المحلية

placeholder

كرم سكافي

ليبانون ديبايت
الخميس 19 تشرين الثاني 2015 - 11:07 ليبانون ديبايت
placeholder

كرم سكافي

ليبانون ديبايت

إنّه الخوف الذي يجهد في تصديره المستبدّ منتحل الصّفة

إنّه الخوف الذي يجهد في تصديره المستبدّ منتحل الصّفة

"ليبانون ديبايت" - كرم محمد السكافي :

يُروى أنّه وفي قريب الزّمان شُيّد في بلدٍ من بلاد الغرب خيمة سيرك، أقيمت فيها على مدار الأيّام حفلات، تخلّلتها ،كما العادة، بعض العروض مع الحيوانات، وأخرى قام بها بمهارة عالية أفراد، وكان من بينها حركات بهلوانيّة واستعراضات يقوم بها مهرّجون مع فيلة مكسوّة أجسامها بكسوةٍ مطرّزةٍ بألوان قوس قزح. فكان أن خرج في أحد المرّات فيلٌ عن طبعه وثار بجنونٍ، فسحق بثوانٍ جسد مدرّبه، ولم يكتفِ، بل داس على عظامه وسط حالٍ من الذّهول، ذهول من لم يتخيّل للحظةٍ ما أقدم عليه هذا الأليف بطبعه من فعلٍ وحشيٍ بحق مروضّه.

القصّة لم تنتهِ عند هذا الحدّ، خصوصاً وأنّ المنطق والعقل والعرف والواجب كما العدل يحتّم البحث عن الدّافع الذي أدّى إلى هذا الفعل الغرائزي المشين، فكانت الصّدمة في النتيجة كما الذّهول وقت الجريمة، لقد توصّل المحقّقون إلى الحقيقة من خلال العودة إلى لحظة أسر الفيل يوم كان صغيراً عاجزاً مستلقياً أمام جثّة أمّه وقد قتلت ببهيميّة بسلاحِ صيدٍ ولم يكتفِ القاتل حينها بجرمه بل سلبها أجزاءً هي من كلّها. وكلّ ذلك كان أمام وليدها الضّعيف المنزوع عنها بالقوّة نفسها، فخزّنت حواسه بغرائزيّة صوراً للجريمة الموصوفة تذكّرها على حلبة السّيرك وأدّت إلى عظيم فعله المنبوذ بالفطرة، والمُدان بقوّة العقل.

مسألتيْن في زماننا لا بد من معالجتهما، الأولى تتمثّل في واجب تعريف الحالة الدّاعشية العشوائية المتشظّية، وتفسير ما إذا كانت حقيقة فكريّة موجودة، أم هي صفة متخيّلة وهميّة يبنى عليها واقع معيّن جديد، والثّانية تنحصر في إلزامية معالجة معنى الإستبداد والقمع والتّفرد والسّيادة والتّعالي، خصوصاً وأنّنا بتنا في عالم القطب الواحد، ليصار بعدها طبعاً إلى معرفة حدود التّعاطف وكيفيّة التّعاطف، أو كمّ التّعاطف وموجبات هذا التّعاطف وطريقة الدّفاع عن هذا التّعاطف والبوح بأسبابه، وثانياً لكي يتسنى تحديد هويّة المتفرّد المسيطر القابض المعزّ القادر على إخضاع العالم كلّه بالغصب لمفاهيمه.

ما يحصل فوق هذه البسيطة من تضليلٍ يقابله هذيان، سببه الإكثار من إستخدام الطلسمات، وإستنزال للرّوحانيات، وتصديق للمبثوث من الأخبار وتسليم بالمتخيّل من الرّوايات، يقويّها ويمكّنها حجم الخوف الذي يجهد في تصديره ونقله أو تعميمه في العادة المستبدّ الواضح السّمات أومنتحل الصّفة المعمّم المواصفات وأغلب الظّن هي مهمّة يضطلع بها الإثنان معاً.

ولمن جادت عليهم الدّنيا بالمصائب بمثل ما كان لنبي الله أيّوب من ألمٍلم يوجّبه وجود إثمٍ، فلهم الصّبر والسّلوان ودوام الشّكر والتّعزية على الوجع وتأنيس النّفس بأنّ أعظم البلايا وأشدّها نزلت بأكمل النّاس وأتّمهم، ولمن تمنّع وتظلّم كان كمن كفر بوجود سيّدنا أيّوب عليه السّلام، وينكر خلقه ويصرّ على كونه مثال، لم يعرف له زمانٍ ولا مكانٍ.

وعليه فالدّاعشية العدميّة علّة لن تقدر عليها قوى عالمية أجنبية معروفة بحربها السّقيمة القديمة على بلاد سبق أن انتهكتها واحتلتها وانتدبتها، وعَودٌ على بدء هي لن يكون لها إلّا ما كان في غابر الأيام، ستسقط الثّمر، وتخرّب الأرض، وتفسد الأحوال فتزداد العاهات وتقصّر الأعمار.

إنّ ما يلزم هذا العالم الدائري ليؤخّر قيامته يرتكز بشكلٍ أساسي على حسن التّعامل وتقديم فائق الإحترام، وهو الأمر الواجب الإلتزام به من قبل معلني الحرب بعد أن يتخلّوا عن وهمهم وإلّا أسخطوا كثيرين آخرين من أصحاب القدرات الفكريّة العالية التي لا يستهان بها، تلك الفئة القادرة على أن تنجي نفسها ومن معها وتتطوّر (وقد يكون هذا سبب بلاءها)، لأنّها ببساطة تنسجم مع بيئتها، ولأنّها من رحمها ومماتها في بطنها، ولن تقوى عليها البتة صناعة تنافسيّة مستوردة، وإن حصل في غفلة من الزّمان وانتصرت النّاس بطبعها ستلفظها.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة