اقليمي ودولي

placeholder

كرم سكافي

ليبانون ديبايت
الجمعة 06 تشرين الثاني 2015 - 09:35 ليبانون ديبايت
placeholder

كرم سكافي

ليبانون ديبايت

أحمد داوود أوغلو ذلك المعنى دون المجاز

أحمد داوود أوغلو ذلك المعنى دون المجاز

"ليبانون ديبايت"- كرم سكافي:

مع دخوله الحزب تغيرت نظرة الداخل إلى الخارج، وفي زمان وجوده إزداد تقدّم الفكر على الرجاء والإجتهاد على الدعاء، وكل ذلك كان في زمان عرف بزمن التّحولات الكبرى في المنطقة. رجل يستحق لقب "سيد الإنتقال"، الإنتقال من الثقافة الشّفوية البحتة إلى الإستراتيجية الإستشرافية الماورائية المتسلّحة بالنّصوص التّاريخية والتّفاعلات الحالية التي تلامس المستقبل الذي ينطلق إليه بثبات المؤمن المتمكّن العارف، يتخطّى الرمزية الدلالية للحالة الأتاتوركية بإحترام، يستوعب النّزعة الإنفصالية للجماعة الكردية بدهاء، يصل حداً يجعل العديد منهم يعتقدون إعتقاداً جازماً أنّ مكان عيشهم الطّبيعي لا ولن يكون إلّا في ظلّ دولة يقودها أمثاله ويكون السّواد الأعظم من ساكنيها من حزبه.

ما يميّز هذا الرّجل أنّه ميّال إلى الفعل، يجيد الإنعطاف إليه والإقبال عليه، بارع في الإصغاء والتركيز، يملأ المكان حركة ويشغل الكلّ بالعمل، يجعل من الجمع صفوف مرصوصة متناكبة يأمّهم بخشوع، يؤدّي فريضةً تهذّب النفس وتثبتهم على الإيمان، حتى أنّه عجباً، وبعكس ما اعتدنا عليه من رجالات الأحزاب لم يرد على لسانه في الخطابات والمحاضرات التي يلقيها في أيّ مرة عبارة عقيدة أو أنّه يقود حزب عقائدي، إنّما دأب على تكرار كلمة إيمان ومؤمنون وتؤمنون وأؤمن في لقاءاته أكثر من مرة.

أحمد داوود أوغلو، ظاهرة متقدّمة تعيش وسط وعي شعبي كبير وعظيم قلّ نظيره في هذه الجغرافيا من العالم، وعي فيه إدراك وإصرار وإقبال وإبداع، وبحث عن كل ما يحافظ على إستمرار الرغد الذي تحقّق والأمن الذي تأسّس وأرسى قواعده حزب "العدالة والتّنمية" في تركيا، وعي يمكن وصفه بأكثر صور القومية وضوحاً منذ ما بعد انهيار السلطنة العثمانية، وقد تكون أكثر قوميةً من تلك التي ادّعاها أتاتورك.

هي تجربة فريدة بحرارة الغرفة يمكن التّحكم بها هبوطاً أو صعوداً، وهي تجربة شكّلت وستشكّل بالنسبة لكثيرين من الشّعوب المحيطة فرصة جديدة لإعادة إحياء فكرة البحث عن ثقب في جدار السّجن، ووعّتهم بالوقت عينه ونبّهتهم من زيف إدعاءات البعض من الخرافيين الخراقيين وتضليلهم بأنّ ما يقومون به هو ليس إلا بحث عن سلّم خلاص يصعد بهم إلى السّماء.

وللعاقل هنا، حق المقارنة أو المقابلة أو المطابقة بين تجربتين حقيقيتين شغلتا حيّزاً مهمّاً في هذا الشّرق و أثّرت في شعوبه، أحدها هي تلك الثّورة التي قادها سیّد روح الله موسوي خميني وأفضت إلى الجمهورية التي نعرفها الآن، والثانية هي هذه الحالة التي إنشغلت في تفسير سحب اللافهم والعنصرية والماضوية التي عصفت بها وانطلقت صوب الحكم، فوصلت وأوصلت الناس إلى دولة العدالة والتنمية في تركيا.

إنّه لمن غير الجائز أو المقبول منطقياً أن تبقى تسمع نفس التردّدات الصّوتية منذ أكثر من ست و ثلاثون عاماً، مفردات وعبارات تساق في جملٍ خطابية تمتزج فيها الرسائل الإلهية بالروايات الإنسية، وهي بالأغلب فقدت معناها الأصلي وباتت تشير إلى غير معنى، في حين أنّ صوفية سعيد بران والشيخ بديع الزمان النورسي (الغير معروف مكان دفنه بعد إغتياله) أعادت للعبارة معناها الأصلي سلّمتها بوطنية إلى رجل الأخلاق عدنان مندريس ومنها إلى الشيخ نجم الدين أربكان وقوطان، الذين أسلموا التّحركات في مرحلة ما، ليأتي بعد ذلك من بينهم تلميذا أربكان رجب طيب وعبد غول ومعهم إلى أحمد داوود أوغلو الذي سيحتل نظراً لأفعاله الزمان والمكان في المرحلة المقبلة، وتوضيحاً سيطلق عليه إسم الزمكان تيمّناً بمصطلح أينشتين.

قد يكون القول أنّ حكم تركيا منفرداً فيه مغامرة صحيحاً، و لكن ما هو أصح وأبقى أن من يملك شعباً مدركاً متنوراً وعاقلاً يعرف كيف يختار راعياً صالحاً فانياً يعجز عن أن يبقى خالداً ويملك دائماً القدرة على أن يلجأ إلى حيلة الإستيلاد الدائم، يربّي ويحافظ على ذريّة قادرة على الفصل بين تجربة الموروث وثقافة المعقول وعلى التّمييز بين الماء المنتن الراكد والنهر الراكض الهادر النازل الذي يضيف إلى نفسه من كل ما يمرّ عليه، ومن المعلوم ما طال من الماء جريانه إزدادت قوته وزاد تأثيره.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة