"ليبانون ديبايت" - كرم سكافي
لا بدّ و أن يتغلّب عقل الإنسان الفطري الباطني الوافر الغزير على عقله المكتسب ليتقدّم. لأنّ الإنسان لا يمنعه من التّفكير الحر في الأمور إلا التّقاليد الموروثة و العادات المألوفة الخاضع لها، و التي منها تتكّون له عقلية بها يتعقّل و لا يرى الأمر معقولاً إلا إذا كان موافقاً لتلك التّقاليد و تلك العادات. فتكون بذلك عقليّته المكتسبة قد تغلّبت على عقله الفطري و منعته من التّفكير.
أمّا حجم الطّاعة و السّجود و الرّكوع و الحج لمن إستطاع و الإبتهال لقرارات البنك المركزي الأمريكي و الإلتزام بأركانه، فمسألة يلزمها دراسة و عودة إلى كتب التّفسير لكبار المرسلين الإقتصاديين و المفكرين الماليين. ذلك أنّه و بالقياس على ما تقدّم فللضّالين عن ذلك و المكذّبين به وعد بعذابٍ أليمٍ. والأصل من فعل الأمر هنا أنّه لا يرد و لكنّ السّؤال هو هل صاحبه صاحب الحق و بيده مفاتيح كلّ شي و إنّه عدل و على كلّ شيء قدير؟.
لقد نعم حزب الله بحريّةٍ ماليةٍ لفترة من الزمن طويلةً نسبياً بالقياس إلى عمره. و للمفارقة هي كانت في زمان قتال حليف أمريكي (الشّيطان الأكبر سابقاً) الشّر المطلق إسرائيل بالتّزامن مع حصار مالي و إقتصادي و سياسي كان مفروضاً على جمهورية الخميني الإنقلابية الحديثة حينها، و هو حصار إمتدّ لمن خلفه من بعده. و اليوم و بعد فكّ الحصار عن الجمهورية الإيرانية و إسترجاع أموالها و بعد توقّف العمليات العسكرية بشكلٍ واضحٍ في جنوب لبنان على الحدود الشّمالية لفلسطين المحتلة، ها هو حزب الله يواجه الموت بكل أنواعه الجسدي و المالي و الإجتماعي و الإقتصادي بشكلٍ عجائبي لا يتّصل بمنطق الأمور ذلك أنّ الحزب يقاتل كما يدّعي و يقول عدو عدوّه و يواجهه خطراً من المفترض أنّه خطر أيضاً على أعدائه .
قلق حزب الله اليوم ليس على ماله و هو الذي لم يستخدم المنتجات المصرفية الأمريكية إلا مؤخّراً بعدما ظن واهماً أمانها، و جازماً بأنّه يمكنه العودة إلى ما كان له قبل اليوم خصوصاً و أنّ ظروفه أفضل. فإيران و حلفاؤها الإقليميّون المعلنون منهم و المستترون يمكنهم أن يضطّلعوا بهذه المهمة و مثلهم يمكن للمحليين. و لكنّ الأمر عنده هو حول فكرة وجوده و عمّا إذا كان الأمر متّصلاً بتضحيةٍ من هناك سيقابلها تضحيةً به من هنا!
على قيادة حزب الله التي خلقت لنفسها دوراً جديداً في سورية و العراق و اليمن و في البحرين و غيرها من البلاد، أن تعي أنّها إصطدمت بجدار المصالح الكبرى للدّول العظمى، وعليها أن تعي أنّها قاربت الأربعين و أنّها ليست حرّةً بل هي تابعة لإقليميين.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News