الجنون والخطف والقتل والقسوة التي عاشها اللبناني في الحرب الأهلية غيرته وغيرت عاداته ووضعه النفسي وتفكيره. شهداء كثر سقطوا اثر الرصاص الغادر والقتال الوحشي والحقد المريض فبات كل بيت ينزف ويبكي موتاه وشهداءه حتى صار الجرح كبيرا بين ابناء الوطن الواحد.
برغم كل ما يحصل في المنطقة، تظل «ذكرى» الحرب الاهلية اللبنانية الاهم بنظرنا، فلا يمكن ان نتجاهلها وتداعياتها ما زالت مستمرة في نفوسنا وفي تطلعاتنا وفي تفكيرنا اليومي. آثار الحرب الاهلية نابضة في قلوبنا وفي قلوب الامهات والآباء الذين خسروا ابناءهم وفي أصوات المقهورين الذين فقدوا احباب لهم سجنوا او خطفوا ولم يعرفوا مصيرهم منذ «ذاك اليوم».
الحرب قاسية دائما لا تعرف الرحمة ولا ترأف بالأبرياء فكم من مدنيين لا ذنب لهم انتقلوا الى دنيا الحق بسبب الجنون الذي اصاب لبنان في تلك الفترة الاليمة. كم من الشباب المندفع والمؤمن بقضية قاتل بكل طاقاته وقدم اغلى التضحيات ثم ما لبثت ان ذهبت تضحياتهم سدى بعدما ساوم زعماء الحرب على القضية التي جيشوا الشباب من اجلها.
لذا ما هي الدروس التي تعلمها شبابنا من الحرب؟ هل ما زال الجنون يسيطر على عقول اللبنانيين ام صوت العقل قد غلب الغرائز والحماس المتهور؟ وما الذي يجب فعله كي «تنذكر بس ما تنعاد»؟
اول شيء علمتنا الحرب ان لا نموت من اجل زعيم او من اجل حزب وان لا نقبل أن يستخدمنا الزعماء وقوداً في الحرب الجهنمية التي يقودونها فقد اتضح ان زعماءنا يغيرون مبادئهم واهدافهم بسرعة البرق ويختلقون «فتاوى» لذلك ويؤلهون قراراتهم غير ان الحقيقة واضحة ان لا مبادئ لديهم.
فهل يستحق الزعماء الذين يقودون احزاباً لا صلة لها بالاحزاب الحقيقية والديموقراطية ان يسقط الشباب الشجعان من اجلهم؟ هل يستحقون الحماسة والتبعية وهم يبدلون مواقفهم حسب مصلحتهم أو بناء على حسابات تكون خاطئة احيانا؟
اللبناني لا يريد ان يموت من اجل اي زعيم، اي حزب، اي رهانات خارجية فقد سال الكثير من الدماء في هذا البلد الصغير واستشهد عدد كبير من الابرياء في هذا البلد الصغير وقد تحول لبنان الى «فشة خلق» من اطراف داخلية واقليمية وخارجية فيمررون رسائلهم عبره والضحية الوحيدة هي الشعب اللبناني.
بات ضروريا ان تستبدل ثقافة الموت بثقافة الحياة وان يقتنع اللبناني ان الكفاح في سبيل قضية لا يتطلب ذلك الموت من اجلها بل يمكنه ان يدافع عنها بالمثابرة وبالتصميم وبالاستمرارية.
ما الذي تغير منذ الحرب الاهلية الى الان؟ هل زعماؤنا الذين في الحكم الان هم غير الذين خاضوا الحرب الاهلية؟ هل الاحزاب اللبنانية ما زالت منسجمة مع مبادئها ام تغيرها وتبدلها حسب الوضع الآني؟
وحدك يا شعبي مصيرك لم يتغير وما زلت رهينة الاحزاب المنغلقة والوصولية والانتهازية.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News