"ليبانون ديبايت" - كرم محمد السكافي:
المتابع لسيرة السيد حسن نصر الله لا يمكنه إلا و أن يعترف للرجل بذكائه وحنكته، خصوصاً وأنه شديد الحرص على تصنيف نفسه من الذين يفعلون ما يقولون، ومن الذين يصدقهم الناس في كل ما ينطقون أو يعِدون. وعليه وبناء على ما تقدم فإنك لو أمعنت النظر في نص الكلمة التي ألقاها سماحته في آب الحالي بمناسبة يوم النصر على جيش العدو الإسرائيلي في حرب تموز، أو أنصت إلى صدى الكلمات الواردة فيها والتي في العادة تقهر النسيان وتضع الكل أمام سلطة المكتوب الذي لا خلاف عليه، ذاك الذي يتلقاه الناس في العادة من دون إستنباط أو إجتهاد و جهد للإستدلال، وجدت أن تلك الأحرف المجموعة في جمل تشي برغبة لدى صاحبها في إنهاء صراع مع أطراف يعاديهم ويتقاتل معهم، وهي دعوة من المفترض أنها إنطلقت تحت تأثير الواقعية وليس على أساس المثالية أو المبدئية التي دافع بها عن قرار إنخراطه في الحرب السورية ضد التكفيريين كما كرر وصرح وأصر دائماً أن يقول. وبالعودة إلى النص فالحديث هنا هو بالتحديد عن دعوته داعش وجبهة النصرة وكل الجماعات التي ما زالت تقاتل في سورية والعراق واليمن إلى إيقاف القتال وإلقاء السلاح والتكلم بمصالحات، مشيراً في الوقت عينه إلى أن هذه الدعوة تحمّل الولايات المتحدة مسؤولية ما يقوم به هؤلاء من عمليات انتحارية وتفجيرات، وهو أي الأمين العام لحزب الله دعى تلك المجموعات (دون نفسه) إلى الإستيقاظ من حالة اللاوعي، لا سيما أنها أي الولايات المتحدة الأميركية ستتخلّى عنهم في النهاية وتقضي عليهم.
الدعوة إذاً صريحة والكلام واضح، والمصرَح به كالمنبه، والمرجح أنه قيل عن سابق تصور وتصميم لكي يتطابق والواقع المتغير، كلام ينم عن إستفاقة هدفها وقف النزف الحاصل و الحفاظ على النفس والعرض والنسل وما تبقى من المال. لكنها (كما هو ظاهر إلى الآن) دعوة صادرة عن واحد إلى كثيرين، ويقيناً ستدخل صاحبها في دوامة الشرط والشروط التي من الطبيعي أن يطلقها المُخاطبون وتتعارض مع مصالحه ومصالح سلطة الأمر و النهي التابع لها، ومحاولة إعتبار ذلك التفكير أو الإعلان مجرد مناورة أو تكتيك، فلهؤلاء نقول وبالقياس إلى تاريخ المُشغلين، أن الحياة ومنذ اللحظة وبعد هذا التصريح ستخضع إلى نظام جديد تتطور فيه الفكرة وتنطلق من طور الإستكشاف إلى طور الإيمان الصادق والتنفيذ.
أما وأن ما ذكر بات واقعاً والواقع يعني أن الشيء حاصلاً ، فأن لغة النص والأحرف المجموعة في الكلمات المرصوصة في الجمل لا تقود إلا إلى نتيجة واحدة و فيها أن إتصالاً بينهم قد حصل أو في طريقه لكي يحصل، والتاريخ (كما يحلو للبعض أن يشبهه) هو نوع من أنواع الجراموفون الكبير، يحفظ أصوات الناس حتى وإن كانت تصدح تحت عنوان المنطق التجريبي. هو تهيج سيستغرق بعض الوقت لكنه سيصل إلى الشعور الذي هو جزء من العقل المنفعل وليس مستقلاً عنه.
أولئك يستلزم وجودهم وجود هؤلاء، وكل واحد منهم يختبىء وراء حجر الآخر في ما يشبه لعبة الإستغماية، كليهما موجودان بالقوة أي بقوة الغير للعب دور، حتى أن معظمهم صُنع لغاية حددت فصولها مسبقاً، لكن الغريب والمستغرب أنهم أنفسهم يعلمون بما كانوا عليه وما عليه سيكونون لكنهم يتناسون والأدق أنهم لا يريدون أن يتذكرون أو يعترفون. وخلاصة القول أنهم في مهمة ولن يصلحوا لأخرى وإن حصل وكانت أخرى إستبدلوا بقوم آخرين لا يكونوا من أمثالهم بل هم على الأرجح خلق جديد.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News