"ليبانون ديبايت" - الوزير السابق فادي عبود

هل استوعب احدهم في لبنان حجم اقفال باب المندب على التجارة العالمية وكيف سيتأثر لبنان واذا كان يوجد امكانية للاستفادة من هذا الوضع!؟

تمنيت ان اقرأ او اسمع اي تحليل او تعليق ممن يسمون انفسهم خبراء اقتصاديين حول اثر اقفال باب المندب على لبنان! وان يبادروا الى اقتراحات للاستفادة من الواقع ، وان ينتقلوا من عالم النظريات الى عالم الانتاج . ألم ينتبه المسؤول ان تجنب السفن من الابحار من خلال البحر الأحمر (باب المندب) قد يفتح المجال لتنشيط ممتاز للترانزيت من خلال مرفأ بيروت.

هذا الممر هو ممر شحن بحري له تأثير كبير على التجارة الدولية وهناك دور رئيسي للبنان علينا اعادة البحث به .
في المحصلة الاولى زادت اكلاف الشحن من الصين الشعبية ومن الهند عدة اضعاف ، وبالطبع ذلك سينعكس على كافة البضائع المستوردة .

فما هو دور مرفأ بيروت في ظل هذا الواقع ، وهل يفكر القيمون على هذا المرفأ والذين اصروا على ابقائه في مكانه من دون دراسة جدوى اقتصادية كيفية تطوير حركة الترانزيت، وهل لديهم تصوراً لكيفية اعادة العز الى مرفأ بيروت وجعله مرفأ استراتيجي .

يستطيع مرفأ بيروت ان يكون مركزا اساسيا لخدمة الترانزيت من لبنان الى الدول المجاورة مثل سوريا والاردن والعراق وايضاً الدول الخليجية اذا استطعنا تأمين اكلاف ترانزيت معقولة ، بمكن خلق مداخيل تصل الى ملايين الدولارات وادخال العملة الصعبة الى البلد .
يجب ان نبدأ بالتفاوض مع سوريا حول اكلاف مرور الشاحنات الترانزيت ، وهذا الموضوع ما زال يتم التعامل به بدلع وبطريقة عض الاصابع علما انه موضوع استراتيجي، علينا ان نطلق مشاورات من مبدأ المصلحة المشتركة للبلدين وبالارقام ، حيث ان انعاش حركة الترانزيت وخاصة في ظل هذه الظروف سيعود بالنفع على البلدين ويساهم بادخال العملة الصعبة التي يحتاجها البلدين حالياً. هذا الموضوع يستأهل ان ينقل وزير النقل محل اقامته الى الشام الى حين ايجاد حلول للموضوع ، والحل ليس بالسياسة ، بل بالتفكير الاقتصادي المبني على الارقام ، يمكن زيادة شاحنات الترانزيت التي تمر يوميا فاذا كانت مثلا مئة شاحنة الى حوالي الالف . نعم ، كفى دلع بالنسبة للمحادثات مع سوريا لتخفيض رسوم الترانزيت للمرور عبر الأراضي السورية! مصلحة سوريا ولبنان هي بإعادة تنشيط الترانزيت من لبنان ، الا يستطيع مسؤولينا اليوم ايجاد حلول على شاكلة الحل مع الأردن.

و هذا لا يقتصر على موضوع الترانزيت ، فصادراتنا مثلا الى العراق يمكن ان تتضاعف عشرات المرات نظرا الى اهمية السوق العراقي بالنسبة الى لبنان .
وبالاضافة الى التفاوض حول رسوم الترانزيت الى سوريا يجب ان يُصار الى تسهيل معاملات الترانزيت ، وايجاد وسائل تقنية للكشف على الشاحنات لتسريع العمل وعدم الغرق في البيروقراطية التي تؤدي الى العرقلة والتأخير .

وان نحرك القطاع الخاص لتأسيس عدة شركات نقل مشتركة تشترك فيها دول عربية ، واشدد ان تكون من القطاع الخاص بعيدة عن القطاع العام ، وليس من عقلية احتكارية بل تنافسية وفعالة، وربما نتعلم من العديد من شركات النقل العالمية التي تجري مباحثات لتسهيل التصدير وتخفيض اكلافه لانها تؤمن ان التجارة والتصدير هو شريان رئيسي حيوي.

وربما الازمات الحالية تكشف لنا اهمية التعاون المشرقي وبالتالي العربي في مواضيع التجارة والتصدير لما فيه مصلحة الجميع .


ومثال صغير حول كيف تقوم الدول بملاحقة مصالحها ، فيما نحن نختلف على جنس الملائكة ونرفض اي اجراء يسهل عملية التصدير ، ورد خبر في timeofisrael أنه أبرمت شركة Trucknet Enterprise، وهي شركة نقل إسرائيلية، اتفاقيات هذا الشهر لتسهيل طريق تجاري بري لنقل البضائع من الخليج العربي عبر المملكة العربية السعودية والأردن إلى إسرائيل متجاوزًا الممر المائي للبحر الأحمر.) https://www.timesofisrael.com/israel-logistics-startup-forges-overland-trade-route-to-bypass-houthi-red-sea-crisis/

هذه الدول تؤمن ان التصدير هو مقاومة ، والمقاومة الاقتصادية هي مستدامة وتحمي السيادة والارض ، المقاومة الاقتصادية تُبقي الشباب في ارضهم ، يُنتجون ويُبدعون. فكفى دلع بأمور مصيرية تنعكس على كل منتج على هذه الارض، نحتاج الى رجال يعقدون اتفاقات وينفذون خطط فاعلة في سبيل مصلحة بلادهم واقتصادها .

فالنمو الاقتصادي ليس نوايا! ونجاح مرفأ بيروت لا تكفيه النوايا الحسنة وابقائه في مكانه من باب "المرجلة " لا علاقة له بعلم الاقتصاد .

فالاقتصاد لا يحب "المرجلة" والتاريخ لا يسجل النوايا بل الأفعال!