ليبانون ديبايت - ستيفاني جرجس
كل شيء كان غامضاً ومجهولاً في بادئ الامر، لا معطيات واضحة سوى ان هنالك ثلاثة أطفال مجهولي الهوية مرميين في الحي الغربي من الطريق الجديدة، قرب دار العجزة أسفل الدرج وهو أقرب إلى مكب للنفايات من كونه سلماً، يبكون بصوتٍ مرتفع ولا أحد يكترث لهم إلى ان عثرت عليهم مايا يموت الناشطة في جمعية " Rescue Me" الأهلية المعنية بالخدمات الإجتماعية فبادرت بالاتصال بقوى الأمن الداخلي التي حضرت على الفور وعملت على إصطحاب الأطفال الثلاثة معها.
خيوط "الجريمة" تنشكف!
وبعد مرور ساعات على الواقعة، بدأت خيوط "الجريمة" التي ارتكبت بحق الانسانية والطفولة تنكشف شيئاً فشيئاً، بعد ان كشفت مكالمة صوتية أجراها "ليبانون ديبايت" مع شخص على معرفة بوالد الاطفال الثلاثة وفق ادعاءاته التي ثبُتت لاحقاً، مفصحاً عن هوية الوالد، محمد حسن سالم - سوري الجنسية والوالدة ريتا ارمنية من زحلة من عائلة ميسورة، يعيش الاثنان بظل مشاكل وخلافات عائلية كبيرة، عملا لديه لمدة أربعة ايام في مزرعة أبقار تقع بمنطقة المرج لينتقلا من بعدها الى بيروت وتحديداً الى الحي الغربي حيث أقدما على رمي الاطفال ثم التواري عن الانظار.
وبعد اخذ ورد، استحصلنا من الاخير على رقم الوالد الذي رد على اتصالنا فنفى أن يكون هو الشخص المعني واغلق الخط فوراً، فعاودنا الاتصال به مراراً لكن خطه بات خارج الخدمة هو وصديقه، ما يترك بعض علامات الاستفهام عن اسباب اغلاق "الصديق" لهاتفه أيضاً، أهو صديقه حقاً، أم احد اقربائه او قد يكون شقيقه؟ هل له علاقة مباشرة بالحادثة؟ هل هو خائف؟ أم ماذا؟.
رموهم 3 مرات..
وكان "ليبانون ديبايت" كالعادة من السباقين بالكشف عن هذه القضية التي لم يستوعبها أي إنسان عاقل حتى الساعة، فأخذها على عاتقه وقرر متابعتها حتى آخرها مطلقاً صرخة صادقة في ضمير الإنسانية بعيداً عن البحث عن "السكوبات" التي حاول البعض لاحقاً ان يُتحفنا بها على حساب أطفال أبرياء شاء قدرهم العثر ان يقعوا ضحايا اب وام، اقل ما يُقال فيهما انهما "وحوش" بشرية ناطقة خلت من قلوبهما الرحمة والشفقة، وما سيكشف تباعاً في هذه السطور هو أخطر بكثير من المعلومات المذكورة اعلاه.
في الحي الغربي الموصوف بسواده وفقره، كان يقطن الجد المعروف بـ"أبو راكز" (والد محمد) مع زوجته (لبنانية الاصل) وابنائه. متعدد الزوجات بين لبنان وسوريا، ومحمد هو ابن الزوجة السورية. ووفقاً للعارفين يُجبر أبنائه على التسول لتحصيل مبالغ جيدة. أما الجد الآخر (والد ريتا) فيقبع خلف جدران رومية وقد أوقف بتهمة المخدرات.
للعودة الى ريتا ومحمد، فهذه ليست المرة الاولى التي يرميان فيها أولادهما (رهف، يوسف وعلي) اذ تخليا عنهم لأكثر من 3 مرات، وفق ما أكدته مصادر مواكبة للقضية. وتضيف:" منذ اربع سنوات تقريباً، اي عندما رزقا باول طفل، قدما الى الحي تاركين الرضيع في منزل جده حيث تولت زوجته تربيته (بات يبلغ من العمر 4سنوات الآن)، وبعدها رزقا بالمولود الثاني فكرروا فعلتهما ولكن هذه المرة تركوا الرضيع الثاني واخذوا معهما الاول، لتتكرر الحادثة نفسها مع الطفل الاخير الذي يبلغ من العمر حوالي السنة وشهرين.
الى ان قرر "أبو راكز " اخذ عائلته منذ فترة لا تتعدى الاشهر ومغادرة لبنان الى الاراضي السورية ليعود من بعدها في زيارة قصيرة ثم يعود ادراجه، بحسب المصادر التي كشفت ايضاً ان الخلافات بين محمد وريتا قد لا تذكر امام عدم قدرة الاثنين على تحمل مسؤولية اطفالهما فضلاً عن ان الزوج كان يترك المنزل مراراً ثم يعود بعد فترة زمنية.
وتؤكد المصادر ان الاب والام كانا على علم بمغادرة الجد الى سوريا، فتوجها ليل الخميس الى منزله في الحي حيث لا زال يقطن شقيق محمد البالغ من العمر حوالي الـ17 عاماً، رميا الأطفال الثلاثة ولاذوا بالفرار علماً ان "العم" كان في المنزل عندها ولم يستقبل الاطفال لاسباب نجهلها حتى الساعة.
ابواب التبني موصدة؟
القضية التي أسقطت دموع اشخاص يعيشون حسرة عدم الإنجاب منذ سنوات طويلة والحرمان من هذه النعمة الالهية، لم تعد قضية اطفال على مفوضية اللاجئين او الجمعيات ودور الايتام ان يتولوا امرهم ورعايتهم، فبعد ان وضع "ليبانون ديبايت"، نفسه وكامل وقته بتصرف هذا الموضوع، تلقى الموقع سيلاً من الاتصالات والعروضات من أجل تبني هؤلاء الاطفال، نذكر البعض منها: جمعية سويديّة عرضت تبني الاولاد الثلاث، المواطن ف.أ يسكن في حرار عكار، وهو متزوّج ويريد تبنّي طفلاً واحداً من الاطفال الثلاثة، السيدة ج.أ من قضاء جزين (طفل واحد) وكذلك الامر بالنسبة لشقيقتها، السيدة ر.ع من جمعية "خطى مريم"، السيدة ج.ال، وغيرهم كثر فضلوا عدم نشر اسمهم في الوقت الراهن.
للغوص أكثر في الموضوع، يعتبر مرجع ديني ان هذا الخيار ليس شائعاً في مجتمعاتنا فضلاً عن عدم وجود قانون مدني يرعى حق الأفراد في التبنّي، ويزداد تعقيداً هذا الحق نظراً لخضوعه لقوانين الأحوال الشخصية المذهبية المختلفة.
ففي الشق الديني، يشير المرجع الى ان ابواب التبني موصدة كلياً لدى الطائفة الإسلامية بمختلف مذاهبها فهو "محرّم" أما لدى الطائفة المسيحية مسموح ولكن وفقاً لشروط مذاهبها المتنوعة.
هذا دينياً، اما قانونياً فيؤكد المحامي رولان اسبر في حديث لـ"ليبانون ديبايت" ان التعامل مع قضايا التبني معقد بعض الشيء ولا يمكن اتمام مثل هذه العمليات الا بحسب الأصول القانونية المرعية الاجراء"، لافتاً الى ان" قضية الاطفال الثلاثة تتطلب موافقة الوالد على التبني وتوقيعه كونه قاصرين".
وعن احتمال ان يقدم احد الوالدين فيما بعد على المطالبة باطفاله، اعتبر ان "كل شيء وارد فقد يطالب احدهم بهم او حتى يقدم على ابتزاز المتبني لقاء الحصول على مبالغ مادية أو ما شابه".
وعليه، فالفعلة التي اقدم عليها الوالد مع زوجته تستدعي توقيفهما وادخالهما الى السجن وعلى اثرها تبدأ العمليات القانونية الموافقة للتخلي عن الاطفال رسمياً وشطبهم عن السجل، وفق ما أكده لنا المحامي اسبر.
اذاً، تبدو قضيّة التبني وطريقها طويل ومليء بالعقبات طالما ان الوالدين تواروا عن الانظار فجأة والتحقيقات لا تزال في بداياتها، ولكن مع ورود معلومات عن نية الجد بالمطالبة باحفاده واستعادتهم ليدفعهم نحو التسول بناءً على ترجيحات المصادر، ثمة ما هو أهم من كل هذا، ما هو مصير رهف، يوسف وعلي: التسول؟ قبول طلب احدى العائلات بالتبني وبالتالي حضن ثنائي دافئ يتدفق منه الحنان والعطف بانتظارهم؟ ام المجهول؟!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News