أطلقت مؤسسة "أديان" الدليل التربوي "دور المسيحية والاسلام في تعزيز المواطنة والعيش معا" في احتفال اقيم في الحبتور شارك فيه ممثل رئيس الجمهورية وزير التربية مروان حماده، ممثل البطريرك الماروني رئيس اساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، ممثل مفتي الجمهورية الشيخ اسامة حداد، ممثل رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان، ممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابو المنى، رئيس مجلس كنائس الشرق الاوسط القس حبيب بدر، اضافة الى رئيس المؤسسة الأب فادي ضو، وحضر الاحتفال الدكتور داود الصايغ ممثلا رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وعدد كبير من ممثلي السفارات العربية والاجنبية اضافة الى عدد من المهتمين.
بداية النشيد الوطني، ثم ألقى ضو كلمة قال فيها: "نحتفل اليوم بحدث مميز، لا بل بإنجاز رائد وفريد، أريد أن أقدمه هدية للبنانيين جميعا، كدليل على عافية العيش المشترك، رغم الهزات السياسية التي يتعرض لها. نعم، هنيئا لنا ولكم جميعا صدور الدليل التربوي عن دور المسيحية والإسلام في تعزيز المواطنة والعيش معا. إنه الدليل الساطع الذي يأتي بوقت نحن بأمس الحاجة إليه، ليؤكد أن التنوع في لبنان هو أصيل وثابت، لا يمكن أن تقضي عليه تحديات مجتمعية أو انحرافات سياسية فئوية. التنوع في لبنان كالأرزة في العلم، مغروس في الكيان وشامخ في الوجدان، يجعل من التطرف والطائفية والانعزال زبدا هشا وزائلا، ويؤتي ثماره في ظل المواطنة الحاضنة للتنوع، المؤسسة على القيم المشتركة التي تجمع بين جميع أبناء الوطن، على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم".
أضاف: "أنا أيها الأحباء على قناعة وإيمان بأن من ينقذ لبنان من التعثرات السياسية التي تطيح بأصول الحياة الديموقراطية وتقلقنا جميعا في هذه الآونة، ليس شد الحبال بين المسؤولين بحجة الدفاع عن حقوق الطوائف، بل الالتزام الحقيقي للمواطنين والمسؤولين معا بمنظومة القيم المشتركة التي وحدها قادرة على أن تعيد الاعتبار لرسالة لبنان والأديان معا، التي أساسها خير الوطن والإنسان، بدل الصراع على مصالح وامتيازات، ليست بالنهاية سوى غنائم لقلة تدفع الكثرة ثمنها غاليا. لذلك إذا أردنا أن تصطلح الأمور لدينا ونعيد الحياة السياسية السليمة للوطن والحيوية للمواطنة، فلنلتزم معا شجرة القيم هذه التي تشمل أوراقها: الكرامة الإنسانية، وقبول الآخر، والأمانة، والعدل، واحترام القوانين والعهود، والتكافل والتضامن، والعفو والغفران، والخير العام. فكما أثمر التزام هذه القيم هذا الدليل المميز، الذي يهدف إلى تعزيز دور الخطاب الديني والتربية المسيحية والإسلامية في بناء المواطنة، يمكن أن يثمر التزامها من المسؤولين أكثر من قانون انتخابات عادل وشراكة وطنية حقيقية. بانتظام التزام القيم تنتظم الحياة العامة والممارسة الوطنية والسياسية، وعبثا نحاول تنظيم الحياة الوطنية والسياسية على قاعدة قيمية مختلة".
وتابع: "يشكل هذا الدليل ثمرة العمل الدؤوب للخبراء الذين تعاونوا طيلة ثلاثة أعوام على تأليفه بإسم الجماعات الدينية الوطنية، ممثلة مؤسساتيا بكل من مجلس كنائس الشرق الأوسط الذي يضم جميع العائلات الكنسية المسيحية من كاثوليكية وأرثوذكسية وإنجيلية، ودار الفتوى، والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، والمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز، بالشراكة مع مؤسسة أديان ومعهدها، معهد المواطنة وإدارة التنوع، وبدعم مشكور من برنامج الشراكة الدنماركية العربية ومؤسسة "دانميسيون". أريد أن أقدم الشكر إلى المرجعيات الروحية الوطنية، التي منحت مؤسسة أديان هذه الثقة الثمينة، وانتدبت إلى هذا المشروع القيمين على شؤون التربية الدينية لديها، وواكبت عملنا وباركت نتائجه. كما أشكر الخبراء الثمانية ومن عاونهم، وهم الذين لم يبخلوا لا بوقتهم، ولا بسعة صدرهم لاستيعاب الاختلافات ليس بين المسيحية والإسلام وحسب، ولكن بين المذاهب داخل الديانتين، وتحويل هذه الاختلافات إلى فرصة للحوار والتعارف، وتطوير الخطاب الجامع، وبلورة المساحة الإيمانية المشتركة، وقبول الحق في الاختلاف، واحترام الخصوصيات".
وقال: "باسم المرجعيات الروحية الوطنية الشريكة معنا بهذا المشروع، وبإسم مؤسسة أديان، يشرفني أن أقدم للبنانيين وللعالم هذا الدليل التربوي بجزأيه المسيحي والمسلم، الذي يشكل خطابا وطنيا مشتركا حول قيم الحياة العامة من جهة، وخطابا دينيا مشتركا بين المذاهب الإسلامية والمسيحية حول التأصيل الروحي لهذه القيم من جهة أخرى. إن هذا الدليل هو خير برهان على أن الحوار الديني، المسيحي والإسلامي، ليس مجرد مجاملات أو لقاءات عقيمة، كما يظن البعض. بل الحوار هو آلية للتعاون بصدق وجدية من أجل مواجهة التحديات الوطنية بشكل مشترك وحمل المسؤولية معا، للإسهام العملي في تعزيز العيش معا وتنمية الحياة".
أضاف: "نفتخر برعاية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون لهذا الاحتفال، التي تعطي البعد الوطني الشامل لهذا العمل وتفتح أمامنا آفاقا جديدة لمتابعته وتطويره. فاسمحوا لي أن أقدم لفخامته، وهو حامل مشروع إعلان لبنان مركزا عالميا للحوار بين الأديان والثقافات، هذا العمل كحجر يوضع في أساسات هذا المشروع ويعطي صورة لبنان الحقيقية للعالم، والبرهان على أن هذا الوطن لم يفقد دوره الذي عبر عنه البابا القديس يوحنا بولس الثاني بقوله: إن لبنان أكثر من وطن، إنه رسالة للتعددية والحرية في الشرق والغرب. كما نعتز بالاهتمام المميز لمعالي وزير التربية والتعليم العالي الأستاذ مروان حماده بالمشروع، والذي يعبر عن متانة شراكتنا مع وزارة التربية والتعليم العالي والمركز التربوي للبحوث والإنماء، في العمل المشترك على تطوير التربية في لبنان، في ظل المواطنة الحاضنة للتنوع".
وختم: "النجاح يتحول اليوم إلى مسؤولية، تحتم علينا أن نتابع هذه المسيرة وننتقل من مرحلة التأليف إلى مرحلة التعليم، لنقل مضامين هذه الكتاب إلى كل مسجد وكنيسة ومدرسة في لبنان، لكي يسهم ذلك في بناء وعي مجتمعي على أن الإيمان لا يكون سليما إلا عندما يبني الإنسان القادر أن يعيش بانسجام انتماءه الديني مع التزامه الوطني. نعاهدكم أن نكملالمسير، وأن نجاهد للوصول إلى الأهداف المرجوة، سائلين ثقتكم المستمرة وتعاونكم لكي نتابع حمل هذه القضية الإنسانية والروحية والوطنية معا".
بدر
ثم تحدث القس حبيب بدر فاعتبر ان "الانسان في لبنان وفي الشرق عموما هو كائن ديني بالاساس وبامتياز، ورغم اعتراضنا على هذا الوصف لكنه وصف واقعي، لقد حاول بعض المفكرين واناشطين ان يغيروا هذا الواقع وما زالوا يحاولون، من اجل استبداله بمفاهيم المواطنة المستوردة من "غرب معلمن"، لكن العلمنة بمعناها الغربي الدقيق وحتى اشعار اخر غير صالحة للتطبيق في هذا الشرق، حيث يبقى الدين وسيبقى في المدى المنظور المكون الاساس لناسنا ومجتمعاتنا على اختلافها وتنوعها".
أضاف: "هذا الواقع بنظري... لا هو اشارة تخلف سلبية في حياتنا المشرقية علينا التخلص منه وبالتالي"التحضر"او "التقدم" الى المجتمع المعلمن كما يعتقد البعض في الغرب والشرق. ولا هو ظاهرة ايجابية نتميز او نتفوق او نتباهى بها على غيرنا من الحضارات والنظم السياسية الاخرى في العالم. هذا الواقع هو معطى تاريخي "حيادي" نعيشه، علينا التعامل معه بوعي وحكمة ودراية وبعد نظر، كي نصل من خلال هويتنا وعلى طريقتنا الى بناء دول ومجتمعات تتوافر فيها مقومات الحياة العامة المشتركة التي يمكن تحويل منطقتنا من "بلدان"الى "اوطان" قابلة للحياة، والى تمكين ناسنا ليتحولوا من "رعايا خاضعين" الى "مواطنين صالحين".
وتابع: "يقول هذا الدليل التربوي الذي نحتفل باطلاقه اليوم، انه من مستلزمات المواطنة السليمة والاساسية بالنسبة لنا كمسيحيين، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مبادىء وقيم الحرية والكرامة الانسانية وامكانية التنوع والعيش بسلام وامان مع الاخر المختلف والامن والطمأنينة ضمن اطر احترام الدساتير والقوانين والعهود التي تحقق المساواة في الواجبات والحقوق بين جميع المواطنين وتطبيق العدالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تتيح الفرص امام كل من يشاء ان يتكافل ويتضامن باعمال الرحمة تجاه الضعفاء، ومساعدة الجهال والاميين وكل ذوي الاحتياجات، وافتقاد الفقراء والمرضى والمتألمين والمهمشين والمستضعفين، والعمل لاجل الخير العام. ويتبنى المسلمون الاغلبية الكبرى من هذه المبادىء، لكن الوصول الى اوطان تؤمن هذه المستلزمات يحتاج دون شك الى تربية الانسان وتعليمه على اسس المواطنة الصحيحة والصالحة. من طفولته وفتوته وصولا الى شبابه. لذا وجب الاهتمام الشديد بتنشئة الاجيال الصاعدة على هذه المبادىء والقيم. وبسبب التأثير الهائل للخطاب الديني في حياة ناسنا الاجتماعية والثقافية تنبهت مؤسسة اديان الى دور المؤسسات الدينية الى ترسيخ مفاهيم المواطنة وفي تحديد مسؤولياتها الاجتماعية في ترسيخ مفاهيم المواطنة، وفي تحديد مسؤولياتها الاجتماعية في تثقيف النشء على تلك المبادىء والقيم، خاصة وان الجزء الاكبر منها مشترك بين المسيحية والاسلام".
وختم: "من هنا نثمن العمل الذي قامت به مؤسسة اديان مشكورة خصوصا وانه الخطوة الاولى على طريق الالف ميل ونهنئها باسم مجلس كنائس الشرق الاوسط الذي يمثل الاغلبية الساحقة من مسيحيي الشرق".
أبو المنى
وكانت كلمة لممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز أكد فيها ان "اطلاق الدليل التربوي عن دور التعاليم الاسلامية والمسيحية في تعزيز المواطنة والعيش معا هو حدث تربوي بامتياز، لما في ذلك من اهمية كبرى في تأصيل تلك التعاليم في تراثنا الديني والاستفادة منها في مناهجنا التربوية من خلال انتاج دروس وانشطة تخدم فكرة المواطنة الحاضنة للتنوع الديني وتساعد في التربية على العيش الكريم معا. رسالتنا ايها الاخوة في الاسلام كما في المسيحية، وفي مذهب الموحدين الدروز، كما في اي مذهب ديني آخر، هو رسالة الدين والتوحيد ومحورها الانسان. فالانسان هو الغاية، والغاية واحدة، فالانسان هو"اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق" ومجمل التعاليم الدينية تصب في خدمة هذا الانسان ومساعدته ليحاول تحقيق الغاية في وجوده، وليعيش حقيقة انسانيته، وليكون بالتالي صادقا مع نفسه، متفاعلا مع اخوانه في المواطنة وفي الانسانية".
وقال: "اننا مدعوون الى استلهام تراثنا الديني بما فيه من غنى، وما يزجر به من موارد ومعان وقيم وتوجيهات تدعم ثقافة التنوع وقبول الاخر واحترامه وتؤكد على بناء العيش المشترك وترسيخ اسس العدل والسلام ونشر روح الاخوة والمصالحة في مجتمعاتنا واوطاننا، وجميعنا مطالبون امام انفسنا وامام اهلنا ومواطنينا وامام الله، من قبل ومن بعد بالعمل على ترجمة تلك الموارد والمعطيات الى فهم عميق ومبادرات عملية تساعد في تغيير الصور النمطية المشوهة، لكل منا عن الآخر المختلف او من الآخر المختلف، وبالتالي في تحرير الاديان من التعصب والتطرف والعنف والتكفير وتحويل المشتركات في ما بينها الى مساحات للتلاقي والتعايش وعيش المسؤولية الوطنية والاجتماعية معا".
أضاف: "حسنا فعلت مؤسسة اديان، بالتعاون مع وزارة التربية ومع المرجعيات الدينية ومع المؤسسات التربوية وجميع الخبراء والمعنيين من كل العائلات الروحية ووضعها واياهم دليلا للقيم المشاركة في الحياة العامة والمتعلقة بدور كل من الاسلام والمسيحية في تعزيز المواطنة والعيش معا، ليكون هذا العمل في متناول الوعاظ والخطباء والتربويين، وقد اكدنا اهتمامنا بهذا العمل من خلال مشاركة رئيس المصلحة الدينية والتربوية وفي المديرية العامة للمجلس المذهبي، الذي ركز واخوانه المشاركين على ما هو مشترك بين المذاهب الاسلامية والمسيحية، معرفين بتلك القيم لتأصيلها في التراث الايماني لكل منها، ويكفي الاطلاع على العناوين لندرك كم هي غنية وواسعة تلك الفسحة من التلاقي بين المسيحية والاسلام، وكم تغتني المواطنة الحقة بوجود مثل هذا التنوع الديني في اوطاننا".
وختم: "العاقل هو من يحول ذلك التنوع القائم الى نعمة لا الى نقمة، وهذا ما يسعى اليه عقلاؤنا باستمرار، وهو ما رمت اليه مؤسسة اديان بالتعاون مع المرجعيات الدينية، وهي تعترف كما الاخوة والاخوات المشاركون في هذا العمل، بانهم لم يخترعوا دينا جديدا او مفاهيم جديدة، لكنهم استخرجوا من الكتب المقدسة تلك المفاهيم المشتركة والمنزلة وحولوها الى افكار ودروس وانشطة في مواضيع تتعلق بالانسان المواطن، واولها الكرامة الانسانية، وقبول الاخر والامانة، واحترام القوانين والعهود والعدل والتكافل والتضامن والعفو والغفران والخير العام، وكلها مواضيع اكدتها المسيحية واكدها الاسلام، وهي تشكل ارضية خصبة وواحة مشتركة للتفاعل الايجابي والتربية الراقية، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون للوصول الى الاهداف السامية التي تجمع كل الاطراف".
قبلان
وألقى ممثل رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى كلمة أكد فيها ان "القضية بالمنطق الالهي، كيف اعيش انسانك بانساني وكذا العكس، لا ان اقتلك او امنعك لاعيش دونك، لان الله حين تعرض للانسان قال: "خلقنا الانسان، فنسبه الى نفسه ليتحد به، وتتعزز به شراكة الوطن والمواطن والانسان". وبمنطقنا، وفقا للعقل الحقوقي في الانسان، نقول:قضية المواطنة ضرورة ماسة ليس على مستوى لبنان، بل على مستوى العالم، لان العالم ناتح مكونات: العرق واللغة والجنس والدين واختلاف العقول وغيرها، لذا من تعجز هويته الحقوقية او رسالته الدينية او المدنية عن استيعاب الاخر، هذا يعني انها اطروحة عاجزة عن استيعاب الانسان، وهو الحيثية الرئيسية بمنطق كيف نعي الانسانية؟ لان الاختلاف على الانسان يشرع قتل الانسان، ويمنع المواطنة من حق وجودها واسباب استمرارها وتفاعلها، والثابت الاكيد ان الحق يدور مدار الانسان مهما اختلف لونه او جنسه او دينه او تقاسمته الاوطان".
وقال: "تحت هذا العنوان، وبصريح الكلمة قلنا، نحن المسلمين، نستطيع العيش مع الآخر مطلق الآخر، حتى مع الملاحدة، بمنطق ان الحياة للجميع، والاستفادة منها حق للجميع، لا على قاعدة إلغاء الفروقات، بل من خلال تأكيد الهوية الحقوقية المشتركة، شرط ان لا تكون الفروقات من نوع لا تسمح بالعيش مع الآخر، لان اصل بعثة الانبياء ارتكز على مبدأ "لقد كرمنا بني أدم"، وبخلفية ان اجتماعنا بآدم يكفي لشراكتنا بالاوطان. بتعبير آخر، البنية الحقوقية الاسلامية تلحظ الانسان بهويته الاولى، اي بانسانه المحض بعيدا عن لونه وجنسه وعرقه ودينه تماما وفق "مقولة الانسنه" التي عرفها الامام علي مشيرا ان الآخر مهما اختلف هو "نظير لك في الخلق"، وهذا يكفي للشراكة الحقوقية على قاعدة "كونك انسان فانت شريك لي بالانسانية"، وفي النفس الانسانية قال تعالى: "ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا"، يريد ان احياء النفس الانسانية يعني تأمينها حقوقيا بالعدل السياسي والضمانات المدنية والاجتماعية والاخلاقية والمالية على قاعدة المبرر الحقوقي والوعي الوجودي وليس على قاعدة الدعاية والسوق وتبصير الفنجان".
أضاف: "على هذا الاساس قلنا نحن اللبنانيين لسنا اكبر من الله، ولسنا من سلالات متناخرة، بل "كلنا من ادم، وادم من التراب"، وهذا يفترض ان نكون عائلة انسانية ذات شراكة حقيقية، تعكس انساننا بالوظيفة السياسية، والعمل الحكومي، والبرامج الاجتماعية، والمعايير الاخلاقية، والتعريف للسلطة، سلطة انسان لا طوائف، وحكومة وطن وليس فيديراليات طائفية وعرقية، ولست بوارد منع الدين او الطائفة، بل تأكيد الدين كهوية للكمالات ومنطق للانتماء، لكن التجربة العلمانية في الشرق كانت مخزية وفاسدة جدا، لذا لسنا بوارد الحديث عن البدائل، لكن السلطة بلبنان وغيره ليست دينية بل مدنية، ورغم ذلك تدرعت الطائفية والعرقية والمذهبية وغيرها لدرجة انها سحقت آمال شعبنا بالمواطنة فضلا عن حقوق الانسان".
