ليبانون ديبايت- ميشال نصر
قبل ان يصحو من صدمته وجد عماد ياسين نفسه في آلية مدنية محاطا بعسكريين "مطمش" العينين في طريقه نحو اليرزة ، فيما ارهابيوه بحال ليست بافضل ، فالامير الداعشي لم يصل الى وجهته وفي الشارع حيث خرج من منزل صغير متابطا مسدسا من الجهة اليسرى لم تسمح له سرعة مباغتة القوة المهاجمة ان يستعمله ، سمع الجيران اصواتا عديدة "مخابرات جيش اوعى تتحرك" قبل ان تقلع بثوان سيارة مسرعة في الاتجاه ذاته الذي قدمت منه ، دون سماع اي رصاصة ، وسط ذهول من خرجوا لتفقد ما حصل.
دقائق ثلاث انتهت بالامير موقوفا في قبضة وحدة من قوات النخبة في مديرية المخابرات، نفذت المهمة الموكلة اليها بدقة وحرفية عاليتين وفقا للخطة المحكمة الموضوعة بتوقيتها الدقيق وصولا تنفيذا وخروجا. صيد رمت شباكه لاول مرة في منطقة خارجة عن سلطة الدولة محاذية للمنطقة الواقعة الى الشمال من حي "التعمير" في محيط جامع زين العابدين بن علي ، نسبة للرئيس التونسي المخلوع، والذي تحول منذ مدة الى "مقر" يمارس ياسين نشاطه منه.
ورغم تكتم المصادر العسكرية اللبنانية عن تفاصيل العملية تاركة لخيال المحللين رسم السيناريوهات حول ما حصل، فان ما رشح يؤكد خلافا لما حاولت جهات فلسطينية ترويجه ، ان العملية النوعية ، متابعة تخطيطا وتنفيذا جاء ١٠٠٪ لبنانية ، دون اي تدخل لاي فصيل فلسطيني، وان بالتعاون مع "عميل" داخل المخيم ساعد في تامين المعلومات الاستخباراتية ، الامر الذي بطبيعة الحال اثار اعجاب الملحقين العسكريين الغربيين في لبنان الذين حرصوا على معرفة التفاصيل الدقيقة للعملية ، ضمن ما تسمح به "قواعد اللعبة الاستخباراتية"، مشيدين بالاداء الممتاز والعالي الكفاءة الذي وصلت اليه مديرية المخابرات.
واذا كان امير عين الحلوة يعد بمثابة كنز ثمين للبنان ، حيث تركز التحقيقات معه على معرفة هيكلية التنظيم داخل المخيم ووسائل تواصله مع شبكاته ، التي يجري تحديد اماكنها للانقضاض عليها، فضلا عن ما يعرفه عن قادة الاسلاميين وخططهم داخل المخيم، فان اهمية الثانية تنبع من الدور الذي كان يلعبه لجهة تجنيد شبان للقتال الى جانب التنظيم في سوريا والعراق ، ومعرفته بطرق انتقالهم واسماء قادة التنظيم الذين تعامل معهم، فضلا عن شكوك حول معرفته بتفاصيل عن بعض الارهابيين الذين تسللوا الى اوروبا لتنفيذ عمليات ارهابية بين موجات من اللاجئين التي استخدم بعضها الشواطئ اللبنانية في رحلة هجرته غير الشرعية.
في كل الاحوال ، تجمع المعلومات على ان تداعيات ما حصل لا يستهان بها ، سواء من لهجة الاستهزاء التي تعامل بها احد كبار ضباط فتح عند سؤاله عن العملية، مخففا من اهميتها، او من خلال ردة الفعل التي سادت عقب حالة التضعضع داخل الجماعات الارهابية والتي حاولت التشويش بداية عبر بث اشاعات عن خطفها لاحد الجنود اللبنانيين ، او لاحقا عبر التحريض ضد الجيش ، التي ووجهت برد صارم وواضح "اياكم والاقتراب من مواقع الجيش" " واعذر من انذر" "واذا حابين تجربونا حاولوا وشوفوا" ، رسائل بجملة حملها الطرف اللبناني لقادة الفصائل الفلسطينية واضعا اياها امام مسؤولياتها قبل ان يفوت الاوان.
في هذا الاطار نجح الجيش بتجنيب لبنان حمام دم اعد له مجموعة من الانتحاريين ، كما نجح في سحب احد اهم فتائل التفجير في عين الحلوة محيدا المخيم عن خارطة الانفجار الذي طالما كان حديث الجميع طوال الاسابيع الماضية .
ووفقا للمعلومات المتوافرة من داخل المخيم فان قادة المجموعات الارهابية تواروا عن الانظار وعمدوا الى وقف كل تواصل فيما بينهم ومع الخارج ، كما عمدوا الى تغيير اماكن تواجدهم خوفا من اي عمليات اخرى، وسط الحديث عن حالة من الجنون اصابت بلال بدر واوسامة الشهابي وحديثهم عن خيانة كبرى وعملية طعن بالظهر متوعدين بالانتقام.
منذ ايام صفت داعش بناء لفتوى سائق التاكسي ياسين سيمون طه بعدما انكشف امر نقله معظم من سلم نفسه لمخابرات الجيش،من الاسلاميين في الحي الفوقاني للمخيم، ومساء العملية اشتبكت قوة تابعة للينو مع مجموعة بلال بدر على خلفية تلك الحادثة، ليستيقظ اللبنانيون على خبر ستكشف الايام القادمة مدى اهميته، وما كان سيحصل لولا استباق "العين الساهرة" الارهابيين بخطوة مسجلة هدفها مصطادة ابرز رموز مجموعة الارهاب في مثلث الصفصاف-التعمير-الطوارئ، بانتظار ان يصل الدور الى من تبقى .
بالضربة القاضية اسقطت مديرية المخابرات "داعش" في عين الحلوة شالة عمله لفترة لن تكون بالقصيرة، بعدما مهدت لتلك العملية بتفريغ المخيم من بعض من سلم نفسه الى الجيش والذين ساعدت مقاطعة افاداتهم الى كشف وتاكيد الكثير من المعلومات.
ومع شروق الشمس فوق بيروت كان "امير عين الحلوة" قد اصبح نزيلا في سجن وزارة الدفاع ، يستعد لاخذ صورة جديدة له تصدرت صفحات الصحف والشاشات بعدما بدل "جلابيته البنية اللون"، في الصورة التي قادت الى كشف كل الخيوط، بلباس رياضي وان بدا وجهه ذاته بلحيته التي ارخاها وابقاه المحققون له اقله في صورته الاولى.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News