"ليبانون ديبايت" - كرم سكافي:
إنّها إنتخابات إعادة تحديد الأحجام السّياسية في المدن الكبرى و مراجع العائلات في القرى و البلدات الصّغرى. وهي حتماً عند الزعامات المعتمدة في البلد شكّلت بارومتر لقياس المتغيّرات الطّارئة و المنتظرة. إنتخابات ستضطرهم إلى إقرار قانون إنتخابي عجائبي مخبول غليظ أو إعتماد آخر مخرب مجرّب في خضم ساعات الزّحام الدّيمقراطي المجيدة التي يعيشها اللّبنانيون في هذه الأيام يؤمّن لهم إنتصارهم.
لا ريب، أنّنا و على الرغم من إنتظام الحياة الدّيمقراطية بشكلٍ مجتزأ، و بغض النّظر عن مزاجية إختيار المسموح منها، نبقى كشعبٍ عنيدٍ غير قادرين على تغيير الكثير من العادات و الأعراف التي ورثناها ولا شك بأنّنا سنورثها، ومنها على سبيل الذّكر مسألة تقديم الإنتماء العائلي وفي مكان ما العشائري على ما سواهما من الإنتماءات أو الخبرات و على العلم و المعرفة. وهي إستطراداً الوحيدة لربّما التي يحقّ لها ما لا يحقّ لغيرها كما روي في صفحات التّاريخ عن أنّها تقدّمت على المذاهب والأديان التي إختارتها لنجاح دعوتها. و يقيناً لن نستطيع التّخلص منها لا اليوم و لا غداً بل سنحافظ عليها، ذلك أنّها من أدبيات فكرنا و فلسفتنا الإجتماعية التي وضعتها بالمراتب الأولى لنظام العقد الإجتماعي وأنظمة السّلطة السّائدة الحاكمة و التي لم تسبقها إلّا الفردية الشّوفانية المكتسبة بالولادة أو المتوارثة التي تعمل دون كللٍ للمحافظة على هذا النّظام.
ماحدث في الإنتخابات البلدية إلى الآن، شكّل إلى جانب كونه فسحة أمل مادة جديرة بالإهتمام تتمحور حول فكرة التّعادل المحققة بالأرقام في المدن الكبرى تحديداً بين الفائزين و الخاسرين مجتمعين، و هو أمر يبشّر لو ترافق مع الإستقرار و كتب للنّاس الأمان، أن ينتج عملاً جاداً و مسؤولاً تتكفّل المعارضة و المجموعة الرابحة لاشعورياً بتحقيقه، ذلك أنّ تخلّي أحد الأطراف عن دوره سيؤدّي إلى خسارة النّاس لأصواتها و يحصل العكس.
في الختام لا بد من رواية تكسب النّص مكانة و فيها أنّه و في قديم الزمان كان في حيّ من يرمي بنفاياته قرب سور أرض مهجورة و دائماً بالأسلوب نفسه دون ملل من التّكرار، حتّى أن البعيد بات لا يمانع إن قطع سيراً مئات الأمتار ليصل إلى السّور و يكب النّفايات، لقد أمعن هؤلاء بخطئهم لأنّ إهتمامهم بالأمر موروث ينتقل من الأب إلى إبنه و من الأخ لأخيه فكان أن صنّف فعلهم هذا على أنّه نموذج من التّراث العائلي ليس أكثر، و قد يكون التّغيير الوحيد الذي فعلوه أنّهم وضعوا نفاياتهم في كيس أسود بلاستيكي. هؤلاء المعارضون التّراثيون على الأرجح لم يدركوا بعد أنّ السّور قد زال أو لربما هم يرفضون أن يعترفوا بأن الأرض لم تعد مهجورة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News