المحلية

placeholder

كرم سكافي

ليبانون ديبايت
الاثنين 15 شباط 2016 - 08:37 ليبانون ديبايت
placeholder

كرم سكافي

ليبانون ديبايت

المحكمة الدّولية والمنفعة المتبادلة

المحكمة الدّولية والمنفعة المتبادلة

ليبانون ديبايت - كرم سكافي

إحدى عشرة سنةً من عمر الأحياء قضتها التّحقيقات في حل لغز اغتيال الرئيس رفيق الحريري، مئة وإثنان وثلاثون شهراً كُتبت خلالها آلاف التقارير وتمّ الإستماع إلى مئات الشّهود، ثلاثة آلاف و تسع مائة وستون يوماً جُمعت فيها العديد من الأدلّة و سُطّرت بموجبها مذكرات استدعاء بحق متّهمين مفترضين طالبتهم المحكمة الدّولية الخاصّة بلبنان بالمثول أمامها.

بدأت المحكمة أعمالها منذ آذار2009، و ما زالت حتى يومنا هذا تستعرض صوراً و أفلاماً ووثائق و تصريحاتٍ و تسجيلاتٍ وتقارير حملتها معها من لبنان إلى لاهاي على دفعات، حتّى أجمع الكلّ بمن فيهم المتّهمين على إعتبارها كافية وكفيلة بأن تخدم العدالة وقادرة على أن تزيل ستار الجهل ببساطةٍ عن جريمة العصر، و تتجلّى إذا ما أهملت و لربما قاومت نظريّة المصلحة المتبادلة المسيطرة على عالم موسوم بالفطرة على نفعيّة بنيويّة مقنّعة.

إحدى عشرة سنةً على التوقيت البشري قادرة من دون أدنى شك على إحقاق عدالة ممتلئة، و لكنّها عجباً إلى الآن أبقت عليها في إطار العدالة النّحيفة المتجسّدة في القصص الروائية المنقولة والمعادة بحيث بات يُخشى عليها (إن بقيت كذلك) أن تُمسي مع الوقت مادة شبيهة بما يُعرض على شاشة التلفزيون الرسمي يتجاهلها اللّبنانيون بل وكثير منهم لا يتذكّرون.

العدالة كما قال الفيلسوف الأميركي جان رولز مثل الجسد الذي لا تتجلّى بنيته إلا بوجود خطر محدق بالحياة، وهي بالوقت عينه قد تختفي بحسب المسار التجريبي للمجتمعات الإلغائية المتصارعة إذا ما تعانقت المصالح أو حصل بين المتخاصمين إتفاق. فعندها ستتحوّل الأولوية (نظراً لما هو مستجد) إلى إيجاد فائدة أكبر تقضي بإصلاح ظروف سيئة هي بالأصل قائمة، ولتحل فضيلة محل فضيلة هي في مفهوم البعض الآن غائبة، فتستحيل علاقة محكومة بالعواطف وغالباً ما تجعل هذه الظّروف العدالة تسود بشكلٍ أقل وينتج عنها ما يمكن تسميته بعدالة التسوية المصلحيّة.

هذا العالم عالم مملكة الغايات، إنه عالم ما وراء الظاهر، عالم مؤلف من عابري سبيل لا مبالين إلا بالذات، وهم لذلك ما عادوا يميّزون بين النذلاء والقديسين، عالم الأسياد وأصحاب الأنا والميول الحرّة المفرطة في إستعمال الإفتراضات والتبريرات، تلك اللاهثة وراء مصالحها ومصالح من تجمعهم بهم فرصة تحقيق الغايات.

قد يكون من أبغض الأمور و أشنعها أن يعيش المرء شك خصمه وييأس من الحصول على حقّه، في وقت يمجّد الخصم في سيرته السّيف الذي بحدّه قوّم الإعوجاج وأرسى العدل. نومينية (أي طريقة التّفكير العقليّة المحضة) إستغنت عن فينومينيتها الحسيّة (أي عالم المحسوسات) أو إستقلت عنها فانقلبت مثالية متعالية تراقب العواقب و توصّفها لكنّها عبثاً لن تسلم من نوائبها، الشّرعية الزائدة عبثاً تمسي ناقصاً إن هي عجزت عن جلب نفعاً ودفعت ضرراً.

إنّ إتحاد المصالح بإختصار قد يعبّر عن مصادفة يكون فيها للأطراف الحاجات نفسها وقد يصل إلى حدٍ يجعلها تسعى إلى التعاون فيما بينها من أجل منفعة مشتركة، و هو أمر كما يقرّ فلاسفة السّياسة لا يحدث بفعل الطّبيعة الذاتية بل بفعل المصادفة السعيدة للظروف.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة