المحلية

الاثنين 27 تشرين الثاني 2017 - 16:49 ليبانون ديبايت

بين ميشال عون وفؤاد شهاب

بين ميشال عون وفؤاد شهاب

"ليبانون ديبايت" - القنصل نصري لحود

يذكر التاريخ اللبناني والعربي واقعة 25 آذار 1959 واللقاء الشهير الذي جرى بين الرئيس اللبناني الجنرال فؤاد شهاب ورئيس الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا) جمال عبد الناصر في خيمة نصبت على الحدود اللبنانية السورية في عز الموجة الناصرية التي اجتاحت العالم العربي، ويقول التاريخ عن الواقعة ان "بعد تبادل التحيات وتناول القهوة تحدث الرئيس فؤاد شهاب بلغة عسكرية خالية من العبارات المنمقة، فقال للرئيس عبد الناصر انه سعيد بلقائه وحريص على فتح الحوار معه لأنه يمثّل قيادة الجمهورية العربية المتحدة والاقليم السوري تحديداً. ولتأكيد هذا الحرص أعرب عن استعداده الدائم لمد يد التعاون والتنسيق على كافة الأصعدة: السياسية والامنية والديبلوماسية.

وشكره الرئيس عبد الناصر ثم ركّز على نقطتين مهمتين هما الأمن المشترك وضرورة تنسيق المواقف الخارجية. وبعد أن أعطى أمثلة على التحديات التي تواجه تجربة الوحدة، تمنى أن يبقى دور لبنان بين اشقائه هو دور الديبلوماسي المكلف بأن ينقل صورة العرب الى الخارج".

تلك المحطة التاريخية ذكرّت يومها بمواقف الأمير فخر الدين من التدخلات في الشؤون اللبنانية والإملاءات عليهم، أما اليوم فنعيش محطة تستذكر المحطتين وإن اختلفت الظروف والمعطيات إلا ان النتيجة تبدو واحدة وحدة لبنان قبل كل شيء.

البداية من المعطيات الاقليمية، حيث تعود سوريا إلى ما كانت عليه قبل الحرب فيها بدعم روسي عسكري مباشر ودعم من محور المقاومة، وما يقال انه انتصار عسكري هو في الحقيقة عودة إلى ما قبل العام 2011 بتنسيق روسي – اميركي على طريقة لا غالب ولا مغلوب، ينتظر اللمسات الاخيرة على اتفاق جيوسياسي جديد لبدء مسيرة إعادة الإعمار وهو ما انعكس على لبنان طبعاً خلال الحرب عبر موجات النزوح السوري إلى الداخل اللبناني والإنقسام السياسي اللبناني حول ما يجري والتدخلات العسكرية هناك من أطراف عدة، إلا أن نجاح الجيش اللبناني والقوى الامنية اللبنانية في إبقاء الحريق بعيدا عن الداخل اللبناني ثم تحرير الأرض بإجماع وطني قلّ نظيره في تاريخ لبنان، وإرساء معادلة ان الجيش حامي الحدود والوطن في ظل رئيس قوي اعاد للجمهورية هيبة عسكرية وسياسية اشتاقت اليها، حمت لبنان من آتون النار الذي كان مطلوباً أن يزجّ به، ليتحول إلى إطفائي له.

قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية ذكرت في إحدى المقالات انه الوحيد المؤهل للقيام بوساطة وحوار غير مباشر بين المملكة العربية السعودية وإيران لحل مشاكل المنطقة والوحيد القادر على التقريب بين العرب والمقاومة اللبنانية، وان قوته المنبثقة من شخصيته العسكرية والتمثيل الشعبي الجارف والكتلة النيابية التي يترأسها هي التي تجعل منه حاجة للوطن والمحيط في آن معاً.

بعد سنة على عهد ميشال عون أثبت العماد أنه أعاد للبلد العربي الأصغر قراراً حرّاً وسيادة غير مسبوقة، وأنه من قصر بعبدا وليس من لقاء على الحدود، قادر على إدارة التوازنات المحلية والاقليمية، بحكمة ودراية وشجاعة حيث جعل لبنان يتموضع ليتحول من الحلقة الاضعف إلى عامل الاستقرار الاقليمي، وان يكون دوره عربياً بين المقرّرين وليس تابعاً وحاضراً أو متلقياً، خصوصاً بعدما استثمر الرئيس صداقات لبنان لمصلحة لبنان وليس لمصلحة شخصية أو حزبية، وما جرى في الأسابيع الأخيرة وأزمة استقالة الرئيس الحريري يؤكدان ان لبنان أوصل رسالة إلى كل من يعنيهم الأمر انه مؤسس وجزء من الجامعة العربية ولا يقبل الإنتقاص من سيادته، ولا يتلقى تعليمات من أحد، وهو حريص على أفضل العلاقات مع كل العرب وتحديداً المملكة العربية السعودية ودول الخليج (كانت أول زيارة خارجية للرئيس إلى السعودية)، كما أثبت لبنان ميشال عون انه بات حاجة لكل الاطراف الداخلية الملتزمة إقليمياً والمأزومة سياسياً واقتصادياً لأسباب عدّة، فيما هو يفكفك العقد، ويتلقف الضغوط السعودبة والخليجية الهادفة إلى خلق توازن في المنطقة مع إيران، وما حل عقدة إستقالة الرئيس الحريري بالشكل التي حلّت فيه إلاّ تأكيد على تصميم وحرص الرئيس عون على العلاقة مع السعودية وحرص السعودية على العلاقة مع لبنان، وما رسائل الملك سلمان وولي العهد الامير محمد المهنّئة بالاستقلال إلاّ إعادة الأمور إلى نصابها مع أمل بتسوية يقودها لبنان الديبلوماسي متّكئاً على صداقاته الدولية لمصلحة لبنان أولا و كل العرب.

إن تأكيد لبنان انه يرفض الإعتداء على أية دولة عربية وتحديداً السعودية إنطلاقاً من لبنان، وإعادة فتح القنوات السعودية مع لبنان سريعاً عبر تجاوب الرئيس الحريري في التريث في تقديم إستقالته، تبدو خطوات تشي بوساطة إقليمية يقودها لبنان والرئيس عون محورها، لحلّ الوضع السياسي والإقتصادي المأزوم والخطير الذي لم يعد البلد ولا الإقليم يحتملانه.

في ذكرى الإستقلال الـ 74 وبعد مرور 58 سنة على "خيمة الجنرال فؤاد شهاب" تظلّل لبنان اليوم خيمة من حكمة الجنرال ميشال عون، نجحت في ردّ العواصف عن لبنان الذي استعاد دوره السيّد الحرّ المستقلّ...

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة