في واحدة من اطلالاته الأخيرة، ابدى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله استعداده للقاء رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لانجاح الحوار القائم بين الحزب والتيار. حتى اللحظة، لم يرد الحريري التحية بمثلها، فهل يمكن ان يلتقي الرجلان في وقت قريب؟
منذ اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط 2005 والعلاقة بين حارة حريك وبيت الوسط تسير بين الألغام، وتطغى مراحل التباعد خلالها على لحظات التقارب. من خضّة تسير الى خضّة، من اتهام المستقبل للعناصر من الحزب باغتيال الحريري، مروراً باعتبار الحزب ان المستقبل متأمرك وأكثر، وصولاً الى صراع "العرب والفرس" أخيراً من بوابة الصراع الحاصل بين الرياض وطهران، من دون ان ننسى الاتهامات المتبادلة حول التدخل في سورية. كلّها محطات تشير الى أن الحزبين يتأثران بخيط العلاقة الرفيع بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولا يجدان بديلاً عن إبقاء التواصل بحدّه الأدنى بينهما، حتى لا تصيب حمم بركان الإقليم المتأزم، البيت اللبناني المتصدّع.
في السنوات الأخيرة، قليلة هي الصور التي تجمع السيد بالشيخ. خاض تيار المستقبل الانتخابات النيابية الأخيرة لاعباً على وتر التخويف من "ولاية الفقيه". ولكن، وبعد ثلاثة اشهر فقط على الانتخابات، التقى نصر الله والحريري عشية المشاورات لتسمية رئيس للحكومة.
لقاءات الحفاظ على ما تبقى
وفي حزيران من العام 2010، زار الحريري الضاحية الجنوبية، حيث بحث مع الأمين العام لحزب الله
التطورات المحلية والإقليمية، واتفقا على تفعيل العمل الحكومي. وكان هذا اللقاء هو الثالث بينهما ، منذ احداث أيار 2008.
غادر الحريري الحكومة على اثر استقالة وزراء معارضيه في الثاني عشر من كانون الثاني 2011، لتبدأ رحلة غربته الطويلة عن لبنان. وحتى في عز القطيعة، حاول الحزب والتيار الاحتفاظ بأرضية الحد الأدنى من الالتقاء، لأن كسر الجرة نهائياً، سيترك تردداته على الاستقرار.
من هنا، وبعدما تصاعدت حدة الصراع السني الشيعي في المنطقة، على وقع تطورات سورية ومحيطها، ولد الحوار الثنائي بين الحزب والمستقبل، برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ودفع إيجابي من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط. لم يذهب اركان الحوار بعيداً في آمالهم، محددين له هدفاً اساساً هو "تنفيس الاحتقان".
هكذا، استمر ما وصف "باللقاء والخلاف تحت سقف واحد" في جولات عدة، من دون يعلن أي من اركانه وفاته، وإن ادخل اكثر من مرة الى غرفة العناية السياسية، ولم ينعقد بوتيرة متلاحقة. ولكن استمراره بالحد الأدنى، يبقى افضل من التخلي عن الحاجة اليه.
الحزب مستعد...والمستقبل متحفّظ
اليوم، تستمر الأزمة السياسية بشغورها الرئاسي، وعملها الحكومي "الأعرج"، وعدم انعقاد المجلس النيابي تشريعاً. كلّها عناصر متداخلة مع بعضها البعض ومتوقفة عند الباب الرئاسي المقفل، ما رفع منسوب الحديث عن ان لقاء نصر الله والحريري كفيل باحداث صدمة إيجابية على هذه الأصعدة. فهل من شيء جدّي في هذا السياق؟
بالنسبة الى حزب الله، فالسيد كان واضحاً باعلانه الاستعداد لمثل هذا اللقاء اذا كان كفيلاً بالانتقال من مجرد الصورة الى الشق العملي الذي يخدم الاستقرار وتحصين الساحة الداخلية.
اما بالنسبة الى المستقبل، فتؤكد اوساطه أن لا شيء جديداً على هذا الصعيد وأن اللقاء ليس وارداً قبل انتخاب رئيس للجمهورية، اما بعد انهاء الشغور، فالامور مفتوحة للنقاش والبحث.
اذاً، ينحو موقف المستقبل نحو التصلّب. واذا كان منطق الأمور يشير الى أن مثل هذا اللقاء يمكن ان يسهم ايجاباً في تفكيك عقد الاستحقاق الرئاسي، الاّ أن المستقبل يعتبر أن ليس لديه ما يقدّمه اكثر على هذا الصعيد، فهو مستمر بالنزول الى المجلس ويريد انتخاب رئيس امس قبل اليوم، بينما يستمر حزب الله بالامتناع عن الحضور، رابطاً الرئاسة بالخارج لا بالداخل، بحسب أوساط المستقبل.
الشغور سيستمر
ما الذي يمكن ان يغيّر هذه المعادلة؟ وحدها التطورات الخارجية بحسب المتابعين كفيلة بتحويل اللاءات الى نعم. بأي تقارب على خط السعودية وايران ستكون له الانعكاسات الإيجابية على صعيد العلاقة بين المستقبل والحزب. وطالما أن المياه لم تعد الى مجاريها بين الضاحية وبيت الوسط، فذلك دليل على أن الملف اللبناني لم يبلغ بعد الحد الأدنى من الأولوية في النقاشات الإقليمية والدولية، وهو ما يؤشّر الى أن الشغور سيستمر، الى أن يحدث ما يبدّل في المعطيات بالشكل الذي يعيد خلط الأوراق محلياً. وبالتالي، فالصورة التي تجمع الامين العام لحزب الله ورئيس تيار المستقبل تحتاج الى مزيد من الوقت، لا بل يمكن القول إنها تنتظر "عجيبة" المصالحة السعودية الايرانية، لتنطلق المصالحة الفعلية على خط الضاحية وبيت الوسط، بانعكاساتها على الواقع اللبناني.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News