وتابع: "إذا كان ديني يقبلك انت الآخر، لانك رعية الله ربي وربك، وهذا يفترض ان المادة الحقوقية، التي تجمعني بك، تكرس العدل السياسي والضامن الاجتماعي والمالي والاخلاقي على قاعدة ان السلطة بالانسان، وان الوطن بشراكة اهله، وان البرامج الحكومية بحاجات ناسها وليس زعاماتها، وان التمثيل السياسي بالمواطن وليس بالطائفية، وان تداول السلطة ضرورة لمنع الاستبداد خاصة المقنع، وان التمثيل البرلماني تمثيل شعب لا تمثيل مال ونفوذ و طوائف، وذلك يحتاج الى "مؤسسة دولة" اكبر من اشخاصها، وشعب اكبر من الطائفية، ومحبة تجمع المسلم بالمسيحي، واخوة تغذي ابناء هذا الوطن حقيقة ان "الانسان اخو الانسان"، وتربية تعلمنا ان دور الجامع والكنيسة يكمن بتأكيد انتماء الانسان الى ربه كأساس لوحدة الخالق ونسبة الخلق فيه وشراكتهم بالأرض والأوطان، وان شرعية المؤسسة الدستورية بمصالح شعبها، والدولة بالمواطنة، والسياسة بما تكرسه للانسان، لذا فان وطن الجوع والبطالة والجريمة والكراهية والنزوح والجهل والفلتان والتسيب والنكاية والفراغ السياسي أقرب ما يكون لوطن اسمه لبنان".
وختم قبلان: "نحن لا نحتاج لمؤتمر يكرس شراكة المسيحية بالاسلام لتأكيد المواطنة وتعزيزها، فقط نحتاج لمدرسة أخلاقية تقول للسياسيين: الغوا الطائفية، واخلعوا أقنعة المذاهب وارفعوا وتجردوا من لعبة الانتماء واتقوا الله، لان كل مواطن في هذا البلد يدرك ان الخلاص يكون بدولة يمجدها الله وتجمعها حقوق الانسان".
حداد
أما ممثل مفتي الجمهورية فأكد في كلمته ان "رسالة دار الفتوى هي رسالة الاسلام التي تدعو الى الوسطية والاعتدال والانفتاح والعيش المشترك وحوار الاديان، وتنبذ التطرف والتعصب الذي يحاول البعض إلصاقه بالاسلام".
وقال: "إننا في دار الفتوى نؤكد توصيات المؤتمرات التي شارك فيها صاحب السماحة بشكل فعال ولا سيما "مؤتمر الأزهر" الذي أكد ان مصطلح "المواطنة" هو مصطلح اصيل في الاسلام، شعت انواره الاولى من دستور المدينة المنورة وما تلاه من عهود للنبي نظم فيها علاقة المسلمين بغير المسلمين. فالمواطنة ليست حلا مستوردا، انما هو استحضار لاول ممارسة اسلامية طبقها النبي في اول مجتمع اسلامي أسسه في المدينة المنورة، هذه الممارسة لم تلغ أي فئة من فئات المجتمع آنذاك، وانما قامت على أساس مفهوم التعددية الدينية والاجتماعية التي لا يمكن ان تتآلف وتتعايش الا في اطار المواطنة وقيمها".
أضاف: "اننا اليوم مدعوون اكثر من اي وقت مضى الى التضامن والتعاون لحماية قيمنا ووجودنا والتمسك بسماحة تعاليمنا الدينية وقيمنا المشتركة. من هنا كانت مشاركتنا كدار فتوى بهذا المشروع الوطني الذي ترعاه مؤسسة اديان مشكورة ويضم مجموعة من القيم المشتركة التي تعزز مفهوم المواطنة والعيش معا. وهذه هي رسالة دار الفتوى ان تبقى يدنا ممدودة الى الجميع للتعاون بما فيه خير الوطن والمواطن. نعمل جميعا، مسلمين ومسيحيين، على تربية الاجيال على المواطنة والعيش المشترك، لنواجه التطرف والارهاب، لنواجه معا هاتين الظاهرتين السلبيتين اللتين طرأتا على مجتمعنا وثقافتنا، وسوف نتجاوز هذه المحنة التي نمر بها بتعاوننا وصدقنا مع بعضنا".
وختم: "جولة الباطل والتطرف ساعة، ودولة المواطنة والعيش المشترك الى ساعة القيامة".
مطر
بعد ذلك، ألقى ممثل البطريرك الماروني كلمة قال فيها: "إنه لشرف كبير لي أن أمثل في ما بينكم أبانا صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، بطريرك إنطاكية وسائر المشرق الكلي الطوبى. ولقد كلفني غبطته في هذه المناسبة أن أعرب أمامكم عن تقديره العميق للمبادرة الثمينة التي أقدمت عليها مؤسسة "أديان" العزيزة، إذ أطلقت، بالشراكة مع المقامات الروحية العليا في لبنان، من مجمل الطوائف، دليلا تربويا يرسم دور المسيحية والإسلام في تعزيز المواطنة والعيش معا، في لبنان وفي شرقنا العربي برمته".
