منوعات

placeholder

القبس
الأحد 14 آب 2016 - 08:43 القبس
placeholder

القبس

الملح وضغط الدم.. علاقة غامضة

الملح وضغط الدم.. علاقة غامضة

منذ ستينات القرن الماضي والجهات الطبية في معظم دول العالم تطالب بتشريعات تحد من استهلاك الملح باعتباره المسؤول عن ارتفاع ضغط الدم، الذي يزيد بنسبة كبيرة من أمراض القلب والشرايين المؤدية للوفاة، لكن من الواضح أن غالبية الناس لا تزال بعيدة عن إدراك هذه الحقائق.
السبب كما تشير الدراسات هو أن الغالبية التي تتحدث عن أضرار الملح تكتفي بعدم إضافة الملح إلى الطعام في حين أن هذه الدراسات تؤكد أن إضافة الملح إلى الطعام أثناء إعداده مسؤولة فقط عن %5 من المشكلة، والمملحة مسؤولة عن %6، في حين أن %77 من المشكلة تكمن في الملح المضاف إلى الطعام الجاهز والمعلبات وما يقدم في المطاعم أيضاً، أما النسبة الباقية أي %12 فهي نسبة الملح الموجود بصورة طبيعية في الخضروات والفواكه.

الملح الذي يعطي الطعام مذاقه المميز يدخل أفواهنا بألف طريقة وطريقة، بل يمكن القول إنه من المستحيل تخيل الحياة من غير هذه المادة البيضاء التي تدخل في تركيب أكثر من %99 من الأصناف الغذائية بما فيها الحلويات.
الجهات الطبية المسؤولة توصي باستهلاك 2300 ملغ (قرابة محتويات ملعقة صغيرة) من الملح يومياً كحد أقصى، لكن المشكلة هي أن الغالبية العظمى من الناس تستهلك أكثر من ضعفي هذه الكمية يومياً، على الرغم من أن الدراسات تؤكد أن خفض الكمية المستهلكة إلى النصف من شأنه أن ينقذ حياة الملايين من البشر سنوياً.
ومن أجل مساعدة الناس على إدراك طبيعة الخطر الصحي الذي يمثله الملح المعروف باسم «كلوريد الصوديوم» تطالب الجهات المعنية بالصحة العامة السلطات بفرض قيود على المنتجين تقضي بطباعة كمية الصوديوم المضاف إلى منتجاتهم على العبوات.
فمن المؤكد أن الغالبية لا تعرف أن سندويش همبرغر بالجبن على سبيل المثال يحتوي 1250 ملغ من الصوديوم، وأن وجبة من الطعام الجاهز أو المعلب قد تحتوي خمسة آلاف ملغ، وأن عبوة من صلصة البندورة تحتوي أكثر من 700 ملغ.. حتى الخبز فشريحة واحدة منه تحتوي بضع مئات من الميليغرامات.

أسئلة بلا أجوبة
متخصصون يعملون في «معهد الملح» الذي يقع مقره في الإسكندرية بولاية فيرجينيا يقولون إنه لا يجوز إلقاء كل اللوم على الملح، فالناس لا يعرفون كل الحقائق، إذ لا تزال عشرات الأسئلة تبحث عن إجابات علمية مقنعة، كما يقول الدكتور مورتون ساتان مدير الدائرة الفنية في هذا المعهد.
البروفيسور مايكل ألدرمان الأستاذ في كلية الطب بجامعة ألبيرت أينشتاين في نيويورك يقول إنه غير مقتنع تماماً بما يقال عن مخاطر الملح، فالجسم لديه آلية رائعة للحفاظ على ضغط الدم الطبيعي مهما تغيرت معدلات الصوديوم، لكن المشكلة تكمن في أن كلى البعض لا تعمل بطريقة صحيحة، وبالتالي فزيادة معدلات الصوديوم في الجسم تسبب ارتفاع ضغط الدم لدى نسبة لا تتجاوز ثلاثين في المئة من الناس.

دفاع عن الملح
في المقابل، هناك من يدافع عن الملح بالقول إن نسبة قليلة من الناس تعاني أصلاً من الحساسية تجاه الملح، وهؤلاء هم الذين يصابون بارتفاع ضغط الدم، وان التركيز على توجيه الاتهامات إلى الملح يبعدنا عن السبب الحقيقي لأمراض القلب والشرايين أي البدانة.
لا يقف أصحاب هذا الرأي عند هذا الحد، بل يؤكدون أن خفض كمية الملح المستهلك قد يلحق الضرر بصحة الكثيرين.
الملح وضغط الدم
لكن الغالبية من الأطباء تؤكد اعتماداً على الدراسات والأبحاث أنه كلما زادت الكمية المستهلكة من الملح زادت احتمالات الإصابة بارتفاع ضغط الدم، والعكس صحيح فكلما نقصت كمية الملح انخفضت احتمالات الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
ومن المعروف أن قياس ضغط الدم يستخدم رقمين للدلالة على مدى صعوبة أو سهولة مرور الدم في الأوعية.. فالرقم الأعلى هو ضغط الدم الانقباضي أي عندما يتدفق الدم من القلب ويندفع نحو الجسم في حين أن الرقم الأسفل يدل على ضغط الدم الانبساطي أي عندما يرتاح القلب بين النبضات.
على هذا الأساس فالعددان 120/80 هما المثاليان، في حين أن تعريف ارتفاع ضغط الدم هو حين يصل العددان إلى 140/90 أو أكثر، وبين هذا وذاك يقف القريبون من الإصابة.
وفي العديد من التجارب تبين أن خفض كمية الملح المستهلك لتصبح 1500 ملغ يومياً ينتج عنه خفض معدل ضغط الدم قرابة 9/5 نقاط، وهي النسبة ذاتها التي يمكن تحقيقها عن طريق الجمع بين عقارين أو ثلاثة مخصصة لخفض ضغط الدم.

كيف نقلل الملح؟
بغض النظر عما إذا كان الملح هو المسؤول الأول أو الثاني أو العاشر عن ارتفاع ضغط الدم أو أنه يرفع ضغط أصحاب الكلى الضعيفة فقط، فالنصيحة التي يجمع عليها الأطباء والمتخصصون هي ضرورة خفض كمية الملح المستهلك، لكن السؤال: كيف نخفض كمية ما نستهلكه من الملح؟
الجواب أكثر صعوبة مما نتصور، لأن الملح جزء من العادات التي يصعب الإقلاع عنها وجزء من الممارسات اليومية للبشر.. فالجسم يحتاج الملح من أجل البقاء.
يقول أحد الخبراء إن الإنسان يولد وفي داخله توق للملح، فالمولود الذي لا يتجاوز شهره الثالث أو الرابع يفضل تركيبة الطعام المملح كما تؤكد الدراسات.
ليس هذا فقط إذ ان الدراسات أثبتت أن كلما زادت كمية الملح المستهلك زادت الرغبة في تناول الأصناف المالحة.
وحين يريد المرء خفض ما يستهلكه من الملح يحتاج الأمر لبضعة شهور حتى يعتاد جسمه، وغالباً ما تكون تجربة غير مريحة، بل ومزعجة أيضاً لأن الإنسان الذي اعتاد تناول الأصناف المالحة يشعر حين يحاول أن يأكل أصنافاً قليلة الملح أو خالية من الملح كما لو كان يمضغ نتفاً من الورق المقوى كما يقول الدكتور غاري بيوشامب مدير مركز «مونيل للتحليل الكيميائي» في فيلادلفيا.

المطلوب إرادة قوية
ويضيف ان الإنسان قادر على التغيير حين تتوافر الإرادة القوية.. المسألة ليست سهلة على الإطلاق، فالملح موجود في كل مكان ويدخل في تركيب أكثر من %99 من الأصناف الغذائية.
وكان مركز العلوم للمصلحة العامة في الولايات المتحدة قد طالب الجهات المسؤولة عام 2005 بتنظيم نسبة الصوديوم في الأصناف الغذائية المصنعة، وذلك بطباعة تحذير على المنتجات ذات النسبة العالية من الصوديوم، وبضرورة أن توضح المطاعم نسبة الملح في أصنافها على قوائم الطعام.

نجاح في أوروبا
تجدر الإشارة إلى أن كثيراً من الدول، كفرنسا وايرلندا ونيوزيلندا قد اتخذت مثل هذه الخطوات، كما أن بريطانيا تشن منذ سنوات حملة لا هوادة فيها من أجل خفض كمية الملح في المنتجات الغذائية كالخبز ورقائق الفطور (سيريال) والبيتزا، أما فنلندا التي بدأت الحرب على الملح في سبعينات القرن الماضي فقد نجحت في خفض كمية الملح المستهلك بنسبة %30 ونجم عن ذلك انخفاض معدل ضغط الدم بين المواطنين بمقدار عشر نقاط وانخفاض الإصابات بأمراض القلب والشرايين بين الذين تقل أعمارهم عن 65 عاماً بنسبة تزيد على %75، ما رفع معدل العمر أكثر من ست سنوات.

كلوريد الصوديوم

الملح مركّب كيميائي يعرف باسم «كلوريد الصوديوم»، أي أنه مزيج من صوديوم وكلورين يفترقان حين إذابة الملح في سائل.. تأثير الكلورين في الجسم ليس بالقدر الكافي أما الصوديوم فهو عنصر يساعد في الحفاظ على تنظيم ضربات القلب وعلى انطلاق الخلايا العصبية بالإضافة للحفاظ على مستوى صحي لسوائل الجسم.
وعندما يتعلق الأمر بضغط الدم، يجمع الأطباء على أنه عندما تزيد معدلات الصوديوم يعمل الجسم على الاحتفاظ بالسوائل، ما يعني زيادة حجم كمية الدم من أجل تعديل تركيز الصوديوم في مجرى الدم وتكون النتيجة أن يقع على القلب عبء إضافي حين يتوجب عليه أن يبذل جهداً أكبر من أجل دفع مزيد من الدماء إلى الشرايين والأوعية، ما يسبب ارتفاع ضغط الدم.

124 مليون أميركي
تشير الدراسات في الولايات المتحدة إلى أن أكثر من خمسة وستين مليون أميركي يعانون من ارتفاع ضغط الدم، بالإضافة الى تسعة وخمسين مليوناً على وشك أن يصابوا، لأن أرقامهم قريبة من مرحلة الخطر.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة