السباق في سوريا محتدم بين روسيا وايران وكل من هاتين الدولتين تسعيان جاهدة لان يكون لها اليد العليا في ادارة النزاع السوري وفي ارساء الحلول وفي تقاسم النفوذ على الاراضي السورية. بين موسكو وطهران، علاقة تاريخية وتعاون وتنسيق في اغلب القضايا انما في اواخر اشهر الصراع الدائر في حلب، طفى الى السطح تنافس سلبي بين الدولتين اذ تريد موسكو الحفاظ على الهدنة قدر المستطاع والدخول في مفاوضات مع المعارضة واخرها كان مؤتمر استانا في حين لا تريد طهران الهدنة لان استمرار الاقتتال يسمح لها بتنفيذ مخططها الرامي الى تغيير ديموغرافي في بعض المناطق السورية وبالتالي كبح اي محاولة اخرى للمعارضة بالتمرد وبتهديد مصالحها في سوريا.
هذان الاتجاهان الروسي والايراني المتضاربان فوق سماء سوريا دفع موسكو الى اعتماد سياسة ازدواجية تجاه ايران والاستعانة بالولايات المتحدة للجم تمادي نفوذ ايران في سوريا وقد ترجم الغضب والانزعاج الروسي بقول مسؤول روسي رفيع المستوى ان ايران «شر لا بد منه». بيد ان موسكو تحاول ارساء حل في سوريا يتماشى مع مصالحها وقطف ثمار النصر الذي انتجته معارك حلب والذي غير موازين القوى بين النظام والمعارضة. ويكون ذلك بتوظيف الروس هذا النصر في مفاوضات تنتج تعديلات طفيفة فيما يتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية العربية السورية ودور الحكومة واشراك بعض اطراف المعارضة المقبولة من روسيا. ولكن موسكو لمست على الارض عرقلة ايرانية للتوجه الروسي حيال الصراع السوري ومحاولات ايرانية باستفزاز المعارضة لتجدد القتال وبالتالي انهيار الهدنة وعودة معارك «الكر والفر» في المناطق السورية الملتهبة. والحال ان تجدد الاشتباكات سيتيح لايران ان تثبت ان لا حل في سوريا من دونها وانه بامكانها تحريك الجماعات التي تدعمها باشعال الارض مجددا اذا استثنت من اي طرح تتداول به روسيا واميركا حيال سوريا. كما تحقق ايران بتجدد القتال مكاسب عسكرية ومعنوية في آن واحد الامر الذي يخولها ان تفرض نفسها على روسيا التي تحاول تقييد مشاركة ايران في صناعة القرارات المصيرية حول سوريا.
فهل هذا ممكن؟ هل بامكان روسيا ان تبعد ايران بعد ان قاتلت الاخيرة بشراسة على الارض السورية؟
وامام هذا الواقع، تبدي روسيا رغبتها بالتعامل بازدواجية مع الايرانيين فهي من جهة لم تسمح بوصول العلاقة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية الى حالة متأزمة ومتوترة بل ابقت على «شعرة معاوية» مع طهران في حين تمارس روسيا ضغوطات سياسية وميدانية على جماعات ايران في سوريا وقد انعكست هذه الضغوطات بقبول ايران بمؤتمر استانا لو على مضض.
التنافس السلبي بين روسيا وايران لم يصل الى اوجه بعد لان ملامح الحل في سوريا لم تتضح حتى الآن ولكن عندما ستتوصل الاطراف الى صيغة معينة لسوريا، ترى سيظل الحلفاء والاخصام في النزاع السوري على تحالفاتهم ام اننا سنشهد اوراق وبروز تحالفات جديدة قد تفاجئ الجميع؟
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News