أضاف: "عرف موضوع المواطنة والعيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين، في المشرق كما في العالم، تقدما ملموسا وسط جو إيجابي واعد، وذلك على إثر انعقاد المجمع الفاتيكاني الثاني في روما، منذ خمسين سنة ونيف. فلقد أصدر هذا المجمع بيانا رسميا أشاد فيه بالقيم الإسلامية الكبيرة، من مثل الإيمان بالله الواحد، الخالق والرحيم، والتمسك بمكارم الأخلاق، والتسليم لمشيئة الله الذي يرعى الناس جميعا ويجازيهم خيرا كما يحاسب كلا منهم على أعماله، وتأدية الإكرام ليسوع بن مريم، الذي وإن كان الإسلام لا يعترف به مسيحا وربا، إلا أنه يدعوه نبيا جاء يعلم الناس تعاليم الله. كما دعا المجمع في البيان عينه إلى تنقية الذاكرة مما علق فيها من سلبيات في علاقاتنا القديمة وإلى إبراز الإيجابيات التي من شأنها أن تسهم في صنع مستقبل زاهر لنا جميعا".
وتابع: "منذ إطلاق هذا الإعلان الفاتيكاني الذي رأى فيه المسلمون منعطفا جديدا للعلاقات الطيبة مع المسيحيين، نشأ حوار صادق وبناء في ما بينهم، عرف تطورا إيجابيا كبيرا إذ رأوا فيه معا فرصة ثمينة لخدمة السلام في العالم وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي كانت تعاني من اضطراب خاص في هذا المجال. وكان من المنتظر لهذا الحوار أن يواجه العثرات على طريقه، إلا أن المتحاورين تمسكوا به ورأوا فيه ضرورة حياة، بعد أن فعل الزمن فعله، وصار ثلث المسلمين في العالم يقيمون في دول وفي مجتمعات ليس فيها أكثرية إسلامية، وبعد أن تحول الكثير من المسيحيين وعلى مستوى العالم أيضا إلى أقليات تقيم بين أكثريات إسلامية أو غير إسلامية كما في الشرق الأقصى وفي بعض دول أفريقيا. فبرزت أهمية نجاح العيش معا، وكان ضروريا من أجل تثبيت هذا العيش في القلوب وفي الضمائر أن يستند أهل الأديان إلى تعليم أديانهم في هذا المجال ليواجهوا أية موجات تعصبية تنجم عن عقليات تعززها مخلفات القرون الوسطى، وهي ما زالت تجرجر بعض أذيالها حتى زمننا الحاضر. إلا أن الموجة التعصبية العنيفة التي تألبت على الشرق والعالم في هذه السنوات الأخيرة، قد فاقت كل تصور، بتصرفاتها الشرسة على أرض الواقع، وبالوسائل التي تستخدمها ولا سيما الإرهابية منها، إلى حد وصف البعض لها بأنها حرب عالمية ثالثة بدأت تذر قرنها مع هذه الهجمات غير المسبوقة على الآمنين في غير مكان، وعبر استعمال هؤلاء الإرهابيين راية الإسلام للتستر بها والادعاء بأنهم يعملون باسمها وتعزيزا لمكانتها بين الأمم".
وقال: "في الحقيقة، فوجئنا جميعا، مسيحيين ومسلمين، بهذه الموجة الإرهابية التي راحت تهدد كل تقدم حصل عبر الحوارات التي عقدناها معا طوال السنوات الخمسين التي أعقبت المجمع الفاتيكاني الكبير. وكان لا بد من ردة فعل عقلانية من قبل المسلمين والمسيحيين معا، ومن قبل كل منهم في أوساطه، لمواجهة هذا التطرف مواجهة حقيقية وفاعلة، ولوضع الأمور العقائدية التي تحكم العيش المشترك المسيحي والإسلامي في نصابها الصحيح. فمن لا يذكر الإنذارات التي أعطيت لمسيحيي الموصل عندما دخلت عليهم جحافل ما سمي بجيش الدولة الإسلامية في الشام والعراق. إذ قالوا لهم: "عليكم أن تعتنقوا الإسلام لتسلموا، أو أن تغادروا دياركم بين ليلة وضحاها، أو أن نعمل في رقابكم السيف لتموتوا جميعكم من دون استثناء". هذا فيما القرآن يوصي المسلمين صراحة بأهل الكتاب، وينهيهم عن التعرض لهم ولسواهم ما لم يقدموا على طرد المسلمين من ديارهم. فطالبنا وبخاصة نحن اللبنانيين إخواننا المسلمين في العالم بأن يعلوا الصوت برفضهم مثل هذه التصرفات الخارجة على القرآن وتعاليمه. والحق يقال أن دولا في المنطقة قد استجابت لهذا المطلب، ومثلها منظمات إسلامية لها وزنها العالمي".
أضاف مطر: "غير أن مؤسسة الأزهر الشريف مع كوكبة من العلماء المسلمين في العالم، كانت السباقة إلى وضع خطة لوقف هذه التصرفات المشبوهة والمدانة. فدعا رئيس هذه المؤسسة وإمامها الأكبر سماحة الشيخ أحمد الطيب إلى عقد مؤتمرات ثلاثة في القاهرة لمشاركة المسيحيين مع المسلمين في صوغ هذه الخطة الإنقاذية للشرق وللغرب معا. وكان لنا شرف المشاركة في هذه المؤتمرات الثلاثة حيث اعتبر الإرهاب في الأول منها خطيئة عقائدية وعصيانا واقعيا يجب أن يوضع حد له بكل الطاقات المتاحة. وتباحث المؤتمر الثاني في المواطنة المتساوية بين المسيحيين والمسلمين في الشرق والعالم، كما خصص المؤتمر الثالث للبحث في طرق إرساء السلام في العالم، وقد توج هذا اللقاء الأخير بجلسة ختامية له شارك فيها قداسة البابا فرنسيس الذي جاء إلى مصر محييا مسؤوليها وشعبها لسلوك طرق الوسطية والاعتدال. فتعانق رأس الكنيسة الكاثوليكية قداسة البابا فرنسيس وسماحة الشيخ أحمد الطيب رئيس المؤتمر على مرأى من العالم كله. وكان لهذه المصافحة الأخوية وقعها الإيجابي على جميع العرب والمسلمين في العالم، ما أعطى خطة الأزهر في محاربة الإرهاب ودعم المواطنة زخما مدويا، وكأن هذه المعركة من أجل السلام والتواطن بين الشعوب صارت معركة واحدة ولو خاضها الناس على جبهات متعددة، دينيا واجتماعيا. فمن جهة المسلمين، وضعت خطة للعودة إلى نصوص القرآن وإلى ما يثبته تاريخ الإسلام من توجهات تصلح بنظرهم في الزمن الحاضر".
وتابع: "إن هذه العودة إلى الينابيع الأولى للاسلام تجد لها مقابلا في الكنيسة التي تبقى ارتباطا مجددا بينابيع الإيمان أي قبل أن يترك التاريخ على العقول والأفئدة بعضا من غباره. فقارب المسلمون موضوع المواطنة انطلاقا من القرآن نفسه حيث يرد عن نشوء الدولة الإسلامية الأولى في المدينة، أن النبي العربي قد أمر باعتبار جميع سكان يثرب من مسلمين ومسيحيين ويهود مواطنين فيها على حد سواء، ليقول عنهم في النهاية إن المسلمين وسائر المؤمنين في المدينة هم أمة واحدة من دون سائر الناس. فكيف للداعشيين بعد ذلك أن يطردوا "أهل الكتاب" من دولتهم على غير ما صنع رسولهم لو كانوا يدركون؟ كما رسم الأزهر أيضا خطة واسعة ومتكاملة لتوضيح موضوع الجهاد ومن الذي يدعو إليه، مع جملة من المواضيع التي يرى فيها منزلقات ممكنة للبحث الديني عن أصوله وشرعانيته. أما من جهة المسيحيين، فقد جاء تأكيد من قبلهم للاندراج في محيطهم العربي، وفي الدول ذات الطابع الإسلامي التي يتواجدون فيها أو هم فيها مواطنون. وقد طرح هذا السؤال من جديد كما كان مطروحا منذ تلاقي المسيحية بالإسلام على أرض المشرق وفي سواها. فهل نحن نحمل قضية العيش المشترك المتساوي بيننا وبين إخواننا العرب عن حق وحقيق؟ فكانت الإجابة بأن مصيرنا لن يكون منفصلا على مصير المسلمين بل نحن وإياهم نحمل قضية واحدة هي قضية هذه المواطنة التي تؤمن بالأخوة المرجوة على ما رسمتها السماء في حقيقة ملكوت الإنجيل. وقد تعمق إدراكنا اليوم أكثر فأكثر لما أتى به سينودس الكنيسة الكاثوليكية الذي انعقد في روما في تشرين أول سنة 2010 لجهة المواطنة والحرية الدينية الواعدة للوحدة الحياتية بين المسيحيين والمسلمين في الآتي من العهود. وقد يكون موقف الداعشيين السلبي من هذا المنحى مؤشرا ظهر مباشرة بعد هذا السينودس، لكن رفض هؤلاء للمستقبل المشترك لن يكون سوى غيمة تمر في سماء العلاقات الطيبة الصافية، شرط أن نعمل من أجلها بالإيمان والعقل والإرادة وأن نحياها في جو إيجابي سليم".
وقال: "إن القضية الكبرى للعالم هي اليوم قضية الروح قبل أن تكون قضية الاقتصاد والنمو الاجتماعي على غير صعيد. فالسؤال الجوهري المطروح يدور اليوم حول التلاقي بين الناس أو عن التصادم في ما بينهم على مستوى الدين والحضارة والقيم المحركة لمعنى الوجود. لذلك لن نبقى في هذا الشرق الذي يفتش عن ذاته من جديد كجماعة تتفرج على الأحداث ولا ترى لذاتها دورا في التفاعل معها سوى الابتعاد عنها إلى مكان آخر من الأرض، لننسى فيها ذواتنا وينسانا بعدها التاريخ. فهنا الخميرة وهنا العجين، وهنا الخبز الذي يطلع على أيدينا من أجل الجياع والعطاش إلى البر لعلهم يشبعون".
