سارع كثيرون الى تصويره كذلك. فلا واشنطن والرياض في وارد تنفيذه. ولا السلطة المنقسمة حول الموقف من سلاح حزب الله ودوره الاقليمي والرافضة في الوقت نفسه لتصنيف الحزب كمنظمة ارهابية تجهل انها عاجزة عن نزع السلاح لو ارادت، ولم تكن حكومة ربط نزاع حسب تعبير رئيسها سعد الحريري.

مفهوم ان اميركا تقدم مساعدات للجيش اللبناني وتراهن على دوره في حماية الاستقرار وضرب الارهاب. وكان من اللافت ان يرد ذكر لبنان في خطاب الرئيس دونالد ترامب امام القمة من باب محدد: الاشادة بالجيش ودوره، والتذكير بموضوع النازحين السوريين. لكن السؤال الذي لا مهرب من طرحه هو: هل تعيد الرياض احياء هبة المليارات الثلاثة التي جرى وقفها، بحيث يتم تزويد الجيش بالاسلحة الفرنسية حسب العقود الموقعة؟ وهل زالت الاسباب التي دعت الى وقف الهبة، بعدما اعترف الجميع بالاداء القوي والمحترف للجيش اللبناني في محاربة الارهاب، وعندما صارت الحرب على الارهاب بكل اشكاله وتنظيماته اولوية استراتيجية اقليمية وعالمية تطلبت شراء اسلحة اميركية متطورة للجيش السعودي بأكثر من مئة مليار دولار؟

مهما يكن، فان الحد الادنى المطلوب في الجانب اللبناني من اللعبة الكبيرة في المنطقة هو ان تلعب القوى السياسية اللبنانية دورها في الحفاظ على الاستقرار والحرص على اعادة تكوين السلطة ديمقراطيا. وهذه ليست مهمة مستحيلة ولا صعبة، ان كنا نخاف بالفعل من وصول حروب المنطقة الى لبنان.