وختم مطر: "أما مؤسسة "أديان" التي نجتمع حول برنامجها في خدمة المواطنة والتلاقي المسيحي الإسلامي المنشود، فإنها في ضوء ما تقدم، تسير في طليعة العاملين من أجل مستقبل هذه المواطنة، بلورة وتثبيتا. فللقيمين عليها كل الثناء والشكر وكل الدعم والمحبة، ولكم الشكر جميعا لإصغائكم".
حماده
ختاما ألقى ممثل رئيس الجمهورية كلمة قال فيها: "أن يحضر إليكم صباح اليوم وزير ممثلا رئيس جمهورية لم ينتخبه، هذا لبنان، لبنانكم ولبناننا. أن يصر فخامة الرئيس على أن أتحدث باسمه لأنه على حد قوله أعرف أفكاره، هذا هو لبنان، لبنانكم ولبناننا. أن تتحلق المناسبة حول مؤسسة أديان وتجمع ممثلي طوائف لبنان، الكبرى منها والأصغر، هذا لبنان، لبنانكم ولبناننا. أن نلتقي هنا في وقت يتوجه فيه وفد حكومي إلى مؤتمر عربي إسلامي أميركي، فيما بعض الأطياف متحفظ عليه ومتوجس منه، هذا هو لبناننا ولبنانكم".
أضاف: "هذه جمهورية ميشال عون وهذا الرئيس الذي اختار في كل مناسبة تربوية أن أمثله، على الرغم من ورقتي البيضاء، هذه جمهورية كل الأديان المجتمعة هنا وكل الأحزاب، جمهورية كل الآمال الملتقية هنا، جمهورية كل لبنان".
وتابع: "يعرف الأب ضو، وأخال كل ممثلي الطوائف اكتشفوا الآن أنه في بعض الأحيان تسند الوزارات إلى طائفة، إلى مذهب، إلى حزب. وزارة تربية لبنان لم تسند على هذا النحو، أعطيت حقيبتها، مفاتيحها، مدارسها وإداراتها، ملاعبها وكتبها، مناهجها وامتحاناتها إليكم، إلى كل لبنان. يكفي أن نجمع اليوم هذا الواقع وهذا الشعار وهذا الرجاء لكي اكون بلحظات قليلة قد عبرت رغم وضع حنجرتي، عن مشاعر الرئيس تجاهكم وتجاه العمل الجبار الذي تقومون به".
وقال: "إن إطلاق الدليل التربوي الذي يحمل عنوان "دور المسيحية والإسلام في تعزيز المواطنة والعيش معا" في هذا الوقت بالذات يكتسب دلالات ورموزا تعزز رسالة لبنان الجامعة في زمن تتعاظم فيه الجرائم في حق الأبرياء وتقضي على رموز التاريخ الغني لمنطقتنا وعلى التراكم الحضاري الذي تتكون منه شخصياتنا المنفتحة على الآخر، وتستقي من تعاليم المسيحية والإسلام الفضائل السمحاء والمحبة والرحمة. وأود في هذا السياق أن اقتبس عبارات من خطاب القسم لفخامة الرئيس العماد ميشال عون جاء فيها ما حرفيته: "فرادة لبنان هي بمجتمعه التعددي المتوازن، وهذه الفرادة تقضي بأن نعيش روح الدستور، من خلال المناصفة الفعلية، وأولى موجباتها إقرار قانون انتخابي يؤمن عدالة التمثيل، قبل موعد الانتخابات المقبلة. أما في الاستقرار الأمني، فإن أول مقوماته الوحدة الوطنية، وكلنا يعي التحديات التي تواجهنا بصورة داهمة، وضرورة التصدي لها بلا هوادة، بوحدتنا وانفتاحنا على بعضنا البعض وقبول كل منا رأي الآخر ومعتقده. هكذا نحافظ على روافد قوتنا، ونسد الثغرات التي قد تنفذ منها سموم الفتنة والتشرذم والتشنج والفوضى".
أضاف: "إنني أحيي مؤسسة أديان وأقدر عاليا شراكتها مع وزارة التربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء في وضع المناهج وتطويرها، كما أحيي جميع رؤساء الطوائف الذين يقدمون في كل محطة من محطات تاريخ لبنان نموذجا للخطاب الجامع وللتلاحم والتمسك بقيم العيش معا مهما بلغت الصعوبات. المشهد اليوم، والكلمات اليوم ، هي أفضل ما نقدم لرئيس يؤمن بلبنان، يتنفس لبنان ويعشقه. باسمه أشكركم جميعا واتمنى لكم مؤتمرا ناجحا